لم يشهد الصومال مند الاستقلال 1960م، استقرارًا سياسيًّا كاملًا، وإنما شهد استقرارًا نسبيًّا؛ فالاستقرار السياسي ليس هو الحفاظ على الأمن فقط، وإنما هو مجموعة من التدابير السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تراعي حاجات الناس، وحقوقهم المشروعة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وهذه المطالب لا يمكن للأجهزة الأمنية، مهما بلغت قوتها، أن تستجيب لها أو تقمع المطالبين بها. فاستقرار الدول لا يقاس فقط بقوة أجهزتها، وإنما بمستوى انخراط شعبها في الحياة العامة، وثقته في مؤسسات بلاده، وما حدث في الصومال خلال السنوات الماضية هو تقوية الإجراءات الاحترازية المتمثلة في قوانين قمعية كثيرة سنتها حكومة «فرماجو»، للتضييق على مجال الحريات العامة.

لا يمكن أن يكون الاستقرار الحقيقي مصطنعًا أو سلطويًّا مرتبطًا بقدرة النظام على المحافظة على استمرار الأوضاع القائمة، وإنما هو نتائج طبيعية لحياة سياسية سليمة تتصارع فيها الأفكار والبرامج بوسائل سلمية؛ للتناوب على السلطة ولتوزيع الثروة بطرق عادلة، وما عدا ذلك لا يمكن أن يصنع أمنًا واستقرارًا، وإنما يؤدي إلى مضاعفة عوامل الانفجار السياسي والاجتماعي.

السلطة السياسية في الصومال حاليًا في حاجة ماسة إلى إعادة النظر في مفهوم الاستقرار.

وينقسم الاستقرار إلى عدة أقسام ومنها:

الاستقرار السياسي: والذي لا يعني البتة الاستحواذ على السلطة من قبل حزب أو مجموعة يربطهم رباط مصلحة أو غيره، وإنما يعني الاستقرار السياسي كل ما من شأنه أن يعود على الدولة بالنظام والدقة في العمل.

الاستقرار الأمني: إن الاستقرار الأمني أحد المقومات الأساسية للاستقرار وللتنمية الاقتصادية، فبدون الأمن لا يمكن تنمية الاقتصاد.

الاستقرار الاقتصادي: حيث يؤدي غياب الاستقرار السياسي والأمني إلى عدم الاستقرار الاقتصادي وتخبط في البنية الاقتصادية للدولة؛ مما يزيد طبقة الفساد.

الاستقرار الاجتماعي: إن غياب الاستقرا السياسي والاقتصادي والأمني قد يسببان غياب الاستقرار الاجتماعي، والذي يبدأ بالتفكك الاجتماعي للقبيلة.

هذه الأنواع من الاستقرار غاب عنا منذ ثلاثين سنة، مند انهارت الدولة المركزية، مضافًا إليها دولة «فرماجو»، وبالتالي فإن هذا الغياب أدى فعليًّا إلى عدم وجود مؤسسات مستقرة.

لا شك أن أحد الأسباب فيما آلت إليه الأمور في الصومال هو غياب الاستقرار، لهذا تسعى الشعوب والدول إلى بذل الكثير من الجهود لتحقيق الاستقرار، والذي يوازي استتباب الأمن والأمان للمواطن وللمؤسسات.

إن الاستقرار هو أحد أهم ركائز النجاح في المجتمعات ولا يمكن قيام أي دولة بدونه، ولا يمكن نجاح أي عمل أواستمراريته.

إن الوضع المعقد الذي يمر به البلد والتجاذبات الإقليمية والدولية تجعلنا نسأل كيف سيكون الاستقرار السياسي في الصومال؟

لكن في المقابل هناك عوامل لعبت وما تزال تلعب دورًا في غياب الاستقرار السياسي في الصومال أبرزها:

⦁غياب الاستقرار السلوكي السياسي في احترام للدستور والقانون، وعدم ممارسته.

⦁غياب المحكمة الدستورية.

⦁القبلية وأثرها في الاستقرار السياسي.

فعلى المستوي السياسي نجد منذ عام 2017م هناك أزمة غياب الاستقرار السياسي لدى أغلب الطبقة السياسية لطبيعة التحديات التي تواجه الدولة الصومالية، إذ إن عقلية «فرماجو» التي تحكم الصومال لم تكن عقلية بناء وإصلاح.

إن غياب الاستقرار السياسي في الصومال لم يكن موجودًا وإنما هو موجود منذ الاستقلال أو تاسيس الدولة الصومالية، وأنا أعتقد أن أزمة الغياب بدأت تنعكس سلبًا على الصومال بشكل مؤثر وواضح بعد استلام «فرماجو» للحكم؛ مما أفقد الدولة هيبتها وثقة المواطن بها، لذا نرى أن هده الدولة ستكون أسوأ من الدول السابقة، ولن تستطيع أن تحافظ على توازنها في ملفات كثيرة، ولذا لن يكون هناك أي تغيير حسب المعطيات الموجودة في الساحة، بما فيها الاستقرار السياسي الذي انعكس سلبًا على الاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد