هذه هي الحقيقة التي توصل إليها الوثائقي الذي صدر منذ عامين تقريبًا وشاهدته حديثًا والذي يبدأ بصوت ممثلة سلسلة ستار تريك الشهيرة كيت مولجرو وهي تقول (كل شيء اعتقدنا أننا نعرفه عن الكون خطأ!).

تريلر الفيلم

وربما هي المرة الأولى التي يُعرَض فيها وثائقي في دور السينما الأمريكية وليس في القنوات العلمية التي تعنى بالعلوم كما هي العادة.

يتحدث الفيلم بشكل عام عن نقد نظرية أن الأرض تدور حول الشمس، وهي النظرية التي تدرس في كل مدارس العلوم في العالم ويقرر بدلًا منها أن الأرض هي مركز الكون وأن الشمس والنجوم والمجرات هي التي تدور حول الأرض وليس العكس.

ثم يبدأ بسرد تاريخي للنظريات التي وضعت في هذا المجال من علماء مثل جاليليو ونيوتن وحتى أينشتاين ثم يستطرد للأدلة العلمية التي تقول إن الأرض هي مركز الكون. ويستضيف الفيلم علماء وأساتذة جامعات من أمريكا وبريطانيا وأستراليا وجنوب إفريقيا.

وقد أثار الفيلم عندي عدة استدلالات:

أولها أن بعض هؤلاء العلماء – حسب الفيلم – لم يجدوا مجلة علمية تحتويهم أو تنشر أبحاثهم واضطروا لعمل هذا الفيلم الذي يعد الأول من نوعه في العالم من حيث عرضه في دور السينما الأمريكية، وحصل على إيرادات وصلت إلى 87 مليون دولار. والسبب في عدم نشر أبحاثهم في مجلات علمية هو أن القائمين على تلك المجلات قد بنوا مجدهم العلمي على أساس النظرية النسبية لأينشتاين ونشر نظرية تنقدها قد تؤدي بهم لفقد وظائفهم.

ثانيها أنه – حسب الفيلم – قامت ناسا بتغير في موقعها الإلكتروني وأخفت بعض الحقائق أو الاستدلالات التي تثبت دوران الشمس حول الأرض.

ثالثًا من ضمن الاستدلالات التي قدمها الفيلم هو وجود خالق لهذا الكون، وهم بالمناسبة لم يجدوا حرجًا من التصريح بذلك رغم أن الفيلم يعنى بالحقائق العلمية وهم بذلك قد استخدموا الحقائق العلمية للاستدلال على وجود خالق. فكون الأرض مركز الكون يعني أننا فريدون وأن هناك من اختار ذلك بعكس ما يستدل كثير من الملحدين الذين يقولون إن الأرض وجدت صدفة وأننا مهملون وسط مليارات المجرات المبعثرة في الكون.

رابعًا إنني شخصيًا زاد احترامي للدكتور النجار تحديدًا وأيضًا كثير من شيوخ السلفية بعد أن قرأت آراءهم في هذا الشأن ورأيتهم لا يجدون حرجًا في نقد حقائق يتم تدريسها على أنها مسلمات علمية وجميعهم يقولون إن الأرض هي مركز الكون، بل وصل الأمر أن وجدت فتوى تقول إنه لا يجوز تدريس درس العلوم الذي يدرس في مدارسنا والذي يدعي أن الأرض تدور حول الشمس.

لاحقًا كتبت في مؤشر البحث كلمتين باللغة الإنجليزية هما «NASA lies» وتعني «ناسا تكذب» لأفاجأ بأكثر من 21 مليون موقع متعلقين بكلمات البحث، الجدير بالذكر أنه لا يمكن أن نحكم على شخص أو جهة بعدد نتائج البحث لكننا أيضًا لا يمكن أن نسلم بما تقوله ناسا حينما تجد أن معارضيها من المتخصصين أكثر من مؤيديها.

الجدير بالذكر أنه منذ سنتين وعلى موقع ساسة بوست قرأت للكاتب عماد الدين السيد مقالًا عنوانه: «هذا ما أوهمنا به الدكتور زغلول النجار».

وقد أثار المقال وقتها الكثير من الجدل عن تطويع الخطاب الديني ليناسب الحقائق العلمية أو العكس، واستدل الكاتب في مقاله أن وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) وهي أعلى جهة علمية في مجال بحوث الفضاء لم تقر حادثة انشقاق القمر. ورغم أن النجار قد ذكر في الحلقة شخصًا باسمه وحادثة بعينها وبرنامجًا بعينه وساقهم في جملة من الأدلة على حادثة يدين جميع المسلمين لله بتصديقها. أي أن النجار لم يذكر أن ناسا أقرت بالحادثة من عدمها. ورغم أن موضوع الفيلم مختلف عن مقال السيد إلا أنه وفي ضوء الاستدلالات السابقة أعتقد أن الدكتور النجار تعرض لظلم شديد. لأن أبسط المسلمات التي حسمها العلم والتي يتطلب نقدها اليوم شجاعة كبيرة وهي «فرضية» أن الأرض تدور حول الشمس، إذ إن كل العلم الحديث بعد 1938 – حينما وضع أينشتاين نسبيته – مبني على هذه الحقيقة التي كشف الفيلم عن أن العلم لم يحسمها بعد! فما بالنا بالقمر الذي لم يتحدث العلم بشأنه مقدار ما تحدث عن علاقة الأرض بالشمس أو حتى قريبًا منه.

الجدير بالذكر أيضًا أنه قبل عرض الفيلم في دور السينما قام أحد أشهر العلماء الذين ظهروا في الفيلم وهو دكتور كاروس بجامعة أريزونا بانتقاد الفيلم، وقال إنه يعتقد أنه ما كان ينبغي أن ينشر هذا الكلام للعامة! بل إنه وبدلًا من النقد الموضوعي للفيلم اتهم أحد منتجي الفيلم أنه معادٍ للسامية!

وأخيرًا ومرة أخرى لابد أن نقر بحقيقة أن القرآن الكريم قد ذكر بعض الحقائق العلمية التي وصل العلم لبعضها ولم يصل لكثير منها حتى الآن، وأن ذلك أسلوب جديد في الدعوة لا ينبغي إغفاله أو الخوف من خوضه بحجة أن العلم متغير والدين ثابت، بل على العكس، لابد أن نؤكد على الحقائق المتوافقة ونؤكد أيضًا على الحقائق غير المتوافقة وهي تقريبًا غير موجودة ثم نستطرد أن العلم لم يثبتها بعد.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

تحميل المزيد