نعم نحن سوريون، أقف عند هذه الكلمة وأضع تحتها خطين، هل صحيح نحن سوريون؟! علامة استفهام أم علامة تعجب، أيًا كان شكل العلامة.
أين السوريون من بشار الأسد عندما قال: سوريا ليست لمن يحمل جنسيتها بل لمن يدافع عنها؟
الدفاع عن سوريا من وجهة النظام هي بقاؤه في السلطة ولو على حساب فناء الشعب السوري عن بكرة أبيه، وبيع سوريا للاحتلال الإيراني والروسي كما حدث.
إن ثقافة الإقصاء التي ابتدعها النظام على مر العقود السابقة تجد سندًا لها في بعض العقائد والأفكار.
الإقصاء السياسي للجميع إذا لم يكن من أنصار حزب البعث أو المتضامنين والمتعاطفين معه، والإقصاء الفكري ما لم تُسَوِّق لمفاهيم وأيدلوجية النظام الحاكم وتقوم بتسويق نظرية المؤامرة عليه وأنه في حالة حرب مع العدو الإسرائيلي، وأنه من محور المقاومة والممانعة.
بل إن الإقصاء الاقتصادي للمحافظات الأخرى من التنمية الإدارية والبنى التحية من مشفى وجامعات التي لم تصل للعديد من المدن والأرياف السورية جعلها من أوائل المنتفضين ضد النظام، وأيضًا التهميش للأكراد بعدم حصول العديد منهم على الجنسية السورية وعلى المناصب العليا في الدولة واللعب بورقتهم للضغط على تركيا، جميع العوامل السابقة أنتجت شعبًا منقسمًا طوليًا وعرضيًا حول المستقبل السوري، في ظل تعنت وتكبر من النظام الحاكم وتآمر القوى الدولية والإقليمية والصديقة، مع ضعف حاد من المعارضة السورية يصل إلى التآمر في بعض الأحيان.
لماذا لم نكن يدًا واحدة في مواجهة النظام وتحرير أنفسنا؟ مع العلم أن الأسباب التي تجمعنا ضد النظام كثيرة وقوية ولا يتسع المقال أو الكتب لذكرها لأنها تراكمت لعقود كثيرة.
هل التعليم البعثي الممتد من المدرسة حتى الجامعة والذي أنتج أجيالًا ذات خلفية فكرية بعثية استقصائية، أو من المدرسة الدينية المتمثلة في رجال الدين المطيعين ولو على حساب الدين، من السكوت عن مجازر النظام وفساد حكمه وتجاوزاته الأخلاقية العلنية، أو من القبضة الأمنية المتمثلة بخمسة عشر فرعًا أمنيًا في دولة لم يتجاوز عدد سكانها العشرين مليون نسمة، أو من تاريخنا المليء بالمجازر بحق الشعب السوري من مجزرة حماة المرتكبة في الثمانينيات عندما قامت جماعة الإخوان المسلمين بكسر شوكة الخوف الأسدي، بالإضافة إلى مجزرة سجن صيدنايا في عهد بشار، أو من غياب النخب المثقفة والتي تعلم بخطورة بقاء النظام الأسدي على شكله الحالي.
لماذا لم يتوحد السوريون في ثورتهم العظيمة على من ظلمهم وأهان خبزهم؟
هل النظام ذكي واستخدم الظروف السابقة لصالحه وأعدَ العدة؟ أم أن طبيعة الشعب السوري الصبر وعدم المطالبة بالحقوق ولو على حساب كرامتهم أم الاثنين معًا؟
أسئلة كثيرة لا جواب لها حول السوريين والانقسام الحاد بين جميع فئات الشعب السوري من المرحلة الأهم، من تاريخ وجودهم باعتبارهم سوريين وفي ظل الهجوم الغربي والانتداب الدولي على هذا البلد الذي يهدد وجوده باعتبارها دولة موحدة.
نعم سوريون ولكن!
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست