بعد صراع مرير وقتال بين العشائر والقبائل الصومالية بما يقارب 14 عامًا، اتفق – بعض- زعماء الحروب الأهلية وقادة فصائل بإعادة وصياغة الدولة الصومالية من دولة اتحادية إلى دولة فيدرالية، وفي الآونة الأخيرة صدر قرار جديد – لم يكن مما اتفق عليه معظم الصوماليين أثناء مؤتمر المصالحة في كينيا عام 2004م- وذلك في حين كان المجتمع الصومالى مرسومًا من دول أجنبية، فظهرت فراسة النزاع والتفكك، فكل واحد منهم يزعم أنه على الحق – وإن كان بعيدًا عن طريق الحق والإصلاح- حقًّا فهناك ما يجري حول الولايات الخمسة الصومالية بخصوص الحكم والحكومة المركزية الشرعية، إنهم يريدون ولايات قوية وحكومة مركزية ضعيفة لكي يقرروا وينفذوا مصلحتهم الإقليمية! «حينا على هذا الفريق، وحينا على أولئك؛ لا غالب ولا مغلوب» كل واحد منهم وشي قوته بداخل بلد عانته التعسف لمفهوم الدولة! هكذا حال نظام الفيدرالي المؤقت مدورًا، فعثور قوة الدولة بفئة كانت طلوعهم ومجيئهم ما لا نعرف حقيقتهم الظاهرة أمر وجب النظر فيه، فالوقت والكلام يوضحان بزوال هذه الأحوال.
فهناك اتفاق بين الباحثين (الصوماليين) بعدم الالتحاق لماهية النظام الدولي والحكمي في وعي المجتمع الصومالي، وذلك بالتمسك بمفهوم النظام الفيدرالي، فترى أن المجتمع الصومالي – بأكمله – لم يحققوا جودة الفيدرالية ما بعد الحكم العسكري، بل ساندوا وظنوا أنهم أتوا بالكفاءة الفيدرالية، ثم إن التوجه السياسي بخصوص النظام الفيدرالي لبلد يشهد حالة ازدحامية وتشبث أراضيه ومجتمعه، وتفكيك أجزاء المجتمع بعنصر القبلي فمات وذهب وانقضى عنصر المبدأ والوطنية.
فالسؤال الذي يطرح نفسه، من الذي يدفع عجلة الفيدرالية في حكم الصومال؟
هناك فئة تدعم على أنها تربح وتشحم فصيلة الدم «الفيدرالية النظام»؛ فهم أسندوا لأنفسهم إعانة الفيدرالية فصوروا لغالبية الشعب الصومالي أن هذا النظام مرسوم ومجدد بحكم الصومال الرشيد، وليس الأمر هكذا، بل هو أعظم ما وراء الستار فإن مصلحتهم المنطقية هي التي تقود بأن يفكروا على هذا، فالشعب الصومالي بأكمله يجب عليه إمعان النظرة في هذا النظام الفيدرالي الغاشم.
الحالة وصفية للنظام الفيدرالي.
يندرج حال المسؤولين الصوماليين خاصة الولايات الخمسة الفيدرالية «هيرشبيلي، جلمدوج، جنوب الغرب، بوتلاند، جوبلاند» محتشم تحت الرذل السافل بين الفوضي والانفصام، لا حيلة ولا قوة في أوساط وطنهم، بل أغلبية الشعوب الصومالية متمردون بأعمالهم الغاشمة، فهاك الذي بلغ في الحمق مداه يحميه قوات أجنبية والتي تدفع الخفة بهبوط قوتهم، وتخريق عقليتهم الأمنية.
أجل، لماذا لا يتعلم رؤساء الصوماليين خاصة – الولايات الخمسة – بتاريخنا الأسود الذي مرت علينا حينًا من الدهر؟ وهل الأوضاع الإقليمية والظروف المحيطة ستدفع النزعة والتفكك البخصي؟ في حين يكون المجتمع الصومالي هو الوحيد في العالم الذي عاش طويلًا بما يقدر أكثر من ربع قرن بدون دولة! خوفًا لجيل الصومال أرضًا وأمة بأي حال يكون مصيرهم؟ ولكن الآن على سير التطور لأن الوقت هو الذي يعلمنا كيف يكون حال وجودنا.
ومن المؤسف جدًّا أن رؤساء الولايات الخمسة الفيدرالية، وجمهورية صوماليلاند لا يعلمون بأي طريق يكون مصير الشعب الصومالي، وليس لديهم رؤية أو إستراتيجية في المدى البعيد أو القريب لحكم البلاد، فصوماليلاند والحكومة الحالية يعرفون – كوضوح الشمس- مصير الشعب، ولكن غلبت عليهم شهوة تجرعهم لأموال الشعب ليلًا ونهارًا، أظن أنهم مسكرون بعد تتبع ما فعلوه على مدار الشعب. فليس عندهم إستراتيجية وتوجهات وعن ماذا يختلف عن خصومهم، بيد أنهم يعرفون من الاختلاف والتنوع أسماء الرؤساء وأسماء أعضاء القبائل، إلا أن هدف هذه الحكومة تصرف السياسة بعبارات رنانة ومنغمة لتضلل الشعب وتحصد الأصوات من بين أيديهم غفلة ثم تدفع الأبواب في وجوههم.
ومن جانب آخر فإن الولايات الخمسة الفيدرالية الصومالية الآن يستأصلون وحدة المجتمع الصومالي، وتفكيكه إلى أجزاء عدة ولا أعرف مدى فكرهم السياسي بأي شيء يضلل مصير الأمة؟ إلى أجل.
النظام الفيدرالي شجن مشتبك!
النزعة الوطنية والنظام الفيدرالي حسب ذاتيته وتصرفاته الخالصة لم يشب بفصيلته بأن يحسن الحكم على أمة كان عاملهم القبلي هو السائد في الحكم، وهو الذي يشكل منهجية الحكم؛ أضف إلى ذلك فإن الوضع الحالي للصومال ودور المجتمع الصومالي تجاه العملية الفيدرالية الغاشمة لا تحظى ببناء الدولة الصومالية الموحدة، فالأزمة الراهنة والإشكالية العظمى هي تساؤلات حول النظام الفيدرالي بأي حال يكون شكله؟ لأن الأغلبية الصامتة للشعب الصومالي هي القوة الذاتية القادرة لإنقاذ الصومال أمة وأرضًا؛ والحكومة المركزية الحالية حسب رأيها وفلسفتها السياسية ليست مؤيدة بالنظام الفيدرالي، لأنه يسيء ماهية الأمة وبث الفكرة للأجيال الصومالية الناشئة، فالمجتمع الصومالي وبناء الدولة الصومالية الموحدة تلك هلال يبحث بقمة أعلى صدر الأمة.
وفي الأخير، نرى ما يحدث في داخل الصومال، أن بعض الولايات الصومالية تتصارع حكومة المركزية في قضية الانتخابات، وسيادة الدولة، وسبب ذلك أن هناك جهات الخارجية تستفيد من مصلحتهم! إذًا؛ من أجل حياة الصوماليين، ومن أجل السلام الداخلي، هناك حاجة إلى الغرور الخارجي، مبني في غراسة وفسيلة النظام الجمهوري، بدلًا من النظام الفيدرالي.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست