“واحد الفضاء معاك يا أُسطى”
كانت هذه الجملة الشعبية هي أول ما طرأ على ذهني عندما طالعت هذا العنوان على المواقع الإخبارية العالمية.
“إيلون ماسك يحقق حلمه ويطلق تاكسي الفضاء”.
وبما أني كنت قد أنهيت لتوي تقريرًا إخباريًا يتحدث عن أزمة التاكسي الأبيض في مصر وكيف تحول المشروع إلى مشكلة بلا سبب وبلا حل، ثم وقع نظري على خبر هذا الإيلون، الأمر الذي جعل الأفكار والمشاعر تتخبط في رأسي بلا رحمة فبين التشكيك في قدرتي على القراءة من الأصل إلى البحث عن وسيلة للتيقن من أني على نفس الكوكب مع هذا الشخص.
ثم لم أجد حلًا أمامي لتهدئة البركان الثائر بداخلي إلا بدء التنقيب وراء هذا الإيلون ماسك .
إيلون ماسك الرجل الحديدي
جنوب أفريقي المولد أمريكي الجنسية استطاع في الثانية عشرة من عمره بيع أول برنامج له وكان عبارة عن لعبة اسمها بالستر في مقابل ٥٠٠ دولارًا، ارتحل إلى كندا ثم انتقل إلى أمريكا للدراسة في جامعة ستانفورد، في سن الثامنة والعشرين باع شركته الأولى بمقابل يزيد عن ٣٠٠ مليون دولارًا، ثم أسس ماسك موقع باي بال الشهير للتعاملات المالية عبر شبكة الإنترنت والذي باعه بعد عام واحد إلى المنصة الشهيرة إي باي في مقابل ١,٥ مليار دولار.
على الرغم من أن القصة تبدو حتى الآن عادية جدًا عن أحد عباقرة الإنترنت الذين جنو المليارات بكل سهولة، هل تعلم أن إيلون ماسك هو الملهم الرئيسي لشخصية توني ستارك الملياردير العبقري بطل سلسلة الرجل الحديدي الشهيرة؟ لماذا؟
فكر دائمًا كيف تفعل أشياء أفضل
يبدو أن الملياردير الشاب آل على نفسه أن يكون رجلًا يحقق الأحلام الكبيرة حيث حدد ماسك ثلاث مجالات رأي تحتوي على مشاكل جدية وعليه أن يعمل على حلها وهي الإنترنت والطاقة النظيفة والفضاء.
الطاقة النظيفة والمتجددة
بدأ إيلون طريقه الجديد بسعي حثيث للحفاظ على البيئة التي تكاد تعصف بالكوكب المسكين حيث أسس شركة تسلا موتورز لإنتاج السيارات الكهربائية تلك الفئة التي لم تلقى شعبية كافية على الرغم من تنافس عمالقة السوق لتقديم الأفضل، لكن عندما أنتجت الشركة السيارة (تسلا إس) صنعت طفرة في هذا المجال وحققت نجاحات مبهرة في عام ٢٠١٣ وأصبحت السيارة الأولى للمشاهير.
وفي سعيه للانتشار والتغلب على مشكلة الأسعار المرتفعة يعمل إيلون والذي يشغل منصب المدير التنفيذي والمهندس المعماري المنتج لسيارات تسلا قرر افتتاح مصنع جديد لإنتاج بطاريات الليثيوم بشكل واسع مما يخفض سعرها بالتالي سعر السيارات الكهربائية عامة مما يجعلها في المتناول حتى يتحقق حلمه في استبدال السيارات العاملة بالوقود التقليدي بسيارات حديثة تعمل بالطاقة الكهربائية.
لم يكتفي ماسك بالسيارات بل أسس شركة سولار سيتي أكبر مصنع لألواح الطاقة الشمسية المنزلية في الولايات المتحدة لتحقيق أهدافه في نشر استخدام الطاقة النظيفة.
الفضاء
سبيس إكس هي الشركة التي أسسها إيلون ماسك لتحقيق أهدافه الفضائية وبسرعة الصاروخ (فالكون٩) انطلقت الشركة لتحقق أهدافها وفي الشهر الماضي حققت الشركة إنجازين كبيرين حيث نجحت المركبة الفضائية (دراجون) في الالتحام بالمحطة الفضائية الدولية في مهمتها لنقل الأمتعة والمعدات ومنها أول طابعة ثلاثية الأبعاد تخرج إلى الفضاء، وبعدها بعدة أيام حصلت الشركة على تعاقد مع وكالة الفضاء الأمريكية ناسا بمبلغ ٢,٥ مليار دولار تقوم بموجبه سبيس إكس بإطلاق رحلات لنقل رواد الفضاء الأمريكيين إلى المحطة الدولية عبر كبسولتها الفضائية الجديدة (دراجون في ٢) و بذلك ستكون أول شركة خاصة تقوم بإرسال رحلات مأهولة بالبشر إلى الفضاء الخارجي.
ولن يكتفي الملياردير الشاب والذي يشغل منصبي المدير التنفيذي للشركة ومهندس التصميم بها بنقل رواد الفضاء فقط بل ينتوي تسيير رحلات سياحية إلى الفضاء للراغبين ويبدو أنه حصل على قائمة انتظار كبيرة خصوصًا وهي الشركة الوحيدة التي تذهب كبسولاتها إلى الفضاء وتعود سالمة.
مع هذه المرحلة وكنت قد اكتفيت من الرجل الذي يقوم بأعمال تعجز عنها دول بأكملها ولكن يبدو أنه لم يكتفي حيث أصرعلى مفاجأتي مرة أخرى عندما أعلن عن حلمه الجديد وهو استعمار المريخ! نعم المريخ أنت لم تخطئ القراءة.
حيث يرى إيلون أن الجنس البشري مهدد بالزوال نتيجة التدهور والأمراض والكوارث وللحفاظ عليه يجب استعمار الكواكب الأخرى بآلاف البشر.
عند هذه النقطة قفز إلى ذهني كل عناوين الأخبار والمؤتمرات التي كانت تتحدث عن خطط تعمير سيناء التي أعلنت عنها الدولة طوال ٤٠ عامًا ومدى التقدم الذي حدث فيها وعلى الرغم من الخيال الجامح الذي يتسم به مشروع ماسك إلا أن الظن المنطقي يقول أن حلم استعمار المريخ يبدو أكثر واقعية من حلم تعمير سيناء.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست