لماذا تكررت كلمة الاصطفاف من قيادات التيارات المدنية في الخارج  مؤخرًا؟ هذا السؤال يدفعنا لسؤال آخر عن ماهية الاصطفاف وآلياته ومتطلباته ومقوماته بالنسبة لهذه القيادات؟

 

فإذا كانت الإجابة هي الوقوف جنبًا إلى جنب في الشارع فالأمر لا يحتاج إذنًا. ولا يحتاج تمهيدًا لذلك.. كل ما عليك فعله هو أن تحمل حقيبتك وتضع فيها كمامتك وزجاجة البيبسي والخل، وانطلق إلى أقرب مسيرة وأعدك أنك لن تجد هناك من يسألك عن انتمائك الأيديولوجي أو تاريخك الثوري، ولن تجد من يطلب منك السيرة الذاتية لمواقفك وأفكارك… فقط انطلق.

أما إن كنت تريد الاستئذان لتتحدث باسم الثوار إعلاميًّا، فقد فعلتها مسبقًا بدون استئذان أو ترشيح من أحد أو حتى تفويض على طريقة السيسي.

إن كان الاصطفاف يعني اعتلاءكم ظهور الثوار وأكتافهم مرة أخرى بعد عامين من الطعن فيهم أو السكوت على أفضل الأحوال، فلتعطونا سببًا واحدًا لقبول ذلك.

هل تحملون مفاتح إزاحة الانقلاب في جعبتكم وتملكون كتاب (كيف تسقط حكمًا عسكريًا)؟

هل تملكون جموعًا وحشودًا قادرة على الصمود في الشارع أمام مجازر تنفذ بالمدرعات والدبابات والطائرات مثل رابعة والنهضة ورمسيس وغيرها؟

هل لديكم طاقات إعلامية مفتوحة على عقول الشعب المصري الذى اختار البيات الشتوي – والصيفي معًا – والذي عاد إلى مقاعد المتفرجين على مباريات كرة القدم وترك الحديث بحنكة وخبرة متناهية في السياسة.

أما زلتم فعلًا تظنون أن صك الثورية الذي في جعبتكم ما زال صالحًا للاستخدام وما زال قادرًا على حشد الإعلام من أجلكم.

لم ننس دكتور البرادعي ولقاءه التلفزيوني السابق الذي ذكر فيه السبب الحقيقي لسقوط مبارك، وهو أنه عندما نزل ميدان التحرير فقامت قوات الأمن برشه بالمياه فثار الشباب وسقط مبارك.

هل ما زالت عقولكم تصور لكم أن دعوة أحدكم أو إحداكن لثورة على الأبواب هو إجراء كافٍ لإسقاط نظام عسكري يحكم بالدبابة والمدفع؟

وأن تويتة قادرة أن تهز أركان نظام ثبت حكمه بمليارات من الدولارات اشترى بها صفقات أسلحة لا حاجة لنا بها، وقطارات تصنع محليًا وتسهيلات لشركات من كل الجنسيات، ليحظى باعتراف حكوماتهم.

إن كنتم تملكون حلًا سحريًا فأهلا بكم مصطفين فوق أكتاف ثوار يواجهون لأكثر من عامين آلة عسكرية قمعية لا تقل في وحشيتها عن سوريا وكوريا الشمالية.

سنسمح لكم بالركوب فوق ظهورنا، والاصطفاف فوق رؤوسنا وجماجمنا وجثثنا المحروقة في رابعة والنهضة وأخواتهما. بل سنزوِّر من أجلكم التاريخ ونزيف عقولنا ونكذب أعيننا من أجل إنقاذ مصر.

وإلا فلتصطفوا أفقيًّا كتفًا بكتف مع من لم يبدلوا مبادئهم يومًا واحدًا.  اصطفوا بتواضع ولتتضرعوا لهم بأن يسامحوكم على اصطفافكم السابق مع الانقلاب ضد ديمقراطية حملتم مشاعلها يومًا وبشرتم لها، حتى صدقوكم فكنتم أول من أكل صنم العجوة بعد أن عبّدتم له مصر كلها.

نحن أيضًا لا نملك صك الثورية لنمنحها لكم، ولكننا نملك قلوبًا باتت في حاجة ماسة لموقف مشرف منكم يعيد لكم احترامكم فيها. افعلوا ذلك بتواضع واطلبوا ذلك بأدب.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

تحميل المزيد