فيما يبدو أن هذا الملف لن ينتهي إلا بالانتهاء من هذا المشروع العملاق الذي صعد العديد من القضايا في المنطقة وجعل الدول ما بين المؤيد والمعارض وفيما يبدو أن سد النهضة الذي تغيرت خططه من سنة لأخرى وخاصة سعة توليد الطاقة والاسم من الألفية للنهضة وفترة الانتهاء من عمله من خمس سنوات لسبع الآن وزيادة عدد التوربينات! قد يدخل التاريخ من أوسع أبوابه كصاحب أطول مفاوضات في التاريخ!

خلال هذا الأسبوع وفي العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بدأت لقاءات خاصة حول ملف سد النهضة الإثيوبي بمشاركة كل من وزراء الري بدول السودان وإثيوبيا ومصر، وكانت اجتماعاتهم حول الدراسة الفنية (أو كما يسمى تقرير اللجان الفنية والاستشارية) الخاص بسد النهضة وذلك للنظر في النقاط الخلافية، بشأن تقرير اللجنة الثلاثية للتداول حول المسائل الفنية لدراسات آثار السد على دولتي السودان ومصر وأعتقد أن السودان ليس بمتضرر حسب الآراء الرسمية السودانية واستمر الاجتماع يومًا واحدًا وكان هنالك مؤتمر صحفي مشترك بين الوزراء الثلاثة ولكن لا حياة لمن تنادي.

وتحدث وزير الري المصري محمد عبد العاطي عن قلق بلاده من تأخر البدء في إعداد الدراسات الخاصة بالآثار المحتملة لسد النهضة الإثيوبي على دولتي المصب (مصر والسودان) وهذه الدراسة لم تقلق إلا مصر فيما يبدو ولكن السودان فيما يبدو مؤمن الظهر ويعلم ما سينتظره من هذا السد والذي صرح به مرارًا وتكرارًا لأهميته لأرضه ولشعبه.

وكانت أهم النتائج التي تحققت لأديس أبابا زيارة موقع بناء سد النهضة والوقوف على عملية البناء والجوانب الفنية ومقابلة الجهات التي تقوم ببناء السد من قبل الوزراء الثلاثة والتعرف على العديد من الجوانب التي تجعل التعاون ضروريًا من أجل الاتفاق والعمل على إكمال المناقشات حول التقرير الأولي للمكتبين الاستشاريين، وبهذا تكون أديس أبابا قد كسبت جولات أخرى من مفاوضات سد النهضة عقب الزيارة الأولى للوزير المصري السابق حسام مغازي لموقع السد والتي قوبلت بهجوم إعلامي من القاهرة ورفض باعتبار تلك الزيارة التي قام بها مغازي والتي اعتبرها البعض اعترافًا بالسد وأحقية إثيوبيا ببنائه!

وفي مؤتمر صحفي أكد وزير الري المصري التزام مصر باتفاق إعلان المبادئ الذي وقع في الخرطوم في مارس 2015، وقال إن مصر ظلت تتابع عمل اللجنة الثلاثية خلال الفترة الماضية والقضايا العالقة، ما دفع مصر للدعوة لهذا الاجتماع الوزاري من أجل دفع العملية التفاوضية إلى الأمام وتخطي العقبات التي شهدتها.

إذا كان الأمر هكذا لماذا إذًا بعض الجهات تعترض؟ ولماذا عندما يقوم وزير مصري بزيارة للسد أو لأديس أبابا ومقابلة المسؤولين في اجتماعات تعترض بعض الجهات؟

وزير الري السوداني معتز موسى دعا إلى ضرورة التعاون بين البلدان الثلاثة وقال إن نهر النيل يجب أن يكون مسار تعاون لشعوب الدول الثلاث وحث على ضرورة تشجيع الإعلام لدعم التعاون بين الدول الثلاث! هنا أيضًا الوزير السوادني دعا الإعلام أي إعلام سعادة وزير الري السوداني هل هو الإعلام المصري أم السوداني أم الإثيوبي؟

عقب انتهاء الاجتماعات بعض الجهات قالت إن الاجتماعات لم تكن موفقة ولكن إثيوبيا على لسان وزير الري الإثيوبي الدكتور المهندس سلشي بقلي قال إن الاجتماعات كانت مثمرة للجميع وإنه تم وضع خارطة طريق سيتم الإعلان عنها قريبًا!

إذًا لصالح من كانت مثمرة لإثيوبيا أم لمصر أم للسودان أم للدول الثلاث؟ إذا كانت مثمرة لماذا لم يتم الإعلان عن خارطة الطريق التي تم الاتفاق عليها لوسائل الإعلام التي وجه لها الوزير السوداني الدعوة لتعمل لدعم التعاون.

دومًا مفاوضات واجتماعات ملف النيل وسد النهضة الإثيوبي خاصة ما تكون مثيرة في بادئ الأمر وتنتهي بدون تفاصيل بل في ظل تعتيم وغموض لما توصلت إليه الأطراف وأحيانًا في اعتراض الجميع أو انسحاب إحداها.

فيما يبدو أن القادم سيكون أفضل لهذا الملف وخاصة أن السد أوشك على الانتهاء في ظل طول فترة الاجتماعات والتفاوضات وقد نتفاجأ بالانتهاء من السد قبل الانتهاء من أي مفاوضات والوصول لنتيجة إيجابية أو سلبية بصورة واضحة وقناعة من جميع الأطراف!

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد