كثيرًا ما يعتقد الإنسان أن الأمور باتت بين يديه، يتحكم بها كيفما شاء. ولكن بين ليلة وضحها وبين طرفة عين، تتغير وتتبدل الأمور.
فقد تأتى الأمور عكس ما كان يتوقعها الفرد، ولعل هذا الوضع قد ينطبق على حال الأميرمحمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية الآن، فقد كان طوال فترة حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحلم بحلم حكم المملكة العربية السعودية.
إلى أن جاء جو بايدن فتغيرت الأجواء السياسية، وبات الحديث عن الأمير محمد بن نايف ولي العهد السابق للمملكة العربية السعودية يطفو فوق سطح الحياة السياسية.
فهل يحدث ما لا يتوقعه أحد وتضغط الإدارة الأمريكية على النظام السعودى الحاكم بالمملكة ليطيح بالأمير محمد بن سلمان ويصبح ولي ولاية العهد الأميرمحمد بن نايف، ليصبح فيما بعد ملكًا للمملكة العربية السعودية بعد رحيل الملك سلمان الملك الحالي للمملكة.
خصوصًا وأن تقرير الإستخبارات الوطنية الأمريكية أشار إلى إحتمال علم الأمير محمد بن سلمان بعملية الإغتيال والقتل للصحفى السعودي جمال خاشقجى بتركيا بقنصلية بلاده بإسطنبول، وذلك بطريقة بشعة ومتوحشة، إنما تنم عن أن مدبرها يهوى الدم والقتل وسفح أرواح البشر، فكيف يؤتمن على شعب بأكمله ومملكة مترامية الأطراف.
ويأتى تاريخ الأميرمحمد بن نايف مؤهلًا لكسب ثقة الإدارة الأمريكية في دعمه ومساندته حيث أنه تلقى تعليمه في الولايات المتحدة الأمريكية، كما ترى فيه الولايات المتحدة الأمريكية حليفًا إستراتيجيا مهمًا في دعمها في مواجهة الإرهاب خاصة تنظيم القاعدة.
ولكن هل يستسلم الأميرمحمد بن سلمان بهذه السهولة، ويترك الأمور بيد الإدارة الأمريكية تتحكم كيفا تشاء في مستقبله ومستقبل المملكة، حتى ولو كانت تحركات الإدارة الأمريكية في صالح المملكة والشعب السعودى بت ولي الأميرمحمد بن نايف أمور السلطة في المملكة العربية السعودية.
أعتقد أن العناد لهو صفة أساسية لدى الأميرمحمد بن سلمان فلن يستسلم بسهولة كما يعتقد البعض، ولربما أدى تدخل الإدارة الأمريكية إلى أن يفقد الأميرمحمد بن نايف حياته أو على أقل تقدير صحته وعافيته نتيجة لإضطهاد الأميرمحمد بن سلمان له، فقد يفعل به مثلما فعل بخاشقجى، فقد فعلها مرًة وقد يفعلها ثانيًة.
والحقيقة إن أنسب الأوضاع والأمور في العلاقة فيما بين الإدارة الأمريكية الممثلة للولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية ويمثلها الملك سلمان وولده الأميرمحمد بن سلمان هو وضع أجندة محددة المبادىء والأسس فيما بينمهما يسير عليها الطرفان بإلتزام من كلا الطرفين.
وإذا أخل أحد الطرفان بمبادىء وأسس هذه الأجندة فيكون هناك كلام آخر من الطرف الملتزم تجاه الطرف المخل بإلتزامه.
فعلى سبيل المثال:-
الحريات وحرية إبداء الرأي في المملكة مكفولة للجميع بدون إستثناء، سواء للرجل أو المرأة. فهذا مبدأ هام على سبيل المثال يجب أن تلتزم به المملكة العربية السعودية، ويجب أن تعمل على تنفيذه بجانب طبعًا المبادىء الأخرى التى سيقرها الطرفان في أجندة الإتفاق. فإذا أخل الملك أو الأمير بمبدأ أو المبادىء المتفق عليها فلتتحرك إذًا الإدارة الأمريكية وليكون لها حق فرض الضغوط السياسية لتصحيح الأوضاع.
هذه هى أفضل الحلول التى يمكن ان تتعامل من خلالها الادارة الأمريكية في ظل رئاسة الرئيس الأمريكي جو بايدن، اما التدخل المباشر لفرض قيادة سياسية على شعب ما من شعوب المنطقة عامة وعلى الشعب السعودى خاصة لهو أمر جد خطير ولن تقبله الشعوب المتواجدة في المنطقة وخاصة الشعب السعودى.
كما أن فرض قيادة ما مهما كانت قيادة إيجابية وستنفع شعبها إلا أن ذلك سيكون بمثابة سابقة سياسية خطيرة في سجل العلاقات الخارجية الأمريكية. فأفضل الحلول هو الأجندة السياسية ومن يقدر على تنفيذها فهو من سيلقى الدعم السياسى والعسكرى والاقتصادى من الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست