تشهد أسواق المال والاقتصاد العالمية حالة اضطراب غير مسبوقة، حيث أصبح العالم يشهد ظروفًا صعبة لم يعشها منذ فترة كبيرة، وذلك بسبب التبعات التي سببها فيروس كورونا.
وفي ظل معاناة المستثمرين من هذه الجائحة الحالية وتأثيراتها، يتطلع الكثيرون إلى إمكانية إعادة هيكلة الاقتصاد العالمي ويتساءلون عن الخيار الأمثل للاستثمار الآمن في زمن ما بعد كورونا وعن إمكانية وجود فرص استثمارية وإستراتيجية آمنة يستطيعون فيها الحصول على دخل إضافي وعائد مالي من استثمار أموالهم ومدخراتهم. نناقش هنا خيارات عدة وفرص متاحة للاستثمار
الاستثمار في العقارات
الاستثمار في العقارات يعني تحويل المال أو المدخرات التي لديك إلى أصل عقاري، يعني أن تقوم بشراء قطعة أرض أو وحدة سكنية أو وحدة إدارية أو تجارية، وعملية الشراء هذه ليس بهدف السكن أو الاستخدام الشخصي، فمثلًا بعض الدول كتركيا مثلا تقدم إمكانية الحصول على الجنسية التركية عند شراء عقار فيها، وأيضًا دولة كسانت لوشيا كمبوديا: مولدوفا، اليونان، البرتغال. الجبل الأسود الولايات المتحدة. بلغاريا. كندا وغيرها العديد من الدول التي تمنحك الجنسية مقابل الاستثمار أو شراء عقار فيها.
يعد الاستثمار العقاري طويل الأمد يحتاج أحيانًا لعدة سنوات في بعض الدول لتسطيع تحقيق ربح جيد، ومن أشكال هذا الاستثمار: شراء عقار من أجل إعادة بيعه أو شراء عقار من أجل تأجيره إيجارًا سنويًا أوشهريًا أو يوميًا، ومن أشكاله أيضًا شراء أرض وتطويرها وإعادة بيعها أو تأجيرها.
كما قد يلجأ البعض إلى شراء العقار خوفًا من المغامرة بأموالهم والدخول في أي مشروعات سواء كانت صغيرة أو كبيرة، وخسارة رأس ماله لأي سبب، ويبقى السؤال هل الاستثمار العقاري آمن؟ كمان تنصحنا الكثير من شركات الاستثمار العقاري؟
الاستثمار عبر شراء العملات الرقمية
في الآونة الأخيرة أصبحت العملات الرقمية محط اهتمام الكثير من المستثمرين مثلًا: قام شركة تسلا باستثمار 1.5 مليار دولار في العملات الرقمية، وبناء على سعر عملة «البيتكوين» لليوم تكون قيمة «تسلا» من هذه العملة تعادل نحو 2.5 مليار دولار، بزيادة قدرها مليار دولار عن المبلغ المستثمر، ما يعني أن «تسلا» ستحقق ربحًا بقيمة 1.08 مليار دولار لو قامت ببيع ما تملكه من العملات الرقمية.
ما هي العملات الرقمية؟ هي عملات تطرحها وتديرها جهات رسمية أو مؤسسات مالية عملاقة مثل البنوك والدول على عكس العملات المشفرة التي بإمكان أي شركة مهما كان حجمها أن تطرحها وهذا ما حدث عندما ظهر البيتكوين كأول عملة مشفرة، يولي العديد من المستثمرين عنايةً كبيرة وخاصة بالاستثمار في سوق العملات الرقمية، ربما لأنه يتميز بالربحية والعائد الاستثماري العالي، ولكنه أيضًا شديد المخاطرة مقارنةً مع مجالات الاستثمار الأخرى بسبب التغير الكبير في أسعار العملات الرقمية يوميًا.
هل الاستثمار في البيتكوين آمن؟
تعد عملة البيتكوين من العملات المشفرة وقد تعرضت لتقلبات شديدة بين هبوط وارتفاع، إلا أن البعض يرى أن ذلك لا يمنعها من أن تكون الاستثمار الأكثر ربحية فهي تتفوق على أداء الذهب والنفط بالإضافة إلى مؤشرات الأسهم الرئيسية.
على الرغم من تلك التقلبات الحادة، تمكنت عملة البيتكوين من استرداد قيمتها المفقودة سابقًا وهي الآن ترتفع بمعدل مستمر منذ بداية العام.
بالنسبة للمستثمر المتحفظ فإن الاستثمار في البيتكوين لن يكون خياره الأمثل، لأنه يتطلب الكثير من المغامرة والجرأة والمجازفة.
عند تخطيطك للاستثمار في عملة البيتكوين يجب أن تعرف بعض الأمور وهي:
– ليس لها غطاء نقدي فهي تكسب قيمتها من التداول.
– تحفظ هوية مستخدميها ومعاملاتهم السرية.
– هي عملة عالمية وسعرها واحد وثابت في كل مكان في العالم.
– سهلة التداول لأن التعامل معها يتم أونلاين ومن خلال محفظات رقمية.
– يست بحاجة إلى جهة وسيطة مثل الحكومات والبنوك من أجل تنظيم عملية التداول.
إذا كنت تريد الاستثمار في بيع أو شراء البيتكوين، فإن هذا الاستثمار سيكون متوسط إلى طويل الأجل حيث أن التعامل مع العملات المشفرة بحاجة إلى صبر ودراسة ويجب أن تراعي أن الكثير من الدول تتعامل بحساسية شديدة مع العملات المشفرة وتحاول تجربتها ومطاردة مستثمرين فيها. لذلك يجب أن تعرف أولًا هل الدولة التي تعيش فيها تسمح بتداول العملات المشفرة أم لا؟
الاستثمار عبر شراء الذهب
يرى البعض أن الاستثمار في الذهب هو الاستثمار الآمن على مر العصور حيث تلجأ لشرائه جميع الدول والبنوك في وقت الأزمات، فهو يعد مخزنًا للقيمة ويحفظ الأموال من عوامل التضخم وغيرها. كما أنه يعد الأكثر استقرارًا، وحتى إذا حدث هبوط في سعره في فترات من العام، فإنه سيواصل الزيادة على المدى البعيد.
الاستثمار في سوق الأسهم
يذهب بعض المحللين أن الاستثمار في الأسهم هو خيار جيد، لأن أسعار الأسهم تتراجع في أوقات الأزمات وبالتالي توفر فرصة جيدة لاستثمارها في شركات ذات وضع مالي قوي بعد انتهاء الوباء.
وبالتالي سوف تتحقق الاستفادة القصوى من هذا الاستثمار، لأن امتلاك أسهم من أي شركة يجعلك جزءًا منها، ومع الوقت حين تزداد أرباح الشركة ونموها على المدى الطويل سوف تستفيد أنت أيضًا، ليس فقط بارتفاع سعر أسهمك بل وبأشكال عدة مثل توزيعات الأرباح التي تقدمها الشركة لمساهميها.
فيما يرى آخرون أنه في زمن الاضطرابات الاقتصادية، فإنك إن لم تراع حركة صعود وهبوط الأسهم، فإنك سوف تتعرض لخسائر كبيرة.
الاستثمار عبر الإيداع البنكي
يعتبر البنك هو المكان الآمن لبعض الناس باعتباره المكان الآمن لبعض الناس، حيث بإمكانه أن يضع فيه ثروته وكل ما جناه طوال حياته وهو مطمئن.
وبالتالي يعتبر الإيداع البنكي من الملاذات الآمنة طويلة الأجل، لكنه الأقل ربحًا، وبالتالي إن كنت تفضل هذا النوع من الاستثمار فعليك الاستثمار في سندات المؤسسات والجهات ذات التصنيف الائتماني المرتفع.
كما يمكن الاستفادة من حساب التوفير الشخصي والذي يميزه أنه بإمكانك التصرف بحرية بأموالك من سحب وإيداع في أي وقت تشاء. وهناك بعض البنوك التي تشجعك على فتح حساب توفير لك أو لأولادك من أجل تشجيع سياسة الادخار عندهم. ويتم ذلك من خلال إجراء سحوبات وهدايا تصل قيمتها أحيانًا للملايين، وتقدم العديد من الدول إمكانية الحصول على الجنسية مقابل الإيداع البنكي. ومما يميز الإيداع البنكي هو إمكانية الحصول على أرباح دائمة بدون المخاطرة برأس المال، وبتالي استقرار مالي.
الاستثمار في المجال الصحي والخدمات الطبية
خلق فيروس كورونا فرصًا كبيرة للاستثمار في مجال الرعاية الصحية، ولكن ليس في مجمل القطاع وليس في كل الشركات العاملة فيه، حيث إنه هناك تفاوت في هذه الفرص بالنسبة لطلب السوق. وقد بلغ حجم الإنفاق السنوي على مجال الرعاية الصحية في العالم حوالي 7.5 تريلون دولار.
وخيارات الاستثمار في القطاع الصحي هي إما في مجالات الأدوية أو مجال التكنولوجيا الحيوية حيث يعمل هذا القطاع مع بعض الشركات على تطوير لقاح كورونا.
هناك أساسيات تدعم الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية وهي:
– شيخوخة المجتمعات في الاقتصادات المتقدمة.
– ارتفاع الإنفاق على القطاع في الدول الآسيوية.
– كما أنه هناك مخاطر تنطوي على الاستثمار في مجال الرعاية الصحية وهي:
– المنافسة الحادة بين الشركات التي نشهدها في هذا القطاع.
– البيئة التشريعية التي تتغير بشكل كبير وشكل سريع.
– الحاجة التمويلية الكبيرة بالنسبة لشركات هذا القطاع.
الاستثمار في المشاريع الستارت أب
في ظل الظروف التي يمر بها العالم، و‘جراءات الحظر في كثير من البلدان وغموض مستقبل هذا الوباء، تعتبر معظم المشاريع التي تفكر أو تحاول أن تقوم بها من الصفر مليئة بالمخاطر وتبعًا للعرف المتداول في التجارة أنه كلما زادت المخاطر فإن الأرباح تزيد.
ويقول المثل إن أأمن مكان للسفينة هو المرسى ولكن ليس لأجل ذلك صنعت السفن.
المشاريع الناشئة هي مشاريع نتجت عن فكرة استطاع أصحابها التوصل إليها من خلال التفكير خارج الصندوق. وبالتالي ربما يكون تخصص صاحب المشروع بعيد عن مجال فكرة مشروعه.
وبالتالي ما يجب أن تعلمه عند رغبتك بالاستثمار فى إحدى الشركات الناشئة عدة أمور أهمها: توفر الخبرة الكافية لإدارة المشروع لدى أصحاب هذه الشركة حتى لا تتبخر أموالك نتيجة نقص الخبرات وعدم وجود سياسات للصرف.
وثانيًا: وجود سيولة مسبقة لدى أصحاب المشروع لتنميته ونجاحه وبالتالي ما بين التفاؤل والتشاؤم، الجميع في مفترق طرق وبحاجة إلى خلق فرص استثمارية تحرك رؤوس الأموال الراكدة.
لكن يتفق الخبراء والمتخصصون بالاستثمار على أن هناك استثمارات توفر فرصًا كبيرة في المستقبل في ظل هذه الظروف. لكنها تنطوي على قدر كبير من المخاطرة والمجازفة، وبالتالي فهي صالحة للمستثمر المخضرم والمحترف، أما بالنسبة للمستثمر الجديد أو الجبان فهي لن تكون الخيار الأمثل له.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست