في الأول من يوليو (تموز) 2016، قُتل 23 شخصًا، محليًّا وأجنبيًّا، في هجوم قام به تسعة مسلحين في داكا عاصمة بنجلاديش؛ حيث قاموا باحتجاز مجموعة من الرهائن بمطعم هولي أرتيجان للأجانب.

وقد زُعم فيما بعد أنهم كانوا ينتسبون إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، أو جماعة المجاهدين (JMB) الجديدة المدعومة من داعش.

شهدت بنجلاديش نحو خمسين عملية قتل في ثلاث سنوات تبنى معظمها تنظيم الدولة الإسلامية أو فرع تنظيم القاعدة في جنوب آسيا، لكن حكومة بنجلاديش الحالية تتهم إسلاميين محليين بتلك العمليات وتنفي أي وجود لتنظيم الدولة أو للقاعدة في البلاد.

وكان مجهولون قد قتلوا في يونيو (حزيران) الماضي موظفًا في معبد هندوسي، يُشار إلى أن بنجلاديش دولة علمانية من الناحية الرسمية، لكن الإسلام هو دين الدولة منذ قرابة ثلاثة عقود، فأكثر من 90% من السكان مسلمون، في حين يُشكِّل الهندوس مع البوذيين الأقليات الرئيسة، وقد تبنت بنجلاديش العلمانية رسميًّا بعد الانفصال عن باكستان سنة 1988. وقررت حكومة رئيسة الوزراء، الشيخة حسينة العودة إلى العلمانية باعتبارها ركيزة دستورية، لكنها وعدت بأنها لن تصادق على قوانين تتعارض مع المبادئ الأساسية للدين الإسلامي.

رغم تبني تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) للعملية ونشره صور منفذي الهجوم، أعلن وزارة الداخلية البنجالية عن طريق وزيرها أسد الزمان خان، أن العملية نفذها أعضاء من جماعة المجاهدين في بنجلاديش (JMB) وهي جماعة محلية محظورة من الحكومة ولكنها ليست مرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). والحكومة أنكرت وجود داعش في بنجلاديش؛ حتى لاتقع أنظار المجتمع الدولي على بنجلاديش بأنها دولة معرضة للإرهاب، وحتى يظهر نجاح رئيسة الوزراء في مقاومة الإرهاب.

وفي هذا الهجوم تم القبض على العديد. وحُكم بالفعل على سبعة مسلحين بالإعدام. حتى ذلك الحين، ولكن مع هذا كله لم تتوقف الأنشطة الإرهابية في البلاد. واصلت الجماعات المسلحة أنشطتها الإرهابية تحت أسماء مختلفة. على وجه الخصوص «حزب التحرير» المحظور و«أنصار الإسلام» هما الأكثر نشاطًا عبر الإنترنت. من حين لآخر، أعلنت جماعة القاعدة في شبه القارة (AQIS) عن وجودها عبر بيان على الإنترنت.

ويقول خبراء الشرطة إن المسلحين أصبحوا أكثر نشاطًا على المنصات الرقمية من أي وقت مضى، مستفيدين من وباء فيروس كورونا العالمي. وذلك من خلال نشر الدعاية في مختلف القنوات والمواقع على الإنترنت، وجمع الأعضاء، حتى إنهم يواصلون أنشطة التدريب من خلال تطبيقات مختلفة على الإنترنت.

في وقت سابق، أجروا تدريبًا بدنيًّا في مناطق نائية مختلفة مثل المناطق الساحلية والجبلية، لكنهم الآن يجرون تدريبًا رقميًّا. هناك العديد من تقنيات الدفاع عن أنفسهم التي يتم تدريسها بدءًا من الهجوم.

ومن جانب آخر، يقوم حزب التحرير في بعض الأحيان بتوزيع منشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستجرام» وغيرها لإبلاغ موقفهم. اعتقلت سلطات تطبيق القانون مؤخرًا عددًا من أعضاء حزب التحرير.

قال الناشط في مجال حقوق الإنسان نور خان ليتون: إنه على الرغم من توقف نشاط المسلحين بسبب جهود إنفاذ القانون، فإنه لم يكن هناك مجال للتهاون في أعقاب هجوم المسلحين على مطعم هولي أرتيجان. فإنهم بعد استراحة مؤقتة يستعدون ليصبحوا أكثر رعبًا.

وقال مسؤول في مقر الشرطة إن انتشار التشدد في البلاد توقف إلى حد كبير بعد هجوم المسلحين على هولي أرتيجان. مباشرةً بعد ذلك القتل، حيث نشأت مواقف مناهضة للمتشددين وللتشدد بين المواطنين في البلاد أيضًا. ونتيجةً لذلك تم حظر طريقة نشر أيديولوجية المسلحين في البلاد. فبعد الهجوم على هولي أرتيجان، لم يتمكنوا من بناء أي قاعدة تنظيمية داخل البلاد. هذا هو السبب في أن بعض القادة المتشددين يوجهون أتباعهم إلى مهاجمة «لون وولف».

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد