في عصر السوشيال ميديا عادة ما يقال؟
المؤثرون هم من يصطنعون صورة لأنفسهم عبر السوشيال ميديا، ونحن من نصنع لهم إطار الصورة ونقتنع أنهم كذلك، ولكن المؤثر الحقيقي، هو من يعيش مع واقعه، ويكون وقت الأزمة، نافذة لمن اعتقدوا فيه ذلك.
كن مؤثرًا حين تؤطر قضيتك، ولا تكن مؤطرًا دون النظر لمن هم غيرك.
لنتساءل؟
كيف نجح المؤثرون على السوشيال ميديا، في جعل جمهورهم يشعرون بالسوء، أو الإعجاب أكثر؟
الجواب: لا تصنع واقعك تحت غطاء واقع الأخرين، الذين رأيت فيهم صورة حقيقية، بل يجب أن تعلم أن واقعك شيء، وواقع أولئك شيء آخر.
السوشيال ميديا، صنعت ذلك الغلاف فينا، وأصبحنا نحلم أن نكون مثلهم، ولكن هذا لا يعني أننا قد نفشل تمامًا؛ لأن المؤثر الحقيقي قد يكون الإنطلاقة، والعتبة الأولى، لرسم مسار نجاحاتنا (هنا نتحدث عن المؤثر الإيجابي الفعال، والذي يبني المجتمع لا يهدمه).
ولكن ما نراه من مؤثرين سلبيين، يجعلنا نحكم على الواقع بأنه سلبي تمامًا، دون الخوض في واقع هؤلاء المؤثرين، وصدقهم الواقعي، ورغبتهم في صنع جمهور افتراضي لديهم لينقل قضيتهم الأساسية، بعيدًا عن السيلفى الشخصي الخاص بهم، والنقد المجتمعي لصورتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.
لنقول كوجهة نظر ورأي: أنت من تصنع واقعك بمن تتأثر بهم، انطلاقًا من معتقداتك، وعاداتك، وبيئتك، ومجتمعك، وممن يدور حولك يؤثر فيك ويتأثر بك.
وفي شق آخر يقال: الإعجابات سلاح الصراعات الافتراضية الخفي.
هذا الأمر يستخدمه أغلب من يسمون بالمؤثرين الاجتماعيين، وما يطلق عليه في الإعلام الجديد مزرعة الإعجابات وجلب الجمهور، هو أمر أولي لكل منشئ محتوى يهدف إلى جمع أكبر عدد من المعجبين، مهما كان الهدف بعيدًا عن المحتوى المقدم، وهنا يستعان بصفحات كبرى بهدف الدعم، لكن في الحقيقة هم لرسم صورة ذهنية في عقول مستخدمي السوشيال ميديا، وجذبهم بأسلوب النقر الاستهلاكي، وتحويلهم إلى صفحات جديدة لا يعلمون عنها شيء، وعن محتواها بمجرد أنهم يرون العلامة الزرقاء، أو أنها ذات متابعات كبيرة.
إننا اليوم في عالم بناء الصورة الذهنية، وصناعة الرسالة، تحت سقف جمهور يبحث عن فراغ يلجأ إليه للهروب من واقعه اليومي، وانشغالاته الكثيرة، فيجد أمامه مباشرة مرآة وشاشة صغيرة افتراضية، ذات جودة متنوعة، ومساحة شاسعة، ليعبر عن ألمه الشخصي وسعادته، بنقرة إعجاب، أو دعم، أو ضحك، أو تعجب، لجمهور قد يعرفه، أو صفحات عامة تشاركه واقعه، ومجموعات متنوعة، لمناقشة فكرته، وتوجهاته، نحو قضية ما.
ما تصنعه الشاشة الافتراضية اليوم، هي صورة الصراع النفسي مع حروب النقرات، والتصفح، حرب هندسة البشر، بين يقظة الواقع، وصناعة الوهم الافتراضي، الذي قد ينجح أحيانا ويفشل في أحيان أخرى.
السيلفى والإعجاب اليوم، هما وجهان لعملة واحدة، من حيث الصناعة الشكلية لشخصية الجمهور، و الرغبة الأيقونية النفسية، في تحقيق صورة الأنا في ذات آخرين، يختلفون عنا جغرافيًا، وواقعيًا، وماديًا، ونفسيًا، وافتراضيًا، وهو صحيح أن يكون جزءًا من حياتنا، ولكن بطريقة لابد نحن أن نصنعها ولا نتصنعها أبدًا.
هذا العالم الرقمي، ضخم جدًا، وبياناته لا نستطيع مجاراتها دومًا، فعندما نقول الشبكة العنكبوتية، فأي سلاح افتراضي تختار في رأيك؟ «فيسبوك» مثلًا، أم «إنستجرام»، وهل «توتير» حل لهذه المعادلة؟ أو لنقل «يوتيوب» ومحتواه الغني، وهل يعقل أن نقول «جوجل» وحدها تكفي؟ أم أن للمدونات تدوينة تجيبنا على سؤالنا: الذي يبقي دائمًا بين مطرقة سيلفي المؤثرين، وسندان المعجبين والناقدين.
هذا هو سوق الافتراضي، فهناك من يصنع محتوى، وهناك من يصطنع محتوى، في سبيل نجاحه، وتبقى وجهة نظر تحليلية، في عالم التسويق الافتراضي، وعصر سيلفي الشهرة، والميديا الرقمية.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست