قبل سنوات قرأت كتاب «جدد حياتك» للإمام المفكر محمد الغزالي – رحمه الله – وكان من بين ما شد انتباهي المحور الذي كان تحت عنوان: اصنع من الليمونة الملحة شرابًا حلوًا.

يقول فيه: «و من يدري، رب ضارة نافعة، صحت الأجسام بالعلل، ورب محنة تحمل في طيها منحة، من يدري، ربما كانت هذه المتاعب بابًا إلى خير مجهول، ولئن أحسنّا التصرف فيها لنحن حريون بالنفاذ إلى مستقبل أطيب». من كتاب جدد حياتك

تذكرت هذا المحور من الكتاب وعلاقته بما تعايشه اليوم الإنسانية جمعاء من جائحة كورونا (كوفيد-19)، والتي أدخلت العالم كله حجرًا منزليًا جبرًا.

إن التحديات الناتجة عن أزمات هي بشكل آخر فرصة للإنتاج والتأقلم مع الوضع الجديد، بل قد تكون سببًا في خلق نجاحات وبناء حضارات، وهذا ما يقره عالم الاجتماع أرنولد تُوينبي 1975 – 1889 من خلال نظريَّته الشهيرة الخاصَّة بـ«التحدِّي والاستجابة» حيث يقول في تفسير ذلك: إنَّ المجتمعات لدى مُواجهتها تحدِّياتٍ بيئيَّة أو بشريَّة مُعيَّنة تستجيبُ استجاباتٍ مُختلفة، أي أنَّها تُواجه ذلك الحافزَ برُدودِ فِعلٍ تختلفُ من جماعةٍ إلى أُخرى، بعضها سلبيَّة وبعضها إيجابيَّة.

إن التحديات هي من تصنع الحضارة إذا ما كانت تحديات متوسطة بمعنى ليست سهلة ولا صعبة، فالتحديات السهلة لا تحرك الرغبة والاضطرار في التطور، كما أن التحديات الصعبة تؤدي إلى فشل أمام كل المحاولات. والعاقل يرى في هذه التحديات التي فرضتها الجائحة فرصة لفعل الكثير، وتحقيق تفوق وصناعة نجاح واكتساب أجر.

في هذا المقال جمعت بعض المقترحات التي نستطيع فعلها هذه الأيام اغتنامًا للوقت واكتسابًا للأجر.

  1. راجع نفسك

كثيرون يشتكون من أن روتين الحياة اليومي عادة ما يحول دون مراجعة أنفسهم والوقوف على إنجازاتهم وتحديث توجهاتهم، وهذا هو الحاصل، لذا تظهر فرصة الحجر وما تحمله من وقت مستقطع جبري قد يكون فرصة لاســـتخدامه كفرصة لتقييم حياتك.

في الواقع، هي فرصة لإعادة تقييـــم مكانك فـــي مهنتـــك وعلاقتك بأهلك وأصدقائك، وكذا التخطيط للمستقبل، فكـــر بهـــدوء ورويـــة، فأفكارك ستقودك للاتجاه الصحيح.

2. اكتساب معرفة

انتشرت في زماننا المنصات التعليمية والكورسات الافتراضية، والتي تحتوي على علم غزير وبطريقة مرتبة واحترافية، لا يكلف ولوجها سوى ضغطة زر على لوحة مفاتيح الحاسوب أو الهاتفّ، تتنوع هذه المنصات التعليمية عن بعد لتشمل جميع الاختصاصات والمهارات.

3. ليكن حجرك إيجابي

ونقصد بالحجر الإيجابي هو ما كان من تطوع وعمل وأفكار وواستحداث وسائل وابتكار آليات تنتجها أو تمارسها من أجل المساهمة في محاربة الجائحة، إن بالتوعية، أو المشاركة في النشاطات التي تساعد الناس في البقاء في بيوتهم.

4. استمرارية التعليم

في ظل غلق المدارس التربوية والقرآنية، حاول أن تتكيف مع هذا الغلق باستحداث (قسم، مدرسة قرآنية) في بيتك، ويكون هذا باتخاذ مكان مخصص لذلك واعتماد توقيت لتنفيذ نشاط القراءة.

5. اكتسب عادات جديدة

الحجر فرصة لنتعود على اكتساب عادات جديدة لم تكن تستطيع القيام بها أثناء الانشغال اليومي في سابق الأيام، قد تتنوع هذه العادات من حفظ للقرآن، مواظبة على المطالعة، رياضة، كتابة مدونات، استماع كتب صوتية، تعلم لغة جديدة.

6. اغتنام فرصة الحجر المنزلي لتحسين وتعديل بعض السلوكيات الخاطئة لدى الأبناء.

7. التخطيط لما بعد الجائحة

 من المتفق عليه أن الجائحة أثرت كثيرًا على أرزاق الناس والشركات، بل حتى البلدان، وكثيرون يقولون إن تأثيرها قد يمتد إلى وقت أطول، لذا صار من الضروري التفكير في آثار الجائحة حاليًا وآثارها على الأفراد والشركات في المستقبل لذا وجب التخطيط لأسوأ الاحتمالات، وأن نتمنى الأفضل.

لطالما كانت الأزمات هي مقدمات النجاح، ولطالما ساعدت على اكتشاف القدرات واستفزاز الطاقات، لذا فلنجعل من الأزمة فرصة، ولنخلق من الحجر أجرًا.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

علامات

أجر, حجر, كورونا

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد