في الحقيقة، الأردن متعدد، هواياته، انتماءاته، حاضره كما مستقبله. هذه الصفة لا تنفي وجوده.
لكن هناك أردن آخر، يرونه من وجهة نظر أمريكية إسرائيلية، وجوده مرتبط بأمن إسرائيل وبقائها وتوسعها، وطنًا بديلًا وضرورة لتصفية القضية الفلسطينية وشعبها، وظيفته تحكمها ايدلوجيا التوراة، لا جغرافيا الشعوب.
وهناك أردن خليجي، مهمش، فقير، تستخدم أوراقه لفرض واقع جديد، وإن رفض جُوع وأغلقت منافذ وقنوات اتصالاته. يرونه دون حلفاء وأصدقاء، سياسته فقط تتبع وتتحكم فيها ممالك النفط والغاز.
وهناك اردن يخافونه، هو جزء أصيل من بلاد الشام (سوريا الكبرى)، بقاؤه مرتبط بعمقها الاستراتيجي، وابتعاده يعني الفناء، دوره الكبير يتجلى هنا، والبعد يعني الضياع والتلاشي؟
في نظر الأردني المقيم هنا بغض النظر عن أصوله، البلد لا لون له، لا جدران تحميه، مكشوف خارجيًا، يبيع المواقف السياسية دون مقابل، أما داخله أزمته أعمق من أن تحل، معرض في أية لحظة لهزات عميقة، تُرضخ الجميع، للموافقه على ما يحاك ضده، وطنًا وهويةً، دون اعتبار لسكان المنطقة وأصولهم. فهم في نظر الجميع أداة في مشروع، لا فرق هنا بين حاكم ومحكوم.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست