دعني أحكِ لك قصة قصيرة منذ ولادتك، حيث تكون جديدًا في هذا العالم لا تعرف شيئًا إلا البراءة، ويبدأ العمر يتقدم بك فتتعلم الحروف الأولى ثم تدخل المدرسة وبعدها الجامعة، وبعد التخرج تختار حياتك التي تريدها، وهنا قد تدرك أنّه قد مر حوالي 17 عامًا من حياتك تدرس علومًا كثيرة ولا تعرف لماذا!

 

لابد وأنك استهنت بأمر كبير، ولم تعرف أنك تقرر مستقبل حياتك، وأنت لا تعرف كم نسبة استفادتك خلال حياتك الدراسية، فإذا كنت لا تكترث بوقتك فأنت لا تساوي شيئًا.

 


لماذا نتعلم؟

أقصد هنا التعلم بصفة عامة، وعندما سألت بعض الناس هذا السؤال لم أجد جوابًا يبشر بالخير فكان هذا ردهم:

 

– لكي أجد وظيفة وأكسب المال وأتزوج.

 

– لكي أحصل على شهادة، فالشهادة تجعلك ذا قيمة في المجتمع.

 

– لكي أحصل على مجموع مرتفع.

 

– هذا ما وجدنا عليه آباءنا وأجدادنا.

 

– لأن الكل يفعل ذلك.

 

– لا أعرف.

 

– لكي أنفع نفسي.

 

بالرغم من كل هذه الأجوبة، فمعظمهم يعرفون الغرض من العلم والتعلم، ولكن بداخلهم دافع آخر وأهداف أنانية يريد الحصول عليها وحده.

 

لماذا نتعلم؟ لكي تعمَل بما تعلّمت، وتفيد المجتمع الذي حولك، وتقدم كل ما تستطيع لتجعل العلم الذي تعلمته واقعًا ملموسًا.

 

بعد أن أصبحت نسبة المتعلمين في المجتمع كبيرة جدًا، يتخرج الكل في الجامعة وقد حصل على شهادته التي كان يحلم بها، وفي النهاية تجد أكثر خريجي الجامعة يعمل في وظيفة غير مرتبطة بشهادته، ولم يكن يحتاج لأن يضيع 17 سنة من حياته لكي يحصل على تلك الوظيفة، أنا لا أقلل من قيمة التعليم، نعم لقد استفاد في مشواره التعليمي هذا، ولكنه استخدم القليل جدًا مما تعلمه، وقام بوضع بقية الفائدة في شهادته الجامعية التي وضعها في مكان ليأكلها التراب.

 

 

لماذا أنشؤوا منظومة التعليم؟

قبل التعليم الجامعي الكل يتعلم علومًا موحدة، والهدف من ذلك أن تلك العلوم هي أساسيات يجب عليك أن تعرفها، فمن خلالها تفتح لك عالم العلم لتختار منه ما تحبه لتتعمق فيه، وعندما يتعلم المجتمع هذه العلوم الأساسية يكون مجتمعًا مدركًا ومثقفًا، أما التعليم الجامعي الهدف منه أن تتعمق وتكون ماهرًا في مجال معين.

 

فشل نظام التعليم

بالرغم من الأهداف التي قام عليها نظام التعليم في الوطن العربي، فلقد فشل بشكل محزن، هذا النظام العظيم في الشأن قد استهان به المجتمع، وبالطبع الأمور المهمة إذا أُهملت تحدث الكارثة.

 

بسبب الفساد المنتشر والأنانية المنتشرة في المجتمع، تحول هذا النظام من إنشاء أجيال تفقه وتتعلم وتبدع إلى إنشاء جيل يحمل الفساد والتخلف لينشره، وهذا أسوأ بكثير من اختفاء التعليم، لأنه إذا اختفى التعليم يكون المجتمع جاهلًا، وإذا انتشر التعليم على أساسيات فاسدة يكون المجتمع فاسدًا لا ينشر إلا الأخطاء والمصائب.

 

ولم يكتفِ النظام بالفشل في طريقة التعليم فقط التي تنتج أجيالًا ضائعة، ولكنه يضع قواعد تمنعك من تحقيق أهدافك، ومنها الظلم في تصحيح الامتحانات أو المعلم الذي يعمل بدون ضمير أو وضع قواعد ترغمك على الحصول على درجات مرتفعة جدًا لقبولك بالجامعة، وفي كل هذا الظلم يقف النظام بريئًا ويدعي المثالية بأنه لا يظلم أحدًا.

 

ويبقى لنا الأملُ الوحيد في هذا الوباء المنتشر بعضٌ من الناجين الذين يسلكون الطريق الصحيح، بعد أن أيقنوا الهدف القيم وراء هذا التعليم.

 

لماذا تتعلم على هذا النظام؟

 

نحن نتعلم على هذا النظام لأنه قائم على قواعد ثابتة ويلزمك بفترة زمنية محددة، هذا الأمر إيجابي لأنه يمنعك من التكاسل والتوقف عن التعلم. ولكنه يكون سلبيًا جدًا في مجتمعنا، فهو لا يقول لك الهدف من تعلمك أو الرؤية التي وراء هذه السنوات المتكررة من التعليم ولكنه يعاملك مثل الإنسان الآلي حتى تشعر بأنه مثل الأغلال ولا تشعر بأنه يريد أن يجعلك شخصًا جيدًا، وفي الجانب الآخر أنت تقلد من سبقوك دون أن تفهم.

 

 

ماذا لو تركت التعليم الروتيني؟

ماذا سيحدث إذا تركت جامعتك أو مدرستك؟ لماذا ستتركها؟

 

ستتركه لأنك على يقين بأنك لا تستطيع الاستفادة من هذا التعليم، وهناك طريق آخر تود أن تسلكه، أو ستتعلم بأسلوب مختلف، وسيكون هذا الطريق أفضل لك بكثير.

 

باستثناء رأيك الذي يحتمل الصواب، ورؤيتك لظروفك الاجتماعية التي جعلتك تختار مسارًا أفضل بكثير، سيقابلك المجتمع بعاداته وتقاليده التي بناها على كومة من التراب الزائف، وسيقول لك بأنك جاهل ولن يكون لك مستقبل أبدًا وسيكون الفشل حليفًا لك إذا تركت جامعتك أو مدرستك.

 

هذا المجتمع لا يسألك لماذا تريد أن تترك التعليم على هذا النظام، ولا يسألك ما الذي ستفعله بعدما تترك هذا النظام، هو لا يعرف ما الذي تريده ولكنه يكتفي بقول لا.

 

المجتمع يخاف من المخاطرة، ويبقى الكل همه الأكبر شهادة يعترف بها الجميع، نحن نخاف على النتائج وليس على قيمة ما نفعله، والخوف هذا في حد ذاته فشل أكبر من فشل المخاطرة.

 


 

ما هي أفضل طريقة للتعلم؟

 

هل تستطيع أن ترى بعين واحدة؟ نعم تستطيع ولكن سيفوتك بعض الأشياء وبالتأكيد ترى أوضح بالعينين.

 

لذلك استخدِمْ طرقًا مختلفة للتعلم لترى أفضل. أعتقد أن أفضل طريقة للتعلم هي التعليم الذاتي عن طريق الإنترنت أو قراءة الكتب أو الكورسات بكل أنواعها، فهنا يكون الدافع من داخلك لكي تتعلم، وتكون الفائدة أفضل، فلا تتوقف عند التعليم الروتيني لأنه غير كافٍ، أكمل ما ينقصك من العلوم، واستمتع بها بطرق مختلفة فالعلم لم ينزل في المدرسة فقط.

 

 

للأسف نحن نعيش بقيم مختلة، كل ما نفعله في حياتنا لا نعرف قيمته الحقيقة ولا نقدر أهداف ما نفعل، لا نعرف لماذا نفعل الأشياء ولكننا نفعلها، مثلًا نحن نقلد الموضة ولا نعرف لماذا، أنت تسمع الأغاني لأن الكل يفعل ذلك، أنت لا تعرف لماذا تستخدم الإنترنت ولا تعرف لماذا تضيع وقتك على مواقع التواصل الاجتماعي، لا تعرف لماذا تنام متأخرًا، ولا تعرف لماذا وقتك ضيق للغاية، نحن لا نعرف الكثير والكثير. لتعتدل القيم لدينا اسأل نفسك لماذا؟

 

 


هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد