ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان؛ لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.

الديباجه

جاءت المادة “5” من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان: “لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة.”

الاختفاء القسري والتغذيب

الاختفاء القسري: (ما وراء الشمس)

الاختفاء القسري هو الاختطاف أو أي حرمان من الحرية أيًا كان نوعه لأسباب سياسية يعمل مرتكبو أنواع الاختفاء القسري لحساب الدولة أو بعد الحصول على موافقتها  يتبعه رفض الاعتراف بالحرمان من الحرية أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان تواجده، مما يجعله خارج حماية القانون.

وتمثل حالات الاختفاء هذه التي لم تُحل والتي تفلت من العقاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ومن الضروري مكافحتها.

إن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة سلاح جديد لتخويف المعارضة السياسية للدولة في مصر رغم تجريم الدستور المصري لأي شكل من أشكال التعذيب واعتباره جريمة لا تسقط بالتقادم في المادة 52 التعذيب بجميع صوره وأشكاله، جريمة لا تسقط بالتقادم.

جاء تعريفه في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون.

 

تلك الممارسات ليست وليدة اللحظة وإنما هي نتاج 70 عامًا من الممارسة القمعية لأي صوت خارج إطار منظومة الحكم أيًا كان شكله أو أدواته التي لا تتردد في التذرع بمقتضيات مكافحة الإرهاب لتسويغ ممارسة التعذيب، ضحايا تلك الممارسات على وجه الخصوص نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين والمنتقدين.

الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع معدلات الاختفاء القسري والتعذيب لا تخرج عن كونها:

  • وجود إرادة قمع سياسية.
  • انعدام المتابعة القضائية أو تجريم أعمال التعذيب أو إساءة المعاملة.

ويعتبر الاختفاء القسري دليلاً على ضعف الأنظمة الحاكمة ومصادرتها لحرية الرأي والتعبير التي كفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في  المادة  لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية 19.

والدستور المصري في المادة  65″ حرية التعبير ولكل إنسان حق التعبيرعن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر”.

الاختفاء القسري جريمة بكل المقاييس لا يجوز أن  التذرع بأي أمر لتبرير تلك الجريمة ويجب أن تلتزم الدولة بفرض عقوبات ملائمة على كل من يشارك بالقول أو الفعل، فجريمة إخفاء أي شخص قسريًا – ولا شك أن كل حالة من حالات الاختفاء القسري تنتهك طائفة من حقوق الإنسان لا سيما الحقوق التالية:

  • الحق في أمن الشخص وكرامته.
  • الحق في عدم التعرض للتعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
  • الحق في توفير ظروف إنسانية في الحجز.
  • الحق في أن يكون له شخصية قانونية.
  • الحق في الحصول على محاكمة عادلة.
  • الحق في تكوين حياة أسرية.
  • الحق في الحياة “في حال مقتل ضحية الاختفاء القسري”.

رصد مركز النديم  119 حالة اختفاء قسري، بينما رصد مركز هردو لدعم التعبير الرقمي، 617 حالة منذ بداية حكمه وحتي 27 يونيو 2015.

 

  • د- محمد البرادعي

“في القانون الدولي يمكن لمجلس الأمن الإحالة للمحكمة الجنائية الدولية في حالة ارتكاب جريمة اختفاء قسري، حتى وإن لم تكن الدولة طرفًا في المحكمة”.

  • مختار منير، محام بمؤسسة حرية الفكر والتعبير.

الحالات تدل على وجود منهجية في إخفاء المواطنين لوضعهم كمتهمين في قضايا لم تغلق ولم يقبض على المتهمين فيها.

طالَب جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، بمواجهة ظاهرة الاختفاء القسري بدلاً من مواجهة من يحاول التحدث عن الظاهرة، على حد تعبيره.

 

التعذيب:

يحدث التعذيب عندما يقوم شخص في موقع السلطة بالتسبب عمدًا بالألم أو المعاناة بغية تحقيق هدف محدد من قبيل انتزاع المعلومات أو الاعترافات منك أو معاقبتك أو ترهيبك أو تهديدك.

فالتعذيب
•بربري وغير إنساني.

  • ومحظور وفق أحكام القانون الدولي.
  • ويتسبب بتآكل سيادة القانون ويقوض من نظام العدالة الجنائية.

تعريف التعذيب وفقـًا لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

المادة 1

لأغراض هذه الاتفاقية، يقصد “بالتعذيب” أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديًا كان أم عقليًا، يلحق عمدًا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أوتخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث – أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب يقوم على التمييز أيًّا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.

وثمة أسباب كثيرة تحمل الجلادين على عدم الخوف من التعرض للاعتقال أو الملاحقة أو العقاب، بما في ذلك الأسباب التالية:

  • غياب الإرادة السياسية، خاصة عندما تكون الحكومة وراء التعذيب.
  • إشراف زملاء الجلادين على التحقيقات ذات الصلة.
  • عدم وضع حقوق الإنسان على رأس أولويات الأجندة السياسية.

ودعت منظمة العفو الدولية التي توفير المزيد من الإرادة السياسية لدى الدول والالتزام بالقانون من أجل وجود آلية سليمة ومنصفة تتيح التحقق من واقعات التعذيب وملاحقة مرتكبيها كما أكدت على أنه لا ينبغي التسامح مع المعاملة القاسية والمهينة سواء انطبقت عليها واقعة التعذيب من عدمه.

 

الاعتقال التعسفي “حبس تعسفي”

بالرغم من أنه لم يضع القانون الدولى تفسيرًا واضحًا ومحددًا للاعتقال التعسفى إلا أن جمعيات حقوق الإنسان اجتهدت في وضع تعريف مبسط له.

يحتجز آلاف الأشخاص تعسفيًا كل عام بسبب ممارستهم حق من حقوقهم الأساسية التي تشمل، على سبيل الذكر لا الحصر، حرية الرأي والتعبير، أو الحق في مغادرة بلدانهم، أو لأنهم سجنوا بدون أن تحاكمهم سلطة قضائية مستقلة.

أي أنه اعتقال يخالف أحكام حقوق الإنسان التي تنص عليها الوثائق المكتوبة الكبرى لحقوق الإنسان.

أنماط الاعتقال التعسفي:

  • عندما لا يوجد أساس قانوني للحرمان من الحرية.
  • عندما يحرم شخص ما من حريته كنتيجة لقيامه بممارسة حقوقه وحرياته التي تضمنها له الدساتير والمواثيق الدولية.
  • عندما يحرم شخص ما من حريته كنتيجة لمحاكمة تتعارض مع المعايير المقررة للمحاكمة العادلة ف المواثيق الدولية.

المادة 9. من الاعلان العالمي لحقوق الانسان : لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفـًا.

 

تذكر تقارير منظمة العفو الدولية حول المعتقلين أنهم اقتربوا من رقم 12 ألف معتقل بينما يذهب جانب آخر من الحقوقيين المصريين إلى أن عدد المعتقلين في مصر وصل لحوالي 40 ألف معتقل ما بين معتقلين على ذمة قضايا ومعتقلين بدون تهم.

التنكيل بالمعارضين قضائيًا

أجرت المحاكم المصرية محاكمات شديدة الجور ضاربة بكل المواثيق الدولية والمبادئ الدستورية والقوانين المنظمة للتقاضي عرض الحائط، في حالات كثيرة على سبيل المثال:

  • خلال محاكمة الناشط علاء عبد الفتاح ومحتجين آخرين 6-2014 انعقدت المحكمة قبل ميعاد الجلسه بنصف ساعة وأطلقت الحكم غيابيًا ثم ألقت قوات الأمن القبض عليهم عندما وصلوا لحضور الجلسة.
  • وفي بعض الحالات غيرت المحكمة موعد ومكان إجراء الجلسة دون إعلام محامي الدفاع، كما حدث خلال محاكمة يارا سلام وسناء سيف في يونيو -2014
  • بجانب شكوى محامي الدفاع من تأخير حصولهم على ملفات القضايا ومنعهم من الاطلاع على بعض الأدلة والمعلومات الخاصة بالقضايا، وأحكام الإعدامات شديدة الجور غير المستندة على أدلة حاسمة وقاطعة “قضية قسم شرطة كرداسة – قضية الاعتداء على مركز شرطة في المنيا”

“لا يمكن أن يبقى الناس المقموعون على حالهم إلى الأبد. إذ أن التوق للحرية يتجلى في نهاية المطاف.”

مارتن لوثر كينج

 

بالأرقام مصر بعد “ثورة 25 يناير”:

جدول

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

المصادر

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
تقارير منظمة العفو الدولية
الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري
اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب
تقارير هيومن رايتس ووتش
عرض التعليقات
تحميل المزيد