الملك والأمير
جزء مما قاله التقرير فيما يتعلق بالداخل الأردني حقيقي، وهو ليس فتحًا عظيمًا أو معجزة، فالشعب يصرح في كل مكان بهذا، وهو جالس في مقهى الشريف، وعندما يتناول إفطاره في مطعم هاشم في وسط البلد، أو جالس يشرب قهوته في بيته حتى في المؤسسات الأمنية والمدنية تدور هذه الأحاديث وبمنتهى السلاسة، لكنها لا تنتقل للصحافة الأردنية الخائفة على عقود الإعلانات والتنفيعات، ما فتح الأبواب للصحافة الغربية للتطرق لهذه الموضوعات بهذه الصورة!
الرسالة جاءت لتقول أن البديل الأردني موجود في حال بقي الإصرار على الموقف، فالأمير حمزة المرغوب شعبيًا – كما يقول التقرير – جاهز للحكم، وكأنهم بذلك يقولون أن لدى الأمير القابلية القبول بالصفقة في حال عودته للحكم، وهو أمر مدروس داخليًا وبمعرفة بعض أجهزة الدولة «هذا الظهور لم يكن ليحدث دون موافقة دائرة المخابرات» يقول التقرير على لسان أحد السياسيين الأردنيين وصفًا فيه تحركات الأمير حمزة.
لكن المشهد غير صحيح البتة، فلا الملك عبد الله ولا أخاه الأمير حمزة يقدران أو يريدان ذلك، بل هما ظاهريًا يتفقان على رفض الصفقة، وما يرتبط بها، كما يرفضان الابتزاز الذي تمارسه دول المنطقة خصوصًا العربية منها، حتى إن ترتب على ذلك إيقاف المساعدات الخارجية التي يتلقاها الأردن من هذه الدول، فالأردن أكبر منا جميعًا يمثل وقفًا للشعب الأردني وهو من يحدد مصيره لا سواه.
المعارضة في الداخل والخارج
لا أستطيع استساغة وجود معارضة أردنية في الداخل أو الخارج، لربما لأن المصطلح ضخم جدًا، وما زال استخدامه مبكرًا لوصف مجاميع المعترضين على سياسات النظام الأردني.
وجميع الأفكار المعترضة على سياسة الدولة تدور في فلك إصلاح النظام وحمايته حتى من ذاته لكنها لا تدعو إلى دماره.
فالخلاف الداخلي في الأردن، يرتبط بالفساد وضرورة الإصلاح كما يرتبط باستخراج الموارد والثروات، وإيقاف الاعتماد على القروض الخارجية، وبالتالي الارتهان لها، لكنه لا يرتبط بشرعية الملك وبقائه.
المتقاعدون العسكر
مقابل ذلك لا أدري من أين جاء كتاب التقرير بقصة حمل السلاح أو التهديد بحملة بوجه الدولة الأردنية وأجهزتها من قبل المتقاعدين العسكريين، «وهدد بعضهم بحمل السلاح» يقول التقرير.
المتقاعدون العسكر ليسوا إلا سلاحًا لحماية الدولة الأردنية ورؤيتهم تعتمد على استقرار لا على الفوضى، على الإصلاح لا الخراب، وبيان 1 من مايو (أيار) ما يزال حاضرًا في الوجدان.
وعليه، التركيز الإعلامي القادم من خارج، لا يدعو مؤسسات الأردنية للتعامل معه على أساس أنه مقدسات توجب القبول والتسليم بها، باعتبارها حقيقة مطلقة لا تقبل التفنيد أو الإسقاط، كما يتطلب من المؤسسات الإعلامية مناقشة المسكوت عنه أردنيًا حتى لا تكون «لقمة» سائغة في أفواه الآخرين يتحكمون في تشكيلها وفق ما يرونه مناسبًا.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست