إن متعة القراءة لامثيل لها ، فهى بحر مليء بالكنوز والجواهر، فكل كتاب تقرأه تدخل من خلاله إلى عوالم مليئة بالأسرار، وحكايات من أزمنة وأماكن مختلفة ، وتجارب لأناس ذهبوا تاركين وراءهم هذه اللآلئ، وها نحن اليوم نستخرج لكم بعض منها ، من خلال مجموعة من الكتب التى يجب عليك أن تنفض الغبار من رفوف مكتبتك؛ لتستخرج هذه الكتب ، أو تحاول أن تذهب إلى أقرب مكتبة عامة لتستعيرها، وإذا كنت تمتلك أموالا كافية، فعليك بشرائها ، وأعدك أنك لن تندم على هذه الأموال التى سيأتى من خلالها أفكار وثقافة ومعرفة تفيدك فى حياتك ، فهيا بنا نبدأ بالغوص فى هذا البحر ؛ لنستخرج منه سبعة كتب ، لا أقول إنها الأفضل على الإطلاق، ولكن هى بالنسبة لي ولكثير غيري كتب لابد أن تقرأ يوما ما طالما كان القلب ينبض بالحياة .
• قواعد العشق الاربعون – الياف شافاق
صدرت هذه الرواية فى عام 2000 للكاتبة التركية الياف شافاق ، لترجع بنا فى أحداث مليئة بأسرار الوجود والعشق الإلهى والعلاقة الروحانية ما بين مولانا جلال الدين الرومى وشمس الدين التبريزي، وتبدأ الكاتبة بكلمة لشمس التبريزي يقول فيها: “عندما كنت طفلاً، رأيت الله، رأيت الملائكة، رأيت أسرار العالمين العلوي والسفلي، ظننت أن جميع الرجال رأوا ما رأيته. لكني سرعان ما أدركت أنهم لم يروا”.
وتسير أحداث الرواية فى خطين زمنيين متوازيين. الخط الزمني الأول يمثل الأحداث التى تمر بها “إيلا”، وهي سيدة أمريكية على مشارف الأربعين تعيش حياة يغلب عليها الملل والروتين مع أبنائها وزوجها “ديفيد” طبيب الأسنان، والتى تنقلب حياتها رأسا على عقب بعد قراءتها لرواية ” الكفر الحلو ” أثناء الإشراف على مراجعة الرواية لكاتبها زاهارا، لتبدأ فى مراجعة حياتها الأسرية على نحو مماثل للعلاقة ما بين الرومي والتبريزي والخط الزمني الثاني، حيث ترجع بنا إلى القرن الثالث عشر ، حيث العلاقة العجيبة ما بين جلال الدين الرومي وشمس الدين التبريزي التى ستنتهي بمقتل التبريزي، وتحول مولانا جلال الدين الرومى لأهم شعراء الصوفية .
• الأمير – ميكيافللى
يكفى أن أقول لك أنه حتى بدايات القرن العشرين كان ينظر لميكيافللى على أنه الشيطان، ورمز للشر؛ بسبب هذا الكتاب الذى صدر فى عام 1513 ، وكان إهداء من ميكيافللى إلى لورينزو الثاني دي ميديشي بن بييرو الثاني دي ميديشي فى إيطاليا على أمل استعادة الإمارة، وهو أكثر أعمال ميكيافللى شهرة ، وقد شهد هذا الكتاب منذ ظهوره جدلا شديد فى اأاوساط الأوروبية ؛ فهو من الناحية السياسية يحوي الكثير من معتقدات ميكيافللي السياسية، ولكن من جهة أخرى ، فقد اعتبره علماء الاجتماع فى فرنسا وبريطانيا أنه كتاب ضد الأخلاق، ويناسب الأشرار فقط ، وليس أوضح مثال على هذا من المقولة الشهيرة فى كل العالم ” الغاية تبرر الوسيلة ”
• ثلاثية غرناطة – رضوى عاشور
هى رواية ثلاثية تتكون من ثلاث روايات للكاتبة المصرية رضوى عاشور تتكون من (غرناطة – مريمة – الرحيل ) ، بالنسبة لى لا أجد وصفا لهذه الرواية أكثر من أنها تركت جرحا كبيرا فى القلب، وصرت جزء من حارة البيازين وعين الدمع وشوارع غرناطة؛ فقد أبدعت الكاتبة فى استرجاع الماضى الأليم لسقوط آخر معاقل المسلمين فى الأندلس ، وهى غرناطة ، وانتظار الأهالى هناك أهل الشام ومصر لنصرتهم امام مملكة قشتالة واراجون، ولكن هيهات فقد سقطت غرناطة، وليس ذلك فقط، فتسير بنا أحداث الرواية؛ لتحكى لنا بصورة مؤلمة محاكم التفتيش ، ومن ثم تحول المسلمون إلى الديانة المسيحية بالقوة ، وبعد قراءة هذه الرواية، أقول لك: “ليست الحياة قبل هذه الرواية كالحياة بعدها .
• معالم فى الطريق – سيد قطب
من أشهر كتب سيد قطب ومن أكثرها جدلا ؛ فهو الكتاب الذى لايزال كاتبه رغم إعدامه يحرك كثيرا من الواقع الحالي؛ لما يحوي من مفاهيم أافكار اعتنقها الكثير حول العالم يتحدث فيه الكاتب عن الجيل القرآني الفريد وطبيعة المنهج القرآني، ونشأة المجتمع المسلم، والجهاد في سبيل الله، وجنسية المسلم وعقيدته باعتبارها معالم مهمة في طريق الأمة الإسلامية؛ للتمكين وقيادة العالم ويصدم الجميع بتقسيمه للمجتمع، من خلال المجتمع المسلم والمجتمع الجاهلي، وهو ما أثار ضده الكثير من الانتقادات أدت فى النهاية إلى إعدامه ، وبغض النظر عن اقتناعي أو عدم اقتناعى بأفكار الكاتب ، ولكني أظن أن من المهم للجميع قراءة هذا الكتاب ، سواء كان معارضا أو مؤيدا لأفكار جماعة الإخوان المسلمين ،الذى يعتبر الكاتب هو المفكر والمنظر الأعظم لها ، بعد مؤسسها الإمام حسن البنا .
• أولاد حارتنا – نجيب محفوظ
هى الرواية التى أثارت الكثير والكثير من الجدل وأدت اإلى تكفير مؤلفها الكاتب الكبير نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل ونشرت عام 1962 وقد تم منع نشرها فى مصر من ذلك الحين حتى نشرت عام 2006 ، فحتى الآان لايزال الجدل بين المنتميين للتيار الإسلامى والمثقفين ؛ لما فى أحداث الرواية من تشابه بين قصص الأنبياء والذات الإلهية وأبطال الرواية، ويصف محفوظ في هذه الرواية الرائعة القهر وشوق الناس إلى الخلاص من أنفسهم ، وقد عقب محفوظ فى خاتمة الرواية ليزيل التشابك ، يجب أن ندرك الفرق بين الرواية والكتاب: فالرواية ماهى إلا عرض لأفكار الكاتب وخياله، أما الكتاب فهو تأريخ لأحداث تمت بالفعل.
• 1984 – جورج اوريل
فى هذه الرواية المثيرة للجدل يطل علينا المؤلف العظيم جورج اوريل بهذه التحفة السياسية ليغوص فى أعماق الحكم الشمولي بأفظع صورة؛ ليتنبأ بما سيحدث فى العالم من خلال تحكم العالم من القوى الكبرى التى ستسيطر على العالم حينذاك ، وتتقاسم البشر، وتحولهم إلى مجموعة من الأرقام فى جمهورية الاخ الأكبر، حيث يراقب الجميع ويقتل ويدمر، من خلال القوانين الخاصة به، وتدور أحداث الرواية فى لندن، ولقد اختيرت هذه الرواية على قائمة أفضل مائة رواية فى التاريخ لما كان لها من صدى مدوى حين نشرت عام 1923 ، وقد تم منعها فى كثير من الدول التى كانت تتبع الحكم الشمولي ، ولاتزال هذه الرواية موضع بحث ومراجعة من جانب المعارضين فى كل الدول التى تنتهج هذه السلطوية، وأيضا يتم التعتيم عليها من جانب هذه الأنظمة ؛ لأنها تفضح فسادهم ، أنصحك بقراءه هذه الرواية؛ لأنها ستكشف لك حقائق ستصدمك بأشياء تراها على أرض الواقع ولا تعرف أسبابها .
• مائة عام من العزلة – غابرييل غارسيا ماركيز
هذه الرواية التى تعتبر من أفضل الروايات التى كتبت فى القرن العشرين ، وفيها يبحر بنا المؤلف العبقري غابريل غارسيا ماركيز من خلال سيرة عائلة بوينديا على مدى ستة أجيال، والذين يعيشون في قرية خيالية تدعى (ماكوندو)، وفيها يتجلى المؤلف بوصف الحياة على هذه القرية، بداية من الحياة البدائية جدا ، من خلال عائلة بوينديا إلى أن تتوالى الأحداث والصعاب والحروب والصراع بين الأحرار والمحافظين ، ويبرع المؤلف فى خلق تاريخ لقرية كاملة من وحي الخيال، وأن يجعلك وكأنك تعيش فى قرية ماكوندو، وأن تكون جزء من هذه العائلة ، وتعيش تفاصيل الحياة اليومية مع خوسيه أركاديو بونديا (مؤسس القرية) وزوجته أورسولا والكثير من الأبناء والاحفاد ،ويبقى شيء اود قوله لك: عند قراءة هذه الرواية أن تستعين بورقة لكتابة أسماء الشخصيات وصلة القرابة لأنهم جميعا بنفس الأسماء من الجدود حتى الاحفاد .
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست