ونحن نعيش ما نعيش من خطرٍ كبير محدق بالعالم أجمع، من عدوٍ قاتلٍ فاتكٍ مرعبٍ هاجم العالم على حينِ غرة، لم يمهلنا ولم ينذرنا، هكذا وبدون سابق إنذار، ربما لأنه لا يملكُ صافراتِ إنذار، وربما أنه لا يملكُ حكومةً ولا وزير إعلام!

عندما هاجم كورونا الصين ظننا أنه بعيد، وإذا به أقرب إلينا من حبل الوريد! سافر في الطائرات، استقل القطارات، ركب الأمواج، انتشر كانتشار النار في الهشيم، أحرق العالم حريق مرير لكن هذه المرة كان حريقًا بلا دخان، حريقًا دخانه الألم ووقوده الإنسان، ذاك الذي لا حول له ولاقوة!

كثيرًا ما تحدينا الله، عز وجل، بالمعاصي والذنوب، وربما أسرفنا إسرافًا تجاوز الحد، وجئنا بذنوبٍ ما سبقنا إليها من أحد، لقد استغلت البشرية حلم الله عليها، فزادت العصيان عصيانًا، قال تعالى: «وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا». سورة الإسراء 16، والأمر هنا بالطاعة، لكن العصاة أبوا إلا أن يفسقوا ويعيثوا في الأرض فسادًا، فكانت النتيجة دمرناها تدميرًا، كيف لا والعالم كله أصبح قريةً صغيرة والكل أصبح الآن في خندقٍ واحد.

وهناك أيضًا من ذهب إلى أبعد من ذلك فأنكر وجود الله سبحانه وتعالى، تحدى ربه ذلك الإنسان الصغير الضعيف الذي لاحول له ولا قوة وأخذ يروج الكفر والإلحاد، بل أنشأ المدارس، ألف الكتب وكتب آلاف المقالات ليقنع كل من تطوله يداه بإلحاده المقيت، ليس ذاك فحسب، فلقد أصبح المتدينون هدفًا مشروعًا لكلِ حاقدٍ على الإسلام!

لم يمهلنا الله كثيرًا، فأرسل علينا أصغر جندٍ من جنوده، ليرينا ضعف قوتنا، وهواننا على أنفسنا، نعم لقد هانت علينا أنفسنا وبعناها بثمنٍ بخس للشيطان وأعوانه، فإذا بهذا الجندي الصغير الغامض يفتكُ بنا فتكًا بلا رحمة، نعم، فقد جاء العقاب جماعيًّا لم يستثن أحدًا! ونعم وفينا الصالحون أيضًا، لكن فينا من سكت عن الباطل، فينا من صفق للسفاح المجرم ووضعه موضع الإله لا يرينا إلا ما يرى، يشرعن له، يأتينا بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان؛ طلبًا لرضا ربه في الأرض! قال تعالى: «أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُون». الجاثيةَ 23.

لم يقف الأمر عند هذا الحد للبعض، فأصبح هناك بارُ حلال! موسيقى حلال! وزنا حلال! وأصبحتْ دولٌ مسلمةٌ توكل من ينوبُ عنها ليحارب المسلمين في بلدانهم، يستضعفهم ويفتكُ بهم، يقصفهم بشتى أفتك الأسلحة وأكثرها دمارًا وتدميرًا، يقصف المسلمين الموحدين، بأسلحة الكفار الحاقدين على الإسلام والمسلمين، بأموال المسلمين وثراوتهم، ألم يحن الوقت لوقف كل هذا العبث، ونرجع قليلًا إلى ديننا ونرحم بعضنا بعضًا؟!

عجيبٌ غريبٌ أمرُ ذلك الضيفُ الثقيل الذي عجزت عن مكافحته أعتى دول العالم، فأين رادارات أمريكا المتطورة وصواريخها الفتاكة؟! أين مضادات روسيا وأسلحتها؟! أين قوة الصين… إلخ، أين قوة كل تلك الدول التي لم يكن لها شغلٌ ولا شاغل إلا قتل الأبرياء واستعبادهم! فالهدف هذه المرة ليس الأبرياء في العراق وسوريا وأفغانستان والإيغور وضعفاء الهند ومسلمي بورما!

أما بالنسبة للحب في زمن الكورونا فربما تغيرت كثيرًا من المفاهيم وأصبح معيار الحب مختلفًا تمامًا لدى الغالبية العظمى من الناس، وأن الناس أصبحت تدرك أن الحب طاقة يجب أن تصرف في مكانها ولمن يستحقها، وفي ظل هذه الأزمة أدركنا أن من يستحق الحب هو طبيب يعالج، وممرض يسعف، ومعلم يعلم، وعالم يخترع ويكتشف، وجندي نذر نفسه لخدمة وطنه، وعامل وطن يعقم الشوارع والحدائق، و شرطي يحمي ويحفظ البلاد، وشيخ يعلم القرآن، وكل من يعمل وينتج ويخدم البشرية بصدق رغم قلة مواردة، أما أولئك الذين أحببناهم من مطربين وممثلين و لاعبين وغيرهم، فإنهم في بيوتهم جثامين لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا قوة، فالمجد للعلم والعلماء ولكلِ منتجٍ نافع، ونتمنى أن تستمر هذه القيم السامقة في مجتمعاتنا؛ لأنهم هم القدوات التي يجب الاقتداء بها لا غيرهم.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

علامات

قدوات, كورونا
عرض التعليقات
تحميل المزيد