عندما يكتب مئات الآلاف منشورات داعمة للقضية الفلسطينية وإرفاقها بـ«هاشتاج» معين مثل هذا: (#savesheikhjarrah) الذي تصدر الترندات العالمية منذ بداية العدوان (الصهيوني) على أبناء الشعب الفلسطيني بقرابة 3 ملايين منشور، فإن هذا لن يحرر الأراضي الفلسطينية المحتلة ولن يضيف لها شيئًا!
هذا بالضبط الذي يتحجج به محدودي التفكير.. وكل الكتابات على مواقع التواصل الاجتماعي حول القضية الفلسطينية يعتبرونها مجرد كلام لا قيمة له!
هنا في هذا المقال ستكتشف أن هذه المنشورات و«الهاشتاجات» لها قيمة دعائية كبيرة.
1- تعلم معنى الدعاية الإعلامية:
هي وسيلة جيدة للتأثير في الجماهير وتوجيهم نحو تحقيق أهدافك.
2- استهداف الصورة الذهنية لدولة (الكيان الصهيوني الإرهابية) لدى الغرب واختراق الرأي العام العالمي يتم من خلال ماذا؟
طبعًا؛ من خلال النشاط والتفاعل في الإعلام الشعبي مع القضية الفلسطينية قضية كل المسلمين.
3- ماذا يعني الإعلام الشعبي؟
هو منصات التواصل الاجتماعي «فيسبوك، تويتر، إنستجرام، يوتيوب. .. وغيرها» حتى وإن كنت تعتقد أن هذه الوسائل صناعة غربية أو حتى (يهودية) فهذا ليس مبرر للتخلي عنها، بل واجب استغلالها للدعاية الإعلامية المضادة حتى وإن كان هناك بدائل أخرى فلابد عن استغلالها، واستغلال كل ما قد يوصل قضيتك للرأي العام العالمي.
4- طيب كيف تكون طبيعة النشاط والتفاعل على هذه المنصات؟
من خلال كتابة المنشورات وإرفاقها بخاصية مميزة تسمى «الهاشتاج».
5- ماذا يعني «الهاشتاج»؟
باللغة الإنجليزية Hashtag، هو وسم يتم تداوله بشكل واسع يستهدف قضية معينة، لزيادة التفاعل بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي. بمعنى الناس تكتب حول موضوع معين ثم يتم تضمين كلمة مرفقة برمز هاشتاج (#) في المنشور حتى يصل إلى جمهور المخاطبين بسهولة.. بمجرد النقر على «الهاشتاج» ستظهر للقارئ كل المنشورات التي تتحدث حول القضية التي يريدها؛ مما يسهل له التفاعل معها.. تماما مثل هذا «الهاشتاج»: (#GazaUnderAttack).
تاريخيًا انتقل «الهاشتاج» من رمز إلى أيقونة في عالم منصات التواصل الاجتماعي، منذ أن بدأ استخدامه لأول مرة على موقع «تويتر» بطريقة عفوية في تغريدة لخبير التقنية «كريس مسينا» يوم 23 أغسطس(آب) 2007، حيث سأل يومها عن رأي الناس في استخدام الهاشتاج للتواصل بين المجموعات. وأصبح هذا الرمز بعد ذلك علامة عالمية للتعبير عن المواقف أو إيصال رسائل أو حتى النقد والتهكم أحيانًا، في مختلف المنصات الاجتماعية عبر الإنترنت(1).
6- ما هو الهدف من «الهاشتاج»؟
واضح أنه تحقيق ما يسمى بـ«الترند Trend».. إذا وصل الهاشتاج إلى ترند عال بحيث يصبح يتصدر الترندات العالمية، فهنا قد حققت هدفك في الدعاية لقضيتك وإيصالها إلى الرأي العام العالمي بسهولة.
من بين الأمثلة على ذلك هاشتاج: (#أنا_أيضًا #me_too) الذي فجر ثورة ضد التحرش الجنسي. وقد أطلقته الممثلة الأمريكية «أليسا ميلانو» على منصة «تويتر» في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 ودعت فيه النساء اللواتي تعرضن للتحرش أو لاعتداء جنسي إلى نشر تجاربهن وإرفاقها بالهاشتاج.
ومنذ إطلاقه تحول هاشتاج: (#أنا_أيضًا #me_too) إلى حملة كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي وصل إلى عشرات البلدان وملايين الأشخاص. والجديد في هذه الحملة أنها تعدت «تويتر» لتشمل كل وسائل التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، و«إنستجرام» و«سناب شات». وقد أكد «تويتر» أن 1.7 مليون شخص غردوا تحت هذا الهاشتاج من 85 بلدًا على الأقل. كما أكد «فيسبوك» صدور 12 مليون منشور على الأقل يحوي هذا «الهاشتاج» بعد 24 ساعة من صدوره. ويذكر أن هذا «الهاشتاج» ارتبط بـ«حركة كاسرات الصمت» التي برزت بعد عشرات الاتهامات التي وجهت للمنتج الفني الأمريكي «هارفي واينستين» بارتكاب انتهاكات جنسية(2).
7- ثم ماذا بعد وصول «الهاشتاج» إلى الترند العالمي؟
سنجيب من خلال حديثنا عن قضيتنا الكبرى القدس الشريف وفلسطين المحتلة.
نعلم أن هناك ملايين من البشر، وخصوصًا في بلدان الغرب ليس لهم الدراية الصحيحة بما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة.. أغلبهم قد تأثروا سابقًا وحاليًا بالرواية (الصهيونية) المزورة التي شوهت المقاومة الفلسطينية وصورت أبطالها على أنهم مجرد إرهابيين، سواء كانوا في قطاع غزة، أو الضفة الغربية، أو في الداخل الفلسطيني أراضي 48 التي بدأت تنشط فيها المقاومة الشعبية.. وأن ما تقوم به القوات (الصهيونية الإرهابية) هو حق مشروع لمحاربة الإرهاب!
نشر هذه الدعاية (الصهيونية) كان عن طريق ماذا؟
طبعًا بواسطة الإعلام التقليدي (الإذاعة والتلفزيون والصحف اليومية) ثم بعد ظهور الإعلام البديل (منصات التواصل الاجتماعي) أصبح التركيز عليها لسرعة وصولها للجمهور، وكذلك باعتبارها نوعًا من أنواع حروب العصر، فصنعوا برامج لاستقطاب الشباب الغربي، وحتى العربي لتحسين صورة دولة (الكيان الإرهابي)، وهذا مثال بارز اسمه: (ناس ديلي) (3) (Nas Daily) يتابعه الملايين من كل أنحاء المعمورة وخاصة من المنطقة العربية.
ورغم كل ذلك لم يحقق (الكيان الصهيوني الإرهابي) هدفه في التأثير على المواطن العربي باعتراف رئيس وزرائه المجرم «ناتنياهو»، إلا أنه ربما قد نجح في توجيه الرأي العام الغربي واختراق إدارات دول كبرى (مثل الإدارة الأمريكية) وإقناعها بتصنيف المقاومة الفلسطينية على قائمة ما يسمى بـ«الإرهاب».. إنه نجاح باهر وصل تأثيره إلى بعض الأنظمة العربية الوظيفية (*) المعادية للقضية الفلسطينية.
ولا أخفي عليكم أنه هناك بعض المواطنين العرب في البلدان العربية من المحيط الى الخليج، يحملون جينات (صهيونية)، فعلا متعاطفين مع (الكيان الصهيوني) بل وصلت بهم الحماقة إلى تشجيعه في عدوانه العنيف على قطاع غزة بحجة أن (حماس) حركة «إرهابية» مسيطرة على القطاع بقوة السلاح وتهدد أمن واستقرار سكانه وتسرق أمواله، وبسببها يموت الأطفال والنساء! وهي ميليشيا تابعة لحركة الإخوان المسلمين التي تصنفها بعض الأنظمة العربية الوظيفية ضمن قائمة المنظمات «الإرهابية» ولذلك يجب القضاء عليها بقوة السلاح!
لكن يبقى السبب المباشر لهذه العداوة الحمقاء تجاه المقاومة الفلسطينية هو في قدرتها القتالية العالية وسلاحها الذي بات يشكل تهديدًا وجوديًا كبيرًا لدولة (الكيان الصهيوني الإرهابية) ولأنها كذلك لا تعترف مطلقًا بشيء اسمه «دولة إسرائيل».
وفي الوقت الذي تصنع فيه المقاومة الفلسطينية البطولات التي زرعت الرعب في مستوطنات تل أبيب واسدود وعسقلان وغيرها من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقضت على آمال (الصهاينة) في تهجير سكان حي الشيخ جراح التاريخي في القدس المحتلة، نرى بطولات كبيرة ومن نوع آخر، باتت ركيزة أساسية في دعم حروب الزمن الحالي، إنها المقاومة الإعلامية التي يصنعها أبناء الأمة العربية والإسلامية إيمانًا منهم بأنها وسيلة من وسائل دعم المقاومة الفلسطينية الوحيدة المتاحة لهم حاليا، خاصة في ظل الحصار الأمني الكبير الذي تفرضه الأنظمة العربية الوظيفية عليهم وعلينا جميعًا، وبالتالي غياب القدرة على ارسال ما تيسر من المال والعتاد قد يزيد من قوة المقاومة، ولكن هذا الحصار الأمني لم يجعل العقل الجمعي العربي والإسلامي النابض يستسلم لأمر الواقع ويخلد في النوم، بل استغل السلاح البديل الفتاك المتمثل في الدعاية الإعلامية الشعبية التي أوصلت وبالفعل صوتها إلى العالم، خاصة في ظل وجود بعض الأصوات الشاذة من أبناء جلدتنا التي تستهزء بما يكتب حول القضية الفلسطينية بحجة أنها لا تغير من معادلة الصراع، إلا أنّ الدعوات المضادة لهذا الطرح التي برزت ودعت الناس إلى الكتابة في منصات الإعلام الشعبي، دفعت ملايين الشرفاء نحو النشاط وبكثافة على منصات التواصل الاجتماعي «فيسبوك، تويتر، إنستجرام، اليوتيوب.. وغيرها» وكشف حقيقة ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفضح همجية عدوان دولة (الكيان الإرهابي) بمئات آلاف المنشورات مقرونة بهاشتغات تصدرت الترند العالمي مثل: هذا (#savesheikhjarrah) وهذا (#GazaUnderAttack).
وكان الهدف منها واضح هو دعم مقاومة الشعب الفلسطيني وتحريره إعلاميًا من الدعاية المزورة للإعلام (الصهيوني) المعادي وعملائه في المنطقة العربية، من خلال ضرب الصورة الذهنية لدولة (الكيان الصهيوني الإرهابية) لدى الغرب، واختراق الرأي العام الغربي.
كيف تساهم مثل هذه الهاشتغات في تغيير الصورة النمطية للفرد الغربي التي يحملها على دولة (الكيان الصهيوني) المزعومة؟
عندما نشر اللاعب الدولي الجزائري رياض محرز منشورًا في صفحاته الشخصية – التي يتابعها الملايين من كل بلدان العالم – على «تويتر»(4) و«فيسبوك»(5) مرفقا بـ«هاشتاج»: (#savesheikhjarrah) و(#Palestine)، وقد تفاعل معه مئات الآلاف، علق عليه شخص من البلاد الغربية يسأل حول ماذا يحدث في فلسطين؟ ثم رد عليه شخص من البلاد الإسلامية أو العربية فعرفه بما يحدث فيها، ثم مباشرة قام ذاك الشخص بنشر تغريدة مناصرة لفلسطين(6)، إنها قوة تأثير منشورات المشاهير على الأفراد.
أما قوّة تأثير منشورات الجماهير العربية والإسلامية تكمن في عدد المنشورات التي أنت ساهمت فيها، وقد تخطت الملايين على منصات التواصل الاجتماعي، وصل صداها إلى الإعلام الغربي التقليدي الذي يخصص كل يوم حديثًا عن أبرز الهاشتغات التي تحقق الترند العالمي، وكانت الهاشتغات الداعمة للقضية الفلسطينية قد أخذت حيزًا من نشراتها الإخبارية التي يتابعها شريحة واسعة من مواطني البلدان الغربية، والمؤكد هو أن أغلبهم قد خصص جزءًا من وقته لمتابعة أحداث الأيام الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتصحيح خططه ومواقفه، فمن كان يخطط لزيارة سياحية إلى مدن مثل تل أبيب سيلغيها، ومن كان له موقف إيجابي متعاطف مع دولة (الكيان الصهيوني) سيغيره لصالح القضية الفلسطينية.
الذي حققته صواريخ المقاومة الفلسطينية بزرع روح الإحباط والتدمير المعنوي والخوف في نفوس المستوطنين في الداخل الفلسطيني المحتل، خصوصًا في المدن الكبرى مثل تل أبيب، وقد يجبرهم على المغادرة وطلب اللجوء إلى إحدى البلدان الغربية(7)، وسيضطر الكثير من (اليهود) بإعادة النظر في خطط الهجرة إلى دولة (الكيان الصهيوني) وإلغائها؛ لأن أرض فلسطين المحتلة باتت غير آمنة، وليست أرضهم. كذلك منشورات منصات التواصل الاجتماعي الداعمة للقضية الفلسطينية التي يستهزئ بها البعض، قد زرعت منطق التصحيح في عقل المواطن الغربي، الذي صحح خطأ تعاطفه ودعمه للكيان الصهيوني، ونقله بصدق إلى الجهة المقابلة القضية الفلسطينية(*)، وكذلك ألغى دعمه المادي الذي كاد أن يصرفه في منتجعات تل أبيب؛ مما سيسبب خسائر فادحة في القطاع السياحي لدولة (الكيان الإرهابي)… وهذا بفضل منشوراتك الداعمة للقضية الفلسطينية.
وكل هذه الإنجازات الفلسطينية المقاومة للاحتلال (الصهيوني)، والتطورات الميدانية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وما يترتب عنها من تراكمات دراماتيكية ماهي إلا مؤشرات لزوال «دولة إسرائيل» المزعومة.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست