مقدمة

تختلف آراء الناس حول الإعجاز العلمي في القرآن بين مؤيد ومعارض.

فالمعارضون يرون أن كثير ممن يتحدثون في الإعجاز العلمي في القرآن يقومون بتغيير معاني الآيات الأصلية، ويحملونها أكثر مما تحتمل ويربطون الثابت «القرآن» بالمتغير «العلم» ويتجاوزون حدود اللغة العربية ويربطون النص القرآني بالعلم بمنطق واه لا يخلو من الهوى والتزييف لخلق التوافق، وهذا يضر أكثر مما ينفع لأنه إن ثبّت أو دعا طائفة من الناس فإنه فور تغير العلم ينتقض إيمانهم الذي قام أساسًا على أساس خاطئ، بالإضافة إلى أن ضعف منطق الربط يوحي بضعف الحجة على القرآن. فمثلًا لو أنك تريد إثبات أن الشمس موجودة لما أحتجت إلى أن تغالي في إجراء تجارب لاستشعار الموجات الكهرومغناطيسية تحت الحمراء التي تصل إلى الأرض نهارًا، وتربط هذا الدليل العلمي الذي يتفق وارتفاع درجه حرارة الشمس، ففورًا يتبادر لذهنك! ولما كل هذا التعب يا صديقي؟ يكفيك أن تخرج صباحًا، وتنظر بعينك المجرده فترى الشمس ساطعة. إنما استخدام مثل هذه الطرق الطويلة أحيانًا يوحي بضعف الحجة أو صعوبة الاستدلال، وهو ما ليس قائمًا في حالة القرآن الكريم.

أما المؤيدون فيرون أن البيان القرآني ذاته استخدم كثيرًا الآيات الكونية كدليل على وجود الله سبحانه وتعالى، وعلى ربوبية النص القرآني، ولذلك لابد عن العمل على استمرارية هذه الآية القرآنية قائمة فننقل الإعجاز من مجرد النظر للطبيعة بعين المتأمل من الخارج إلى المدقق بعين العلم لنجد من القرآن إشارات لما يكتشفه العلم الحديث، أو دقة في بيان وصفه من قبل اكتشافه أصلًا، وفي ذلك مواكبة لنوع الإعجاز الذي يألفه العصر ويقيم حجية الآيات الكونية فيه، حيث أغفل إلف العادة أعين الناظرين عن الجمال والإحكام الواضحين اللذين كانا يعجزان عين الرائي على عهد نزول القرآن دونما الدخول في تفاصيل دقيقة.

بالإضافة إلى أن تطور التكنولوجيات العلمية الحديثة جعل الإنسان يظن أنه قادر على الأرض، فيخلق، ويبدع، ويصمم، ويتحكم، فبات يغفل عن الإعجازات الكونية القائمة فعلًا وتقل قيمتها في عينه ولدحض ذلك كان لابد عن الاستدلال من نفس مشكاة العلم لتظل معجزات القرآن المذكورة في الخلق والإحكام والإبداع قائمة على هذا المستوى العلمي؛ فيعظم الإنسان خالقه ويسبحه، ويظل مفتقرًا إليه، ويرتقي بذلك في درجات الإيمان، ولا يكون ذلك إلا للمؤمن. أما لغير المؤمنين فهي طريقه ناجعة ناجحة للدعوة إلى الله، ولابد عن استخدامها في عصر العلم فإن كل نبي كان يأتي قومه بمعجزات عصرهم ليبرهن على التأييد الإلهي له، ومن بديع حكمة الله جل وعلا أن أودع في رسالته الخاتمة معجزة العلم التي تظل قائمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ومن أهم الاستدلالات في هذا المعنى الآية الكريمة «سَنُرِیهِمۡ ءَایَـٰتِنَا فِی ٱلۡـَٔافَاقِ وَفِیۤ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ أَوَلَمۡ یَكۡفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ شَهِیدٌ»، «فصلت 53» حيث ذكر الإمام القرطبي في تفسيره لتلك الآية قولي عَطَاءٌ وَابْنُ زَيْدٍ: «فِي الْآفَاقِ» يَعْنِي: «أَقْطَارَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مِنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ وَالنَّبَاتِ وَالْأَشْجَارِ وَالْأَنْهَارِ»، وَفِي أَنْفُسِهِمْ «مِنْ لَطِيفِ الصَّنْعَةِ وَبَدِيعِ الْحِكْمَةِ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ». (1) ومما يتبين للقارئ أن استخدام الحق تبارك وتعالى لفظة سنريهم يشير إلى استمرارية تلك المعجزة قائمة دائمًا وأبدًا، فكلما ازددنا اكتشافًا ازددنا إيمانًا ويقينًا أنه الحق.

ولإصابة الفوائد ودرء المفاسد أرى أنه يجب من استخدام المنهجية العلمية في طرح الإعجاز العلمي في القرآن فيكون التناول محكومًا بالضوابط التالية.

1. التدقيق العلمي وذكر المصادر العلمية على كل معلومة علمية مذكورة.

2. عدم الإستشهاد من العلم الحديث إلا بما تم الاستقرار عليه بشكل كبير من الحقائق العلمية، مع الإشارة إلى أن فهم القرآن في هذه القضايا يتغير يتقدم الإمكانات العلمية، ولا حرج في ذلك، وأن الإعجاز العلمي أحد طرق اليقين، ولكن لا يجب أن تنبني عليه وحدة كل حجج المؤمن على صحة عقيدته.

3. الالتزام بقواعد وأصول ومعاني اللغة العربية، وعدم الحيود عنها للتوفيق بين المعني القرآني والآخر العلمي، وذكر المصادر التي ينبني عليها التصور اللغوي من معاجم لغوية.

4. الاستشهاد بالاستخدام القرآني لنفس اللفظة في القرآن الكريم؛ مما يثبت أو ينفي المعنى المطروح.

5. قوة البيان ووضوح الربط بين المعنى العلمي، والآخر القرآني، وعدم تدخله، أو رأى الكاتب إلا في التوضيح للحقائق لا لخلق منطق أو حقائق غير بينة.

وبناءً على ما تقدم من ضوابط نستعين بالله سبحانه وتعالى للبدء في سلسلة «الفيزياء والإيمان – الإعجاز العلمي في القرآن»، حيث سأستخدم نفس المنهج العلمي الذي نستخدمه في الأبحاث العلمية المنشورة في المجلات العلمية المحكمه دوليًا «كوني بفضل الله في الأساس باحثًا أكاديميًا متخصصًا في علم الفيزياء في إحدى كبرى جامعات العالم المدرجة في أول 60 جامعة عالميًا في تصنيف QS للجامعات» في تناول قضايا الإعجاز العلمي في القرآن داعيًا الله عز وجل أن يتقبل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به.

الآيات محل الدراسة

«فَلَاۤ أُقۡسِمُ بِٱلۡخُنَّسِ. ٱلۡجَوَارِ ٱلۡكُنَّسِ». «التكوير 15، 16».

الحقائق العلمية

الثقوب السوداء هي كمية هائلة من المادة المركزة في حجم صغير جدًا – مثلًا كنجم 10 مرات أكبر من الشمس مركز في حجم كرة بقطر مدينة نيويورك. وبالتالي ينتج عنها مجال جذب قوي جدًا، حيث لا شيء يفلت منه، ولا حتى الضوء. توقع أينشتاين في نظريته النسبية العامة وجود الثقوب السوداء، موضحًا أنه عندما تموت النجوم العملاقة تترك خلفها بقايا صغيره جدًا وكثيفة للغاية.

لا يمكن الكشف عن الثقوب السوداء بالملاحظة المباشرة بالتليسكوبات أو التقاط الأشعة السينية، ولكن بدلًا عن ذلك، يستنتج عمليًا وجود الثقوب السوداء نتيجه تأثيرها على الأجسام والمواد الأخرى القريبة منها. حيث إذا تحرك ثقب اسود فمر خلال سحابة من المواد بين النجمية، مثلًا فهو سوف يسحب المادة باتجاهه ويبتلعها في عملية يطلق عليها «التراكم accretion». يمكن أن تحدث عملية مماثلة إذا مر نجم عادي بالقرب من ثقب أسود. في هذه الحالة، يمكن للثقب الأسود أن يمزق النجم في نفس الوقت الذي يسحبة في اتجاهه. وعندما تتسارع المادة النجمية المنجذبة فترتفع درجة حرارتها، وتشع أشعة سينيه x-rays إلى الفضاء المحيط. وتقدم الاكتشافات الحديثة بعض الأدلة المحيرة على أن الثقوب السوداء لها تأثير كبير على ما يحيط بها من مادة – حيث تنبعث منها انفجارات قوية من أشعة جاما، وتلتهم النجوم القريبة، وتحفز نمو نجوم جديدة في بعض المناطق بينما توقفها في مناطق أخرى.

أغلب الثقوب السوداء تتكون من بقايا نجوم عملاقة تموت في انفجار سوبر نوفا، إذا كان النجم كبير كفاية «ثلاث مرات قدر كتلة الشمس» فمن المثبت نظريًا أنه لا يوجد قوة يمكنها الإبقاء عليه دون الانهيار تحت تأثير الجاذبية. لكن عندما ينهار النجم، يحدث شيء غريب. عند سطح النجم بالقرب من سطح وهمي يسمى «أفق الحدث»، يتباطأ الوقت على النجم بالنسبة للوقت عند أي ملاحظ بعيد. وعندما يصل السطح إلى أفق الحدث، يظل الوقت ثابتًا، ولا يمكن للنجم أن يكمل في الانهيار مجددًا بعد الآن – ويصبح كائن متجمد منهار.

كل المعلومات العلمية المذكورة أعلاة مترجمة بالنص من المصدر (2) دون أي تدخل من الكاتب.

الحقائق اللغوية

مادة خنس:

الخَنَسُ في الأنف: «تأخُّرُه عن الوجه مع ارتفاع قليل في الأرنبة وخَنَس إبهامَه: قَبَضَها». والمعنى المحوري تأخُّرُ الناتِئ الدقيق غائرًا في ما نَتَأ منه: كخَنَس الأَنْف وتَأَخُّر الإِبْهام بقَبْضِها. ومنْه «خَنَس مِنْ بَينِ أصْحابه: انقَبَضَ وتَأَخَّر واسْتَخْفَى/ تَوارىَ وغَاب». (3). وفي الحديث: «فخنس إبهامه»، أي قبضها وقد صرح عليه الصلاة والسلام بذلك فقال: «الشيطان يوسوس إلى العبد فإذا ذكر الله خنس» أي انقبض (4). ونخلص من ذلك لأن الخُنُوس هو الانقباضُ وَالِاسْتِخْفَاءُ (5).

مادة جرى

الجري: المرور السريع، وأصله في الماء أو ما يجري مجراه (4). وَهُوَ انْسِيَاحُ الشَّيْءِ. وَسُمِّيَ الْوَكِيلُ جَرِيًّا لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى مُوَكِّلِهِ. فَأَمَّا السَّفِينَةُ فَهِيَ الْجَارِيَةُ، وَكَذَلِكَ الشَّمْسُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ. وَالْجَارِيَةُ مِنَ النِّسَاءِ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا، لِأَنَّهَا تُسْتَجْرَى فِي الْخِدْمَةِ (6).

مادة كنس

المعنى المحوري تَنَحِّي ما كان ظاهرًا إلى جوف كِنٍّ يستره: كما تستِكنُّ الظباء في الكنُس. «فهي تنتشر على وجه الأرض ثم تَأوي ناحيةً إلى مكانسها». ومنه: «كَنَسَت النجومُ: غابت في مَغاربها» – «بعد انتشارها على وجه السماء». ومن ذلك الأصل: «كَنْس الموضع: كَسْح القُمَامة عن وجهه». فالكَنْس تنحية ما انتشر على وجه المكان، وإبعادُه وتغييبه (3).

فالْكَافُ وَالنُّونُ وَالسِّينُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ، أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى سَفْرِ شَيْءٍ عَنْ وَجْهِ شَيْءٍ، وَهُوَ كَشْفُهُ. وَالْأَصْلُ الْآخَرُ يَدُلُّ عَلَى اسْتِخْفَاءٍ. فَالْأَوَّلُ: كَنْسُ الْبَيْتِ، وَهُوَ سَفْرُ التُّرَابِ عَنْ وَجْهِ أَرْضِهِ. وَالْمِكْنَسَةُ: آلَةُ الْكَنْسِ. وَالْكُنَاسَةُ: مَا يُكْنَسُ. وَالْأَصْلُ الْآخَرُ: الْكِنَاسُ: بَيْتُ الظَّبْيِ. وَالْكَانِسُ: الظَّبْيُ يَدْخُلُ كِنَاسَهُ. وَالْكُنَّسُ: الْكَوَاكِبُ تَكْنِسُ فِي بُرُوجِهَا كَمَا تَدْخُلُ الظِّبَاءُ فِي كِنَاسِهَا. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: تَكْنِسُ فِي الْمَغِيبِ (6).

الاستخدام القرآني للألفاظ

 ذكرت مادة خنس في القرآن الكريم مرتين فقط وهما:

«مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ» «الناس. 4».

«فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ» «التكوير. 15».

وفي المرتين هي بنفس المعنى بالضبط وهو الانقباط والاستخفاء؛ مما يؤكد على أن المعنى المذكور لغة في باب الحقائق اللغوية يطابق المعنى الكتابي.

· أما مادة جرى فذكرت في القرآن الكريم 64 مرة سنذكر بعضها لتأكيد المعنى المذكور بالتحرك والانسياح دون مقاومة.

«وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ» «الشورى. 32».

«وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ» «يس. 38».

«فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ» «ص. 36».

«فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ» «المائدة 85».

أما عن مادة كنس فلم تذكر في القرآن قط إلا في موضع سورة التكوير محل الدراسة، وهو ما يجعلها كلمة خاصة لها دلالة خاصة في موضع ذكرها.

الاستنتاجات والمناقشة

في الآية موضع الدراسة يقسم الله جل شأنه بشئ عظيم من خلقه ، بإشارة من لغة العرب بما يفيد أن هذا الشئ في السماء. حيث ذكرالإمام الطبري في تفسيره أن من أقوال التفاسير في تأويل كلمة الخنس: أنها هي النجوم الدراريّ وذكر الإمام بالتفصيل من قال بذلك. (7) ولم يستخدم ربنا تبارك وتعالى كلمة النجوم مع هذا الشيء الذي في السماء، واللافت للنظر هنا أن لفظة «نَجْم» وردت 13 مرة في القرآن الكريم، وذكرت في مطلع نفس سورة التكوير محل الدراسة؛ مما يشير إلى أن «الخنس» هي أشياء مختلفة عن النجوم ولا شك.

من المعجز والمبهر هنا أن يتطابق الوصف العلمي للوصف القرآني اللغوي تمامًا، بحيث أنك لو حاولت تبديل الكلمة القرآنية بغيرها لما أستطعت أبدًا أن تصل للمعني المطلوب. فمما تقدم في الوصف العلمي للثقوب السوداء أنها لا يفلت منها الضوء، ولا يمكن الكشف عنها بشكل مباشر، وأنها مادة مركزة جدًا نتجت عن انقباض ماده كانت أكبر في الحجم، وهو ما تصفة كلمه «خنس» بشكل بديع بمعناها اللغوي المذكور: الانقباضُ وَالِاسْتِخْفَاءُ.

كما أن وصفها بالجوار لا يقل دقة وإحكامًا، فقد بين الوصف العلمي لها أنها تتحرك في الفضاء، وهو ما لا يصفه لغة إلا الأصل اللغوي، حيث يعبر عن الحركة والانسياح في وسط غير مقاوم، وتستخدم مع جريان السفينة في الماء، واستخدمها أيضًا القرآن الكريم مع الأفلاك السماوية كالشمس كما تبين سابقًا.

ويبلغ الإبداع والضبط والإحكام منتهاه في لفظة الكنس، حيث إن هذا تمامًا ما تفعلة الثقوب السوداء «كالمكنسة الكهربائية الحديثة» تكنس ما حولها لتبتلعه بداخلها، وهو ما يوضحه الوصف العلمي، ولا تجد أي تعبير لغوي آخر يحمل كل هذا المعنى الدقيق في كلمة واحدة، إلا لفظ «كنس» الذي يشير إلى تَنَحِّي ما كان ظاهرًا «الأجرام التي تحيط بالثقب الأسود» إلى جوف كِنٍّ «الثقب الأسود ذاته» يستره «يخبئه ويبتلعه بداخله».

فمما تقدم يتضح التطابق التام للألفاظ القرآنية للتوصيف العلمي بشكل مذهل ومعجز، ومن جوانب الإعجاز أيضًا أن نفس هذه الآيات لم يستحل على متلقي القرآن في أي عصر سابق أن يفهمها بالشكل الذي يناسب عصره. فربما لو كانت مفصلة كأنها تشرح الظاهره كمرجع فيزيائي لأستحال فهمها على مر العصور، ولكن ابداع الخالق العظيم وكل الإعجاز والإتقان أن تحمل كل المعنى بدقة رائعة، وأن لا تعجز الأفهام على مر العصور.

الخلاصة

نخلص مما تقدم أنه يتضح بما لا يدع أي مجال للشك من الأصول اللغوية والتأصيلات العلمية والنظم القرآني المحكم أنه هناك اتفاق تام دون أي لبس بين ما أشار إليه القرآن العظيم الذي تكلم به الله رب العالمين على الحقيقة وحمله الروح الأمين ونزل على قلب رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من 1400 عام، وبين ما تم اكتشافه حديثًا منذ ما لا يزيد عن 100 عام. وأن اعجاز الإشارة القرآنية يكمن في إحكامها ودقتها بالإضافة إلى عدم استحاله فهمها في أي عصر ناهيك عن بلاغتها وإيجازها، حيث إذا حاول أي بشري وصف المعني العلمي المطلوب الذي ذكره القرآن في ثلاث كلمات فقط «الخنس الجوار الكنس» لربما احتاج أن يكتب ما لا يقل عن 10 كلمات، فلو استبدلنا بكل كلمة تعريفها المعجمي لأصبحت الجملة «المنقبضات المسْتِخْفَيات اللائي يمررن سريعًا وينسحن منحيات ما كان منتشرًا على وجه المكان في جوف أكنان تستره وتغيبه». ونهاية يتبين أن المقصود بما أقسم به الله عز وجل في الآيات محل الدراسة هو الثقوب السوداء بصفاتها العلمية التي نعلمها اليوم.

الخاتمة

هذا والله تعالى أعلى وأعلم، فنهاية القول، لا تعدو قول الله تعالى: «وَمَا یَعۡلَمُ تَأۡوِیلَهُۥۤ إِلَّا ٱللَّهُۗ». «آل عمران 7» ولم يكن ما تقدم إلا اجتهادًا يحتمل الخطأ والصواب. فما كان من توفيق من الله جل وعلا، وما كان من خطأ، أو نقص، أو سهو، أو نسيان، فمني ومن الشيطان. ولعل الله ينفع بهذا الجهد كما تقدم، أو يستخدمه الله كلبنة بسيطة ليضيف أو يعدل عليه أحد عباد الله بما أفاض الله عليه من علم فيتطور، ويصبح أكثر قوة وتماسكًا، أو يرده ويصبح من الاجتهادات التي نسأل الله فيها صدق النية وثبوت الأجر على ما أصابها من علة.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد