أضحينا في القرن الواحد والعشرين، ولم يعد أي شيء كما كان سابقًا، لا الكتابة على ورق البردي، ولا إرسال الرسائل عبر «الحمام الزاجل»، أو بعد عصر ما بعدها، «التلغراف القديم».

كل ما في الحياة له إيجابيات، والكثير من السلبيات، ونحن كبشر خلقنا الله بعقل، وفضلنا على سائر المخلوقات الأخرى؛ كي نميز بين ما ينفعنا وما يضرنا.

«ومع التطورات المستمرة ظهرت الحواسيب، وظهرت شبكة الإنترنت، والتي تم ربط غالبية الحواسيب في العالم بها، فقد مكنت شبكة الإنترنت الأشخاص من التواصل مع بعضهم، إمّا عن طريق المحادثات النصية والصوتية، ومؤخرًا ظهرت المحادثات المرئية أي أنه من خلالها يستطيع الشخص التحدث مع الآخرين بالصوت والصورة، في أي وقت وفي أي زمان ومكان».

اليوم وقد ظهرت أجهزة الهاتف النقال والحواسيب اللوحية الذكية بأنواعها المختلفة، والتي تم ربطها مع الإنترنت، ومن خلالها تمكن الجميع  من التواصل مع الآخرين بجميع الوسائل، سواء أكانت بالمحادثات النصية أو الصوتية أو المرئية وبجودة عالية.

ما أود التنويه إليه هو «البث المباشر»، وما أدراك ما هو! البث المباشر خدمة من أفكار مصمم «فيس مارك زوكربيرغ» للتواصل ما بين دول العالم، و لم يكن يعلم بأن معظم العرب سيتخدمون هذه الخاصية بأبشع صورها، بل وصل بها الموضوع إلى حد الانحراف، وبث مقاطع سيئة تضر بسمعة العرب والمسلمين بشكل خاص.

البعض يراه إيجابيًا، والكثير يعدهُ انحرافًا عن العادات والتقاليد العراقية، فما تبثه الكروبات عبر صفحات «فيسبوك» لم يعد يحتمل لما فيه من مشاهد تخدش الحياء وتمزق النسيج المجتمعي، أصبحت أفضل هوايات الشباب كيف يجلس في «كافيه»، وهو يشرب «النرجيله»، ويصنع بثًا مباشرًا، وكيف يتواصل مع صديقة أجنبية؛ لكي تقوم ببث مباشر له وهي في بلدها.

هذه العادات الدخيلة على مجتمعنا لم تأتِ من فراغ، الكبت والظلم وعدم وجود متنفس لهؤلاء الشباب هو ما أجبرهم على دخول هذا العالم غير الاجتماعي، وجعل منهم أشخاصًا منعزلين، انطوائيين، ليس لهم علاقة بالعالم خارج المنزل، بل ترى أحدهم يجلس على «فيسبوك» لأكثر من 16 ساعة يوميًا، وقد تجد أكثر من ذلك.

«أحمد فارس مهدي»، ابن السادسة والعشرين عامًا تحدث لي عن وضعه قائلًا:

«أقضي معظم يومي على الإنترنت؛ لأني لم أجد فرصة عمل أولًا، وبسبب الوضع الأمني المتردي في بلدي، لذلك أخشى الخروج من البيت، وأفضل البقاء في البيت، وأعلم أن هذا شيء ليس جيدًا، لكن تعلمون جميعًا بأن بلدي يفتقر لوسائل الترفيه والرياضة، سوى بعض «المولات» التي سأمت من التجوال فيها».

قصة أحمد تشبه قصص الكثير، وهناك من المدمنين من هم أكثر منه تصفحًا للإنترنت، وقد يصل لــ90 % بالمائة من وقته على الإنترنت، وقضية البث المباشر المنطلقة حديثًا لها الملايين من المعجبين، حيث إنها تجذب الكثير من المشاهدين، وكلكم اطلع على قصة المراهق السعودي مع صديقته الأمريكية التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي، وجاءت بملايين المشاهدات، وكانت هذه الانطلاقة لعشرات «الفيديوات» اللاحقة بنفس الإطار.

المطلوب هنا من إدارة «فيسبوك»، والقائمين عليه إيجاد حل لهذه الآفة المنتشرة، وبشكل لا يصدق، إما وضع شروط وقيود  تجبر المتصفحين على الالتزام بها، أو متابعة ما يبث على هذه الصفحات، وكلنا نعلم قيود فيسبوك على بعض المواضيع وإلغائها للصفحات التي تتحدث بشكل واضح عن الطائفية والعنصرية والمواضيع الإباحية؛ لأن ما يبث في تلك المواقع قد يرقى لمستوى الإباحية إن لم يتخطاها.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد