خبر عاجل: وفاة فلان الفلاني الشخصية العامة الشهيرة (سياسي، ممثل، مطرب، روائي، شاعر… إلخ) لحظات قليلة وينتشر الخبرعلى الفضائيات، الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، ثم يبدأ التراشق بين مؤيدي ومحبي هذا الشخص، والمختلفين معه.

يتمسك المؤيدون بالمقولة الشهيرة – “اذكروا محاسن موتاكم”- التي يظنونها حديثًا شريفًا، وهي في حقيقة الأمر حديث ضعيف، وبقليل من البحث نكتشف هذا، أما المختلفون فتختلف أسباب هجومهم وانتقادهم لهذا الشخص.

ولفض هذا الاشتباك الدائر بين المؤيدين والمختلفين، لا بد من وضع عدة أسس نحكم من خلالها على الشخصيات العامة بعد رحيلها عن الحياة، وسيكون ذلك من خلال طرح عدة أسئلة ثم الإجابة عليها:

1- لماذا يجب علينا ذكر مساوئ موتانا؟
2- من هم الموتى الذين نذكر مساوئهم؟
3- ما هي الأسس التي يجب اتباعها عند ذكر مساوئ ميت ما؟
أولًا: ينبغي الإشارة إلى نوعية الموتى الذين يجب علينا ذكر مساوئهم: هم كل شخصية عامة تحظى بقدر من الشهرة. إذن عندما يموت رجل بسيط من الآلاف الذين يموتون كل يوم في القرى والمدن والنجوع، لا ينبغي أن تطبق عليهم فكرة هذا المقال، وهي ذكر مساوئ الميت.

ثانيًا: يجب ذكر مساوئ موتانا من المشاهير فقط، حتى لا نقع في الأخطاء التي وقعوا فيها، وليعرف المشاهير أن التاريخ لن يرحم أحدًا، وأن الشهرة وحدها لا تحمي صاحبها من توجيه سهام النقد إليه سواء كان حيًّا أو ميتًا.

ثالثًا: لا ينبغي ذكر مساوئ ميت من المشاهير إلا باتباع هذه الأسس:

– عدم التطرق مطلقًا إلى العلاقة بين الشخص وربه من الناحية الدينية سواء كان مؤمنًا، كافرًا أو حتى ملحدًا.
– ينبغي التفريق بين موهبة الشخص (فنية، أدبية، رياضية… إلخ) ورأيه السياسي الذي أصبح بموجبه شخصية عامة؛ فالموهبة مردودها إلى النقاد والموهبين في كل فن من الفنون السابق ذكرها حيث يتم تقييم المنجز الإبداعي للشخص على أسس علمية مدروسة باتباع نظريات نقدية معمول بها في العالم أجمع، وإن كان من حق المتلقي العادي إبداء رأيه في هذه الموهبة، ولا يمكن إغفال اختلاف الأذواق في الحكم على موهبة ما.

أما عن رأيه السياسي؛ وهو السبب الرئيسي لكتابة هذا المقال، وعنوانه – الذي ربما يكون صادمًا للبعض- “اذكروا مساوئ موتاكم” هو ما أردت أن أؤكد عليه أنه ينبغي ذكر المساوئ السياسية لأي شخص من المشاهير(حيًّا أو ميتًا)… قراراته، مواقفه، انحيازاته الخاطئة ينبغي ذكرها.

وقوفه مع السلطة في لحظة كان الناس في أمس الحاجة لمن يقف معهم ويؤازرهم.

ينبغي على صاحب الموهبة أن يعلم بأن الموهوبين كثر، فإن كان هو من بينهم حظي بالشهرة والمكانة العالية فبفضل الله أولًا، ثم الناس الذين فضلوه على الموهوبين من جيله واختاروه وصفقوا له ورفعوا صوره وصنعوا له هذه الجماهيرية والشعبية التي تميزه عن باقي الموهوبين، ينبغي أن يرد الجميل للناس الذين أولوه كل هذا الاهتمام بأن يقف معهم عندما يحتاجونه وينادي بمطالبهم ويتقدم الصفوف عندما يتطلب الأمر ذلك.

الغريب في الأمر أن كل أصحاب المواهب يتغنون دائمًا بالحرية وبالوقوف بجانب الفقراء والمهمشين والمظلومين ومع أول موقف واختبار حقيقي لتطبيق هذه الأفكار على أرض الواقع قليل منهم من يصدق في كلامه.

لذلك ينبغي انتقادهم وذكر مساوئهم أحياء أو أمواتًا، ليعلم الجميع أن الناس لن ترحمهم والتاريخ لن يرحمهم والله قبل كل ذلك سيحاسبهم وربما يسألهم عن شهرتهم… ماذا فعلوا بها؟

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد