تقديم
كانت الدولة العثمانية مصب اهتمامها الغرب، والتوسع ونشر الإسلام كان الهدف، ونجحت بالفعل في ضم العديد من الدول الأوروبية، وكانت مطمئنة على الشرق المسلم، لوجود قوة تحميه، وثقتها في العرب وحضارتهم آنذاك، وأمان المقدسات، توسعت الدولة العثمانية في ثلاث قارات هم آسيا وأوروبا وأفريقيا، لذلك كانت دولة تمتاز بالاتساع والتنوع العرقي، وأيضًا لها أعداء وأيضًا أصدقاء، فلذلك تم تناولها تاريخيًا بعدة أشكال، فمنهم من يرون فيها صورة الخلافة والدولة العلية المسلمة القوية، ومنهم من يرون فيها صورة الشيطان الطامع.
لذلك كل يرى الدولة العثمانية حسب أيدلوجياته والمدرسة التى ينتمى إليها، فهذا يشيطنها وهذا يجعلها في صورة الملائكة، وهذا لا يصح في تناول الحالة التاريخية، ولا تتعلم الأجيال ولا صانع القرار السياسي ولا يستفيد الناس بهذا الشكل إلا الجدال، فكل له ما له وعليه ما عليه، فإذا أردنا أن نأخذ الحسن ونترك السيئ، وتتعلم الأجيال من الأحداث، وننبه من الأخطاء فعلينا أن نقف على خط الحياد في جميع أحداث وحالات وشخصيات التاريخ.
الدولة العثمانية عندما يجب تناول تاريخها يجب عرض الإيجابيات والسلبيات والظروف والصراعات الدولية في وقتها، حتى تتعلم الأجيال، فعند النظر في بعض مواطن الجدال حول الدولة العثمانية نجدها كالتالي:
الدولة العثمانية والشرق
– كانت الدولة العثمانية لديها وجهة نظر صحيحة في التوجه للشرق للدفاع عن هجمات أوروبا نحو الشرق وخصوصًا الخطر البرتغالي.
– كانت الدول العثمانية مخطئه تجاه الشرق في طريقة الإدارة واهمال شؤون الناس من صحة وتعليم ورعاية صحية… وإلخ.
الدولة العثمانية في كتابات مؤرخي الغرب والشرق
– يجب التدقيق في تناول تاريخ الدولة العثمانية وخصوصًا في كتابات مؤرخين الغرب، وذلك لأنها تمثل محور صراع حقيقي بين الشرق والغرب، وصراع توسعات ونشر أفكار وأيدلوجيات وعقيدة بين قوي الشرق والغرب، لذلك يراها الكثير من مؤرخي الغرب والمؤيدين لهم من مؤرخي الشرق هي العدو اللدود ويفسر الأمور وفقًا لوجهة نظره وافترائه عليها في كثير من الأمور، وأيضًا يراها المناصرين والمؤيدين لها أنها الدولة الملائكية التى لا تخطأ، فالتاريخ يجب أن يكون على خط الحياد.
فمن هنا نرى أن
– طول الفترة التاريخية واتساع مناطق الدولة العثمانية، جعلها محل خلاف وطبيعى أن تكون سياستها متفاوتة من مكان لمكان حسب قرب أو بعد المكان من العاصمة إسطنبول، وكذلك طريقة ونوعية الخدمات المقدمة لكل مكان، فلذلك يجب مراعاة ذلك، ومن الطبيعي أن تكون ذات إيجابيات وأيضًا سلبيات، فالسياسة تقوم على فكرة المصالح والتغيير حسب مصلحة الدولة والظروف المحيطة بها، فدوما أخطاء السياسة كثيرة، فطبيعى لدولة كبيرة ومتسعة وكانت تنافس أوروبا أن يكون لها أخطاء وأيضا إيجابيات، ويكون لها مؤيدين ومعارضين بل وأعداء، فهكذا السياسة إلى الآن.
– للأسف الشديد لم تجد دراسة عثمانية أو غيرها إلى الآن كانت منصفة وتتناول الأمور بحيادية، تجد في كتابات الشرق ومؤرخي الشرق، نوعين فقط من الكتابة، إما مؤيد فيضفي التبرير والصورة الملائكية على الحدث التاريخي سواء الدولة العثمانية أو غيرها من الأحداث، أو معارض فيضفي الشيطنة على الحدث سواء للدولة العثمانية أو غيرها من الأحداث، لذلك فقدت هذه الدراسات أهميته في البحث التاريخي، ولم نجد دراسة منصفة إلى الآن وحيادية.
– دعوة للأجيال أن تترك أفكار هؤلاء أو هؤلاء وتقف في خط المنتصف بأمانة، وتعلم الأجيال الإيجابيات وتنبه من السلبيات والأخطاء، فالتاريخ قائم على البشر فطبيعى أن يخطأ ويصيب فعلموا الأجيال ولا تخدعوهم، ولا تنصفوا هذا وتذموا هذا وفقَا لأفكاركم وأيدلوجياتكم ومكاسبكم المادية والعلمية وتضل الأمة ويضيع الوسطية والحسن ولا يتعلم أحد من الأخطاء ويزداد الشك والجدال وفق هذا العبس الذي يحدث من هذا الفريق أو هذا ونضيع الجهد والوقت والورق في دراسات لا تسمن ولا تغنى من جوع غير أرقام وأسماء وأحداث مرصوصة فوق بعضها البعض.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست