في وسط سيل من الدعاية والإشاعات والأخبار التي تحاول إلهاء الناس ولفت أنظارهم بعيدًا وشغل انتباههم عن الدعوة التي تجددت من جديد وأطلقها الممثل والمقاول (محمد علي) يوجد ألف سبب وسبب على أرض الواقع يحض الناس على الخروج في ثورة ضد النظام المصري الذي ارتكب كافة الموبقات في التاريخ والجغرافيا المصرية والعربية والإسلامية، وأخطأ خطئًا شنيعًا في حق الإسلام في سابقة لم تحدث في التاريخ من الإحتلال نفسه حيث كما نفذ أبشع مجزرة في تاريخ مصر الحديث ولم نسمع أن الصهاينة ارتكبوا مثلها في فلسطين قام بذبح الموحدين في مجزرتي (رابعة والنهضة وأخواتها)، كذلك قام بعمل مجزرة المساجد، حيث هدم أكثر من 90 مسجد في الوقت الذي ينفق ملايين الدولارات على ترميم المعابد اليهودية لإحياء التاريخ اليهودي المندثر بمصر ويقنن أوضاع الكنائس كذلك.
وللأسف ومن أعجب العجاب نجد الرجل في فجاجة ووقاحة منقطعة النظير يذبح المواطن محدود الدخل وكل يوم يقوم برفع أسعار السلع والمنتجات الأساسية، وكذلك كل الخدمات التي يستطيع الجهاز الإداري للدولة من مكاتب التوثيق والسجل المدني والضرائب والشهر العقاري وادارات المرور والتقاضي بالمحاكم – هذه الخدمات – التي لا تكلف خزينة الدولة الكثير وبإمكانها أن تقدمها مجانًا جعل أسعارها باهظة جدًا مما جعل الشعب على اختلاف طوائفه يكفر بمبادئ الوطنية والانتماء للدولة… هذا الرجل جعل الناس في حيرة من إمرها ما الذي يريده حقًا؟!
وهذا يطبق قول الروائي الراحل نجيب محفوظ (أتحدى إسرائيل أن تفعل بنا مثلما فعلنا بأنفسنا).
وبعد هدم المنازل وتشريد الخلق وتهجير الناس من بيوتهم التي تمثل حلم كل مواطن على أرض مصر، فمثلًا العامل المصري البسيط قد يغترب في جميع أنحاء الوطن العربي فقط من أجل تحصيل شيئين مسكن آدمي ولقمة عيش، فعندما تأتي على مسكنه الذي بناه بعرق جبينه الذي هو محصلة كفاح وجهد وغربة سنين، فأنت بذلك تضغط عليه ليخرج المارد من داخله فيقوم ليكسر ويقتل أي شخص يهدم حلم السنين.
إن تهديد رأس النظام المصري في أخر خطاباته بأن ينزل الجيش لتنفيذ قرارات الإزالة والهدم لهو دعوة صريحة لشن حرب أهلية بين الجيش والشعب وليس لها تفسير آخر.
وفي ذات الوقت يقف المجلس العسكري وعلى رأسهم وزير الدفاع المصري (محمد زكي) صامتًا لا يحرك ساكنًا في هدوء ما قبل العاصفة وكأنه يبيت النية لأمر عظيم، ولكنه ينتظر الأوامر الأمريكية أو المسوغ الشعبي للقيام بأمر ما يجعل الشعب ينفس عن غضبه ويحتويه مرة أخرى كما فعل المجلس العسكري في 11 فبراير (شباط) 2011.
إن الدعوة الأولي التي قام بها المقاول محمد على في تظاهرات 20 سبتمبر (أيلول) 2019 لم يكن أحد يتوقع أن يخرج الناس العاديون غير المؤدلجين في هبةٍ ليس لها مثيل ولم تكن منظمة بل عفوية، ولو أن قيادات الإخوان المسلمين التي بالخارج المتواطئة مع النظام الانقلابي دعمت الحراك تنظيميًا كما حدث في ثورة 25 من يناير لكان الحراك آتى أكله وأسقط النظام.
في ذات الوقت وقبل الحراك بأيام يتم الإطاحة ببعض قيادات الإخوان التي بالخارج والتي ثبت عجزها وفشلها بل وصلت حد التواطؤ، ويخرج أحد قيادات الإخوان على صفحته على «فيسبوك» أشرف عبد الغفار ويقوم بنشر منشور يبرئ نيته أمام التاريخ يتكلم فيه عن الموقف السلبي الذي يلعبه الأمين العام للجماعة الدكتور محمود حسين في أثناء صلاة الغائب على الدكتور عصام العريان.
ويخرج بعدها بأيام أحمد البقري أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمون ليعلن عن تشكيل لجنة إدارية جديدة ليس فيها منصب الأمين العام مما ينذر بتغير في أداء الجماعة داخليًا وخارجيًا خاصةً بعد عدم اتخاذ الجماعة موقفًا صريحًا وعلنيًا عن حراك 20 سبتمبر القادم.
وعلى الجانب الأخر فهناك حركة تنظيمية أخرى على الأرض وهي (حركة السباع) والتي يقودها الدكتور تامر جمال الطبيب النفسي و«اليوتيوبر» المعروف، والتي تمثل بديل الإخوان المسلمين وهم منظمون جدًا ويعتمدون في منهجهم استعمال العنف النوعي في مواجهة قمع التظاهرات، وتعتمد خططهم وأدواتهم على أحدث وسائل ثورية تقلل من تعرضهم للأخطار المحدقة بهم من قبل أجهزة الأمن المختلفة ويعملون في تشكيلات عنقودية أو كذئاب منفردة مما يضع قور الأمن المنهكة طوال سنوات في وجه قوة ردع جديدة لم يسبق لهم التعامل معها من ذي قبل حيث قد تلقوا تدريبًا مكثفًا على التعامل مع الأفراد والاليات التي يتعامل بها الأمن مع المتظاهرين.
إن تواصل سياسة الجباية من الشعب المصري وإفقاره وتجويعه وإظهار القوة في وجهه في ذات الوقت الذي يمثل حمامة سلام مع الصهاينة ومع إثيوبيا التي عقد معها اتفاقية بيع مياه النيل جعل الشعب يغلي مثل المرجل.
في ذات الوقت ترحب شخصيات سياسية عديدة بالحراك الشعبي المنتظر مع إضافة شيء مهم وهو أن الثورة مفاجئة وليس لها ميعاد، ولقد أظهر النظام هشاشة غير عادية بعد إعلانه التراجع عن قرارت الإزالة مؤقتًا وتخفيض قيمة التصالح إلى نسبة صغيرة حتى يتلافى الغضب الشعبي، فماذا يا تري الذي سيحدث في الأيام المقبلة؟
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست