فهي كالفراشة الطائرة، لا تكاد تبرح مكانًا حتى تنتقل إلى غيره في لهفة وحنين، ولا تقضي من الوقت في قراءة عابرة بين السطور مثلما تسرح حواسها أمام التلفاز أزمانًا طويلة، دون أن يصيبها لفح من عناء أو ملل، ودون أن تحتفظ في ذاكرتها بما يستحق البقاء، فالذي يقرأ لا ينسى، فكيف ينسى منْ حديثه من قلب إلى قلب، ومن وجدان إلى وجدان، ليس كمنْ يشاهد ثم يرمي كل ما شاهده وراء ظهره.
لكم أهوى أن ترافقيني إلى قمم الطبيعة، نتذوق فلسفة الكون، نغترف من كنوز التراث ودرر اللغة، نرتوي من معاني الفنون والجمال، نغوص في حكايات ألف ليلة وليلة، فننسلخ من واقعنا لنقبل على عوالم حاضرة نعيش فيها ما نعيش، ثم نعرج على عوالم أخرى من نسج الخيال ننسى فيها ما عشناه، وما كان وما ينبغي أن يكون، ويستمر هذا المعاش ما دامت صلتنا بالحرف قائمة، وعهدتنا بالقراءة باقية، إلى أن يفنى المداد من الأرض فتنتهي الحياة وتذهب ريحها.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست