كل يوم نعيش أحداثًا كثيرة بدءًا من الاستيقاظ وحتى الخلود إلى النوم، وفي ظل هذه الأحداث يتغير المزاج «الموود» كما يُقال، وتغير المزاج يُسهم بشكل كبير في سير مجرى الأحداث؛ بل ويشكل نقطة في مستقبل نجهله، ولكن نحاول رسمه في مخيلتنا، وفي ظل علو الهمة وخفوتها عند ظهور أهداف ومحو أخرى من ذاكرة الحياة المستمرة معنا إلى أن يأتي يوم الرحيل، نظل نبحث عن تحقيق الذات أو الوصول إلى منتهى الآمال، وفي طريقنا لبلوغ الآمال وتحقيق الذات نُصاب بالعديد من النكبات، ونعاني كثيرًا من الآلام، وهذا شيء طبيعي؛ لأن «مفيش حلاوة من غير نار»، لكن غير الطبيعي أن تجد نفسك تعاندك لعدم الوصول لمبتغاك مع توافر الإمكانات للوصول إليه!
في هذه الحالة سيتفوه البعض بأنك محسود، ربما، وستجد من يقول لك بأنك تحتاج لفترة راحة تنعزل فيها عن الروتين اليومي الذي أجهد خلايا تفكيرك، جائز.
وآخر يصف لك عنوانًا لطبيب نفسي، وأحد أصدقائك المهتمين بالتنمية البشرية سيأخذك لندوة أو محاضرة تختص بالتغلب على الكسل وخفوت الهمة، وفي النهاية ستجد أن نفسك قد تمزقت لقطع بين هذه الاقتراحات التي قد لا تغني ولا تسمن من جوع، لا لعدم جدوتها ولكن لأن لا أحد يعلم سبب ما أنت فيه من صراع إلا أنت. إذن لديك خيار واحد ليس له بدائل، وهو وأن تعرف سبب العناد بجلسة صافية وهادئة مع ذاتك، ولكن ستقول لي: كيف السبيل لهذه الجلسة الهادئة في ظل سرعة الحياة، وتعاقب أحداثها التي تسابق عقارب الساعة؟
اعلم جيدًا أن التخطيط شيء أساسي لسير الحياة، وبدونه تصبح كالتائه في صحراء شاسعة لا تعرف لك وجهة أو اتجاه تقصده، فتظل سائرًا بلا هدف، وما هذا السير إلا إضاعة للوقت متداخلة مع ألم الضلال.
وإن من أدوات التخطيط؛ بل من أولوياته هو مجالسة النفس ومصارحتها بما تريد فعله، ومراجعتها فيما تملك من أدوات تسهل عليك طريق الوصول للفعل الذي منه تصل لهدفك، ولكن يا صديقي ليس كلنا نملك القدرة على هذه المجالسة، وذلك يرجع لاختلاف شخصياتنا، فمنا من يخجل من مصارحة ذاته، والآخر يرى أن هذا مجرد ضياع للوقت لا أكثر، والنوع الأعم الأغلب لا يعرف بأن النفس تحتاج لمجالسة!
ولعلنا نجد أنفسنا في حالة ضيق بعدما نكون قد استنزفنا قوانا التي تكمن داخلنا، ثم نعود لنتساءل ما الذي حدث لنا؟ ألم نملك القدرة لبلوغ أهدافنا؟ أم أننا كنا نخادع أنفسنا من البداية؟ الإجابة ستجدها عندك.
هي حياتك، وأنت من تتحمل نتيجة قراراتك، ولا أحد يكابد العناء ومشقة العيش غيرك، إذن فكن صادقًا مع ذاتك واعلم جيدًا ماذا تريد في هذه الحياة، وهل لديك الإمكانات للوصول لما تريد أم لا، فإن كنت مالكًا فابدأ المُضي بلا تردد أو تسويف، ولكن كن حريصًا، وإن لم تكن تملك الإمكانات فلا عيب في ذلك، ولكن أمعن التفكير جيدًا وستجد ما يُناسبك من أهداف، وما سيجعل لحياتك بريقًا غير زائف؛ لأنك كنت صادقًا مع نفسك من البداية.
وتذكر دائمًا عندما تجد نفسك تعاندك في فعل أمر فإنها تفعل ذلك من باب التنبيه، والتصحيح. ما أجمله «عناد النفس» عندما يكون رفيقًا جيدًا لتصحيح المسار!
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست