ليس هناك ثورات بغير ثوار أحرار أعني بغير مشاركة في مسائلها وتجربة حية لمشكلاتها، صحيح أن هناك عددًا لا حصر له من الحقائق التي يستطيع الإنسان أن يتعلمها من تاريخ الثورات كأرشيف مرجعي وصحيح أيضًا أن تاريخ الثورات لاغنى عنه لكل من يريد أن يثور ويكون ثائرًا حقًّا للأبد أو يترك نفسه عبدًا ذليلًا لكل عصر أيضا للأبد، غير أن الاقتصار على ترديد آراء المحللين ونجوم الفضائيات وأصحاب النظريات وساكني الكهوف يحيل الثورة والثائر إلى أن يكون (نسخة من الجبس) تكتفي بترديد ما يطلقه لها أولئك المنعزلين عن الشارع والواقع وأصحاب التفلسف والأجندات الغو7ائيون لتعجز عن الإضافة والإبداع لواقع الثوار الباحث عن المشكلات الحقيقية لإيقاظ ثورته قبل أن يكون مجموعة من المذاهب والنظم والنظريات القديمة.
ومشاهير الفضائيات أو ساكنو الكهوف وأصحاب الأجندات وثوار 25 يناير 2011 كثير منهم بل أكثر من استأنسهم وسيسهم الانقلاب بإلقاء بقايا عظام تدغدغها أسنانهم العفنة، كلاهما متشابه عبارة عن آلات مفرغة تصنع أفكارًا مجردة قد واجهوا مشكلات عذبتهم ووقفوا أمام الغاز في الكون أو في أنفسهم حاولوا أن يجدوا لها حلا ولا جدوى، لذا هنا نؤكد أنه لا جدوى من معرفة الحقيقة ما لم تكن هي السبيل للوصول إلى تحقيق الأهداف ولا جدوى من معرفة الحقيقة إذا لم نعرف قبل هذا شيئا عن الإشكال الذي جعل أولئك المفسرين ونجوم الفضائيات وساكني الكهوف وأشباه الثوار المتعفنين وأصحاب القوالب القديمة الشهيرة ينظرون هذه النظرة إلى الواقع أو إلى المكان والزمان ويقدموا لنا تفسيراتهم ونظرياتهم التي أثبتت مع الأيام 25 يناير 2016 أنهم قوالب نمطية تضاف إلى المتحف الثوري المضاد (الطرف الثالث) على مر العصور وأن الثوار في شوارع مصر يرسمون تاريخا حديثا للثورات العربية بل أرشيفا عالميا حيثيا تدغدغ كل النظريات القديمة.
إذًا التاريخ لا يعيد نفسه كليا لاختلاف الأشخاص والزمان والمكان وهنا لا يريد بل يعجز أولئك المفسرون والمحللون ونجوم الفضائيات وتلك القوالب القيمة وساكنو الكهوف لا يستطيعون أن يفهموا التطور الثوري والواقع الحديث فهما حديثا حتى يضعونها داخل تطورها التاريخي في المقابل يستطيع الثائرون الحق في شوارع مصر الآن منذ 25/1/2016 صنع قادة جدد حقيقيين بعيدا عن التفلسف والنظريات العقيمة.
وقد نجح الثائرون الحق وتواصل معهم خبرات من شخصيات تتميز بالوعي في تكوين شبكات ووسائل تكنولوجية لنقل المواد المصورة والمسجلة وكشف فساد وتعرية الوجوه من أقنعه الخداع وفضح كل من يرفع شعار الوطنية لخدمة الأمريكصهيوني وبذلك تغيرت نمط علاقات القوة! ذلك التحول لم يصل بعد إلى عقول جيل نمطي مستأنس لايسمعون إلا أصواتهم الكتومة داخل صدورهم الضيقة كما ضيق الأفق في التفكير!
مما يدفع المشهد الثوري إلى تأكيد أن الثورة تعبير عن مشكلاتهم هم وآليات تصعيدها تخرج من عالمهم هم الثائرون الجدد في مواجهة نجوم الفضائيات وساكني الكهوف والثوار المتعفنين والتقليديين النمطيين الأغبياء وتضع تاريخًا ثوريًّا جديدًا يسقط أقنعة وتحالفات وشخصيات عفنة ليس من مؤيدي الشرعية فقط بل من كل مكونات الدولة والعمل السياسي والثورة اعتلوا مقاعد عقودًا طيولة مضت وسقوطهم ارتفاعًا للثائر الحق الذي يتحمل كل الظواهر الطبيعية المؤلمة من درجات البرودة وخطط آليات ومصفحات ميلشيات مسلحة بفكره المبدع المبتكر وإيمانه بقضيته ويعزل عن دون قصد كل القوالب النمطية عن واقعه وإن كانت تلك القوالب في عزلة أصلا لذا لم تقدم شيئًا له إلا خيبة الأمل بعد أن عجزوا أن يكونوا مرجعًا حقيقيًّا لهم رغم قراءتهم لمئات الصفحات بل آلافها في تاريخ الثورات إلا أنهم في هذه اللحظة لم يعرفوا ما هي الثورة!
لأنهم اكتفوا أن يمدوا أيديهم في مكتبة لقراءة كتاب في تاريخ الثورات ليعرفوا هذا العلم وحدوده وآليته والتأثر الحق وضع أقدامه على الطريق يغامر ويقدم نفسه شهيدًا لا معتقلا أو سجينًا وهو يعلم أن ما أخذه وانتقل إلى عقله خلال شهور أو سنوات مضت أمام التلفــاز يتابع ويدقق في كل حوار تلك الأساطير لم تكن مصابيح لإنارة طريقه فألقي بها في أول الطريق لينير بنفسه مصابيح فضفاضة ويصنع لنفسه تاريخًا ثوريًّا جديدًا سيكون للأجيال القادمة نورا ومصابيح جديدة خالدة تحطم ما قبلها من قوالب نمطية.
عزيزي الثائر الحق أنت تفتح عيونك على معنى وجود العالم ووجودك ووضعت يديك على ما فيها من مشكلات لتضعها في بصيص يذخر بها تاريخ ثوري جديد، تسطره أنت وتعلمت أن الثورة لن تكون قراءة الكتب أو الحروف المكتوبة التي فقدت مع الزمن سحرها القديم وسطرت حروفًا لتكتب تاريخًا ثوريًّا جديدًا سيخجل عشاق التاريخ من أنفسهم أمامها وتنتهي حناجرهم المأجورة الغوغائية في ميادين مصر بتاريخ ثوري حديث يحظى البسطاء من الناس تناقشهم ويناقشونك في الشوارع لتكون مدفئة تواجه قرصة البرودة والفقر ومواجهة الذل ومواجهة ميلشيات مسلحة في تلك البقعة من الأرض التي تسمي الآن (ماسر) المسروقة المغتصبة لتجد عندهم فهما لم ولن تجده عند نجوم تلك الفضائيات والقوالب النمطية وتلك الحناجر وقارئي أرشيف الثورات والتاريخ الذي أؤكد أنه لا يعيد نفسه كلية.
كل هذا أيها الثائر يؤكد أنك فكرت في الحقائق وعرفت أنك لا يمكن أن تعلو بثروتك حتى تهبط إلى أعماق الواقع والتفكير في الأمثلة الخالدة من أين؟ وإلى أين؟ حتى تعيش وتسير على طريق الحاضر وتبدأ من يومك الراهن لتعيش في تاريخ تصنعه بنفسك وحولك درع واقٍ هم الناس الذين يحيون حولك ولم تستسلم لحالة الارتباك التي يعاني منها مشاهير الفضائيات وساكنو الكهوف والشخصيات النمطية المزعجة والثوار المتعفنون ممن أوصلونا لما نحن فيه.
كل هذا أيها الثائر يؤكد أنك ثائر حي تجرد من الجمود في الأفكار والقيود التي قيدوك بها أولئك عن قصد لضمان بقائهم أو عن جهل لضيق أفق ويجد لك مبررًا أنه ذو تفكير (إصلاحي) أو يعلم ما لا تعلمه أنت وهو الجاهل والجهول متحجر ورغم ذلك لم تتخل أيها الثائر الحق عن ثوابت الخلق والتربية إلا أن العمل الثوري له آليات لم تصل إلى أولئك العجزة لذا أنت الآن صانع الثورة الحديثة وأنت تنظر إلى الشمس كما هي عليها في ذاتها وفي الموقع المحدد لها لتتعرف على طبيعتها لتصل إلى نتيجة واقعية كما هي عليها في ذاتها وفي الموضع المحدد لها لتتعرف على طبيعتها لتصل إلى نتيجة واقعية، في المقابل ترى أولئك العجزة ما زالوا ينظرون إلى صورتها المنعكسة في الماء لذا الثورة مستمرة.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست
علامات
الثورة