ذهب حزب البعث العربي الاشتراكي العراقي، الذي صدع رؤوسنا بشعارات رنانة كثيرة أبرزها (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة)، وهذا شعار ليس لهُ علاقة بقائله، هو شعار جميل جذاب لكن صاحبهُ كذاب، فهذه الأمة المغلوبة على أمرها ازدادت فرقة، وضيعوها وأضاعت رسالتها بسب نماذج سلطها الغرب على رقاب أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) وهذا الكذب أثبته التاريخ والتجربة، وليس التنظير والاستعراضات.

دائمًا ما تكون القوالب والأشكال صورة تعكس الجوهر الحقيقي لذلك الشيء، بمعنى أن التجربة هي الدليل القطعي والنهائي لتلك الصورة وذلك القالب،(معظمكم باعتبارهم معارضين في الخارج) كانت أدبياتكم السياسية والثقافية أن الحكم في بغداد (هو حكم صليبي) ويجب إسقاطه بأي شكل من الأشكال، وتخليص الشعب المظلوم والمحروم من الحاكم الظالم. كنتم معارضين للحكم البعثي المجرم ، وتعلمون أن العراقيين مظلومين ومحرومين ، فحكمتم بعد هذه المسيرة الطويلة.. ماذا صنعتم؟

هل هذا جزاؤكم للمظلومين العراقيين، أَلا ترون وتيرة الاحتجاج والمعارضة الشعبية لحكمكم قد علت،  وبعد هذا المخاض الطويل الذي استمر من 2003،حتى هذه اللحظة 18 عامًا من الحكم الفوضوي الذي اعتمد على إدارة البلد بالأزمات ، نحن لا ننكر هناك تحديات كبيرة وخطيرة أحاطت التجربة السياسية، لكن أصبح الأخطر اليوم ه وجود طبقة سياسية (مدمنة للفساد) انتهجت التجاوز على المال العام بمختلف الحيل والأساليب.

السؤال الكبير: كيف ستكون نهاية هذا الحكم؟ وماهي الآليات اللازمة للخروج من الأزمة الراهنة؟

ليست أزمة الموازنة العامة فقط؛ بل أزمة اتزان سياسي واختلال خطير في إدارة الدولة لنفسها ومن ثمّ لشعبها،  نعم؛ إن استمرار غياب رؤية الدولة جعلت من الأمة العراقية تشعر بالقلق الكبير الناتج عن التخبطات والصراعات الحزبية، وتأثير المحيط الإقليمي والدولي بسبب تصفية الحسابات السياسية على حساب الشعب العراقي.

شعب لا يثق بحكومته، وحكومة لا تقدر شعبها، فقادم الأيام لن تكون هناك فرصه لثقة جديدة يمنحها شعب لحكومة لا عهود لها.

لا تستطيع حكومة أن تعزّ شعبها وهي لا عزةَ لها، وهذا بسبب نتيجة إدمان الفساد والاستبداد، لهذه الأسباب والمعطيات، فإن العراق مقبل على أزمة كبيرة جدًا وهي:

أزمة الشرعية

كنتُ في مقال سابق قد بينت أن الخروج من الصراعات السياسية المستمرة والمتراكمة وتلبية مطالب (الحراك الشعبي ) يحتاج إلى

1- نية سياسية حقيقة وجادة.

2-انتخابات حقيقة شفافة.

3-ضخ دماء جديدة من الطاقات الوطنية والنخبوية للمشاركة في (العملية السياسية) (وليس المسرحة السياسية ).

4-محاسبة العابثين بالمال العام ومحاكمتهم.

5-القضاء على أئمة الفساد والاستبداد.

تذكروا أن تجربتكم السياسية تُعتبر أكبر تجربة مستهلكة للشعارات السياسة،  الشعارات وحدها كما رأينا لم تصنع دولة ولن تصنع،  والاستعارات الدينية واستخدام الدين للأغراض السياسية عاد بالسلب على الجانبين،  وسنة الحياة تذكروها دائمًا.

«تلك الأيام نداولها بين الناس»

وهذه القصة كلها؛ السلطة لا تدوم، والذي يبقى هو الأثر والفعل الحقيقي الذي ينهض بالناس ويغّير حال الشعوب، الفعل السياسي الناضج قادر على وضع كل العوامل الموجبة لإنجاح مشروعة وعكس ذلك من غير الممكن الوصول إلى نهاية وهدف يُذكر، عندها سيكون حال ومصير أي حكم التفكك والانحلال ثم الانهيار.

إذ إن العالم الخارجي يرى أن هذه المنظومة السياسية، لا يمكن لها الاستمرار في تمثيلها لهذه الدولة، وهي فاقدة للشرعية القانونية والدستورية، للأسباب التي ذكرناها أعلاه من مفوضية، مستقلة وانتخابات شفافة حقيقة، ومنح دور حقيقي للنخب والوطنية كما بينا سلفًا، إذا ما تحققت هذه الشروط وقامت الدولة باحترام إرادة الشعب؛ عندها قد وصلنا إلى طريق مسدود في المسار السياسي الطبيعي، والتداول السلمي للسلطة، ويصبح الشعب في صدام مستمر مع هذه الحكومات، ويكون ناقمًا بشكل خطير على السلطة وبعدها يصبح الشعب في رغبة عارمة للخلاص منها بشكل نهائي.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد