«إهداء
إلى سلينترو المعادي
أهم مشهد في حياتي»
أعجبني إهداء الكاتب بقدر ما أثار فضولي!
يأخذنا مؤمن المحمدي في رحلة عبر مشاهد مرت على معظمنا مرور الكرام، فيما توقف البعض ليتأمل مشهدًا ما ثم انصرف لشغل أو انغمس مرة أخرى في الحياة دون أن يتذكر المشهد وملابساته.
هذا الكتاب يهدينا تذكارات من السينما، وتعايش معه مرة أخرى الأفلام بشكل مختلف ومتفرد. حبكة الكتاب قائمة في الأساس على إعادة النظر في مشاهد محددة من الفيلم أو العمل الدرامي، مع سرد معلومات جديدة ونادرة عن الأبطال أو ممثلي الأدوار الثانية والمساعدة.
تلك المعلومات التي قلما تصادفها في موقع أو مصدر إعلامي، وهذا ما ميز الكتاب حيث يحوي كنوزا من الحكايات الشيقة، والتي تجعلك منجذبًا لتكملة القراءة بشغف الحكاية الأولى نفسه. يبدو من السياق أن هذا الكتاب وعنوانه ألف مشهد ومشهد تتمة لكتاب آخر أو سلسلة كتب سابقة نفس الموضوع نفسه، وهو موضوع أثير لدي وأعتقد أنه محبب لعدد كبير من عشاق السينما والأعمال الدرامية.
يشرح لنا الكاتب في أول مشهد، وهو مشهد النهاية من فيلم «ريا وسكينة»، كيف صوروا المشهد بإمكانيات بسيطة وبطريقة قد لا نتخيلها، لكن المشهد ما زال عالقًا في أذهاننا كما أراد له المخرج ذلك، وبث في نفوسنا الرعب لما صاحبه من موسيقى تصويرية تتصاعد وتيرة النغمات مع تصاعد قلق الضحية.
من هذا المشهد فهمت كيف يكون المخرج عاشقًا لعمله، وكيف نقل الصورة الخيالية لأرض الواقع بشكل ترك أثرًا ما زلنا مع كل عمل يتناول سيرة ريا وسكينة نتذكر الغنوة «حسرة عليها».
في فيلم «شمشمون ولبلب» أو «عنتر ولبلب»، ولتغيير الاسم حكاية طريفة يرويها الكاتب، وكيف أن الفيلم كعادة تلك الأيام يبدو بسيطا وساذجا لكنه يحمل العديد من الإسقاطات السياسية، مثل حشر جملة معاهدة 36 في الاستعراض، الحارة التي تقف متفرجة طوال الفيلم على المقلب الذي يكدر به لبلب صفو عنتر أو شمشون، ويقال إن شمشمون اسم يهودي ويعود تغيير اسم البطل لعنتر بعد معاهدة كامب ديفيد، وذلك لعدم إثارة تحفز اليهود.
أما عن عنتر وقد قام بدوره سراج منير وهو لاعب ملاكمة ورياضي قديم، وكان يطلق عليه الاسم كاسم شهرة عرف به، خاصة بعدما قدم فيلم «عنترة بن شداد» قبل أن يعيد تقديمه فريد شوقي.
في «اللص والكلاب» يحكي لنا الكاتب كيفية تغيير سياق الحوار ونهايات بعض روايات نجيب محفوظ، حيث إنه أصر على عدم كتابة الحوار لرواياته، وكان لا يمانع في كتابة سيناريو وحوار الأفلام التي يكتب رواياتها آخرون،«اللص والكلاب» يحمل أسئلة كثيرة وإجابات قد تكون مريرة، ونهاية متوقعة، وإن تعاطف المشاهد مع سعيد مهران، ويقال إنها قصة حقيقية وتتناول قصة بلطجي مثقف وكان أن تعرض للخيانة من أحد صبيانه وزوجته فعاد لينتقم.
آخر ما تناوله الكاتب في معرض حكاياته كان فيلم «غريب في بيتي»، وحكى الكاتب بالتفصيل قصة اختيار نور الشريف بعد رفض عادل إمام للفيلم، وحكايات أخرى عن ظروف تصوير الفيلم والدويتو الناجح الذي أدى فيه نور الشريف وسعاد حسني أفضل أداء. يتعرض الفيلم لقضية مشكلة الإسكان، وهذه الفترة فترة الثمانينيات كانت ذروة المشكلة وتناولتها الدراما من أكثر من منظور.
أما ما يميز حكايات مؤمن المحمدي أنها حكايات طازجة، ما تكاد تقضم من الحكاية قضمة حتى تأتي على آخرها، وتستعد لالتهام حكايات أخرى. ويتجلى هذا في وصفه لسذاجة نور الشريف وسعاد حسني في الفيلم ووقوعهما في براثن النصابين من أول مشهد وحتى آخر مشهد في الفيلم. كتاب ممتع لا تشبع من قراءته مرات، ويحوي حكايات ومشاهد أخرى غير التي أوردتها هنا وجدير بالقراءة والتأمل.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست