يسألونك عن الدولة: قل لا دولة إلا بوجود الحاكم الأوحد الذي يديرها ويغيب مؤسساتها أو يجعل منها الأذرع التي ترسخ من قوته وجبروته وديكتاتوريته، يسألونك عن الدولة: “لا زاد ولا ماء”، قل المعارضة فيها ماتت ولا برلمان ولا شورى ولا مؤسسات منتخبة.

يسألونك عن الدولة: قل دولة توزع التهم جزافًا عند كل فشل يصادفها، يسألونك عن الدولة: قل الدولة التي لا تقدم ما يؤكد أن هناك حلولًا لكل مشكلاتها، وتزداد أحوال شعبها سوءًا، فأنت أمام دولة هلامية ينفخ فيها الإعلام لتبدو من أنجح الدول مسلسل سبق وتم عرضه في عهد عبد الناصر، مسلسل مكتوب على المصريين أن يعاد عليهم ويكرر كلما قاموا بانتفاضة لحرق هذا المسلسل بعدما سئموا من عرضه، لا تلوم إلا نفسك ولا تلعن أحدًا ولا تتهم أحدًا بالخيانة، ولا تكفر غيرك إذا ما اختلف معك، لا تكن كالأنعام بل أضل، أنت السبب أنت من تريد جلاديك أن يجلدوا ظهرك كل صباح، أنت من ترفض الانعتاق فليس أمامك الآن إلا أن تدير ظهرك ليس للجلد فقط، بل لتتلقى مزيدًا من ضرب القفا.

الدولة
بيدك أنت وليس غيرك!

بيدك أنت فعلت كل ذلك، بتشجيعك لمن يرتد على إرادتك واختياراتك وخروجك يوميًا لتصفق وتهلل وترقص للدولة الهلامية، تخرج لتزيد الحاكم غرورًا، لتزيده قوة وكبتًا لحرياتك وقمعًا، وأنت تتلذذ وتدافع عنه حتى لو هاجمه إعلاميون كنت ترى أنهم وطنيون عندما وقفوا نفس موقفك في الأمس، والآن تراهم رجسًا نجسًا يحركهم الشيطان، وهم في الأساس من صدروا لك الوهم وأُسس الدولة الهلامية وكيف عليك أن تتعبد في محرابها، وتتهم من هم ضدك بأنهم خائنون.

واليوم تعاند نفسك وترى أنه الحاكم المُنزل أو أحد الرسولين الذين بعثهما الله بحسب قول “الخرباوي” أحد ساحبيك من أنفك “بالشناف” “ذهب أحد الرسولين وشاهدناه يعتمر في بيت الله الحرام، وبقي الثاني يبادلك حبًا بحب، وأكد لك أنه إذا رأى الحب يتلاشى سيتركك فورًا”، فالحب يصنع المعجزات ويذلل كل الصعاب، أليس هذا ما تسمعونه، مصر يعني “حضن”.

الدولة1
والنتيجة؟!

ما النتيجة التي ترونها الآن هل شعرتم بأننا في أمان؟ هل لمستم أننا نتقدم بخطى ثابتة نحو مستقبل رسمه لكم الحاكم بحسب توقيت الساعة “الأوميجا”؟

هل سمعتهم عن دولة تسير دون رؤية واستراتيجية واضحة، للقضاء على الإرهاب الذي استفحل مع كل بيان رسمي يؤكد على أنه في الرمق الأخير؟ هل رأيتم خططًا واضحة؟

هل اقتنعتم بأن المؤتمر الاقتصادي نجح وكيدنا الأعادي “قطر وتركيا” وانبسطت صديقتنا إسرائيل وأخونا نتياهو “فرحان ومزقطط”؟

لا، إنكم مُصرون على مشاهدة المسلسل وتكرار إعادته، الذي سبق وتم عرضه وإليكم عينة من بعض عناوين الصحف وقتها: “صاروخ الظافر والقاهر” قادران على ضرب قلب إسرائيل، “انتصار علمي وعسكري ضخم للجمهورية العربية المتحدة” على وزن “جهاز علاج فيروس سي”، ومن هذا كثير وكثير، وتأتي النهاية مفجعة وتخرج أنت تطالب باستمرار الحاكم وتحمله على الأعناق، وتواصل عملية “التغييب” وكأنك تتلذذ بما أنت فيه.

الدولة2

انتظر وواصل نومك!

انتظر واصبر فأنت من طلبت ذلك، لا تتكلم فأمامك ليس أقل من عقدين أو أكثر، لتصحو على أنك كنت تعيش الوهم، تصحو على أنك من فعلت في بلدك كل ذلك، واصل غفوتك أو نومك الطويل، دافع عن حاكمك، فهو الرسول الباقي الذي قد ينتشلك مما أنت فيه من هذا الوحل، عش على الأمل فما أحلى أن تحلم في يقظتك بأنك تتطور وتتقدم، فالخيال يتسع للفضاء فلماذا لا تحلم ياجدع! لا تستعجل تقدم بلدك فالسنوات كفيلة بأن نكون أفضل، انظر حولك ستجد الدولة الهلامية تتطور وتتقدم، بس فين؟

عبر شاشات الفضائيات، مع لميس وعيسى وموسى وأديب وعكاشة والإبراشي … إلخ “إوعى تغمض عينيك عليك، بالمرة شوية سوداني على فيشار على لب مصري، ومفيش مانع شيشة” واجلس واستمتع بما تراه فأنت من صنعت هذا المشهد، آباؤك وربما أجدادك هم من صوروه لك قبل أكثر من ستة عقود، تمردت عليه في 25 يناير وكنت صادقًا في مسعاك، لكن يا لخيبتك، سرعان ما خرجت وبكيت لتستعيد ماضيك الكئيب، فهم من صوروه لك أنه سعيد، وما بين الكآبة والسعادة دولة فاشلة أو دولة مؤسسات، فأنت تريد ذلك، إذن سر ولا تخف، فالدولة الناجحة في انتظارك! إذا تخليت عن غبائك.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد