كيف يمكن للحركات الاجتماعية والتي لها بعد من أن تعطل الأحزاب السياسية؟!

ذلك أن تدويل عمل الدولة تحت تطور ظواهر مثل التحالفات والدبلوماسية، وحروب العالم، والمهيمنين، والقوى العظمى؛ من شانه أن يوجد مسارات للنقاش حول دور تلك الحركات في استيعاب النماذج اللازمة لفهم ديناميكيتها، وقدرتها على إيجاد توازنات مع مختلف القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، من خلال دراسة توجهات تلك الحركات وعلاقتها بالمستجدات الإقليمية والدولية..

فالحركة الإسلامية بعد الانتهاء المبدئي لموجة ثورات الربيع العربي، والتي جعلت من الحركة أداة لبلورة مفاهيم جديدة لصناعة مختلفة عن الفكر السابق، من خلال التعامل مع تلك الموجة بمزيد من الفهم من المتغيرات والإدراك للدور الذي ينبغي أن يؤسس لمرحلة جديدة قد تبدو بأنها غير ذات صلة بالواقع السياسي، ولكن للتعرف على ماهية الاستعدادات التي أدت إلى اندلاع تلك الثورات ومآلاتها، وما هو دور الحركة الإسلامية أو التيار/ التيارات الإسلامية بعد الانتهاء من تلك الموجة، في مواجهة التيارات التقليدية المناوئة لها كالقوميين واليساريين، على أن الفترة الزمنية في الثمانينيات إلى العقد المنصرم جعلت من تلك الحركة تتقوقع حول ذاتها، والبحث عن أدوار جديدة وبحلة مختلفة، ولكن في إطار ثقافي ينسجم مع المرحلة الراهنة وتداعياتها، ولن يكون ذلك ببعيد عن براجماتية الحركة الإسلامية كما أشار لذلك الشيخ/ راشد الغنوشي، وقدرتها على استيعاب المتغيرات الإقليمية والدولية..

ذلك أن الغاية من تلك الثورات ليست إسقاط النظام القائم واستبدال نظام جديد به غير ذي صلة بالنظام السابق، أو حتى أي علاقة إستراتيجية لقوى سياسية واجتماعية جديدة امتدادًا للنظام السابق، وبطريقة مغايرة عن الفكر السياسي والاجتماعي، من خلال أدوات وأساليب مختلفة عن سياقاتها، كي يتم التعامل مع “سوسيولوجيا التغيير الاجتماعي” من خلال الوسائل الملائمة لاستمرارية نظام أو إيجاد قنوات للتفاهم حول نظام يعتمد على التباينات في الرؤى وثبات بالمصالح، وإن اختلفت من مرحلة إلى أخرى.

في المقابل، كانت ولا تزال حركة القوميين العرب منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تحاول أن توسس للنتائج التي بلورت أفكارهم خلال تلك المرحلة، وعلاقتها بالتطور المتسارع في بنيوية العمل السياسي والاجتماعي في المرحلة الراهنة، مما جعلها أداة أخرى لإيجاد حالة من “التجانس الثقافي” لمواجهة تحديات العولمة، وقدرتها على استيعاب المفاهيم الخاصة بمآلات الثورات وحركات الاجتجاج أو الإضرابات التي تؤيدها أو المناهضة لها، كرديف أساسي لمنظومة السلطة والمعارضة والنظام القائم على التعددية، وإن كانت (ضمنية) أو ضمن سياقات متعددة، ومجالاتها المحددة هي التي تبرز من دورها أو تحد منها بحسب مقتضيات المراحل، شأنها في ذلك شأن التيارات الإسلامية.

مما سبق تتجلى أهمية الخروج بالنتائج التي أدت إلى التعامل مع الحركات الاجتماعية، باعتبار إطار عام للسياسات الاقتصادية والاجتماعية وفقًا لما يلي:

  1. محاولة استباق النتائج المحتملة للسياسات البديلة.
  2. تقييم عقلاني للسيناريوهات البديلة.
  3. التعامل مع النهج العقلاني للإصلاح التنظيمي والتغير الاجتماعي.
  4. أن القيم الاجتماعية تؤدي دورًا مهما في نجاح مختلف أشكال التنظيم الاجتماعي.
  5. إيجاد منظومات قوية من القيم والمعايير.
  6. استخدام نماذج اقتصادية إصلاحية لفهم تشغيل آليات السوق.. مع مراعاة الافتراضات الضمنية لتلك النماذج.
  7. الاعتماد على قواعد السلوك الذي يمكن أن يكون ضمنيًّا، ويظهر مدى التناقضات في المفاهيم التي قد ينتج عنها الاتجاه النقدي لليساريين الجدد.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد