لن أدخل في التشخيص، لواقع مر يقع تحت سياط الجور والظلم، الأستاذ والتلميذ كلاهما فيه مهان، والآلة الدعائية الاستبدادية وضعتهما أسفل سافلين تنكيتًا وتسفيهًا واتهامًا، وركزت نظرها على المربي لقتل النموذج في نفوس الناشئة.

تقويم إن كان لا بد منه كمرحلة في التخطيط فهو لعلاج الحاضر واستشراف مستقبل واعد نحلم به جميعًا وغد أفضل.

ما آل إليه واقع تعليمنا “العربي” ما هو إلا نتيجة حتمية لمخطط مدروس محكم لتدمير المجتمعات “المسلمة” والاستخفاف بالإنسان أينما كان، بالمقابل حكامنا يحرصون على أن يدرس أبناؤهم في أحسن المدارس وأن يتلقوا أحسن الرعاية الصحية والطبية والعلمية، بل وتختار لهم الرفقة و”أصدقاء الدراسة”.

ما نراه اليوم من تردي هو تراكم سنوات من الإخفاقات والإعطاب، أًريد بها بشكل أو بآخر الحصول على شعوب خانعة جهولة تابعة، قطيع تقوده “نخبة” مستفيدة، لنسمع باللجان تؤسس وتنفق عليها الملايين لاستهلاك نظريات جديدة واستيراد تجارب جاهزة لإلهاء الناس والتوهيم بوجود إصلاح، وما هي إلا مضيعة للوقت والجهد وتبذير الطاقات في ظل أزمة بنيوية عميقة تحتاج مدخلًا سياسيًّا واضحًا شرطه الأول الديمقراطية الحقيقية بداية قبل أي كلام.

مناسبة هذه المقدمة هي مبادرة ” #‏أستاذي_راك_عزيز‬” التي بدأت من تلاميذ بالمغرب وانتشرت بعدة دول حتى وصلت ألمانيا، تركيا، الجزائر، تونس، مصر، ودولًا أخرى.

مبادرة استثنائية وسابقة تاريخية لا شك ستترك بصمتها في قلوب ونفوس الكثيرين.

أن يفطن التلاميذ إلى جزء من المخطط ويقاوموه إلى جانب مربيهم خطوة مهمة جدًا رغم كل العقبات وكل هذا الكدر المنتشر، وأن يسعوا إلى إفشال سياسات “التجهيل” التي وضعت لأهداف استعمارية منذ أمد بعيد لتركنا متخلفين، نستعمل ما ينتجه غيرنا مبهورين به، بصناعته، بتكنولوجيته، باختراعاته، لهو جزء فقط.

وإن إعادة الحياة إلى العلاقة التي تربط الناشئ بمعلمه الخير، محبة واحترامًا وارتباطًا قلبيًّا، هو مفتاح لا شك لإطفاء العنف المنتشر هنا وهناك تشجعه الإشاعة والخبريات “المقصودة”.

المحبة، المحبة، المحبة هي ناظمة ضرورية وشرط أساسي لبناء إنسان سليم مستقبلًا.

وعودة إلى الحملة لم تجد لها بالإعلام الرسمي المغربي ولا العربي مكانًا، فلا يمكن بأي حال أن تشجع الاستبدادات الحاكمة الجاثمة هذه المبادرات الشعبية التي تضرب في العمق استراتيجياتها.

وهي الحريصة على خلق الصراع وإشغال الناس بعضهم ببعض في إطار “فرق تسد”، للتغطية على الملفات الكبرى وأصل البلاء والداء الذي تعانيه الأمة وتكتوي بناره الشعوب التواقة إلى الحرية والكرامة والعدالة.

إن قضية التربية والتعليم لمركزيتها في نهضة الشعوب تحتاج مقاربة جماعية لإيجاد صيغة مناسبة، تحتاج تضافر جهود، ووعيًا عميقًا بما يحاك لهذه الأمة وما يراد لها.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد