لم ننته بعد من «يوتيوب» و«إنستجرام» ونجومهما وصراع من نجم السوشيال ميديا وما نراه من ابتذال وضياع للشباب في سبيل تقليدهم للحصول على ما حصل عليه البعض من الشهرة، والمال، والأضواء حتى ظهر لنا تطبيق «التيك توك».
للأسف أصبح معظم الأجيال الصاعدة يحلم بالترف دون تعب أو حتى مجرد التفكير، فهو يريد سرعة الوصول غير مدرك بالمشاكل النفسية والفكرية المترتبة على هذه السلوكيات فمرض الشهرة يعصف بهم من كل اتجاه لذلك عندما تضع بين ليوفر لهم متعة ومرحًا مدتها 15 ثانية فقد ضمنت الانتشار والنجاح بينهم.
لقد أصبح التيك توك وسيلة صريحة وسهلة لهؤلاء للظهور وبزوغ نجمهم، ولكن ماذا يقدم هؤلاء لنجعلهم نجوم ونعطيهم كل هذا الكم من الاهتمام فنلقى نظرة سويا سنجد أن هذا يبدأ الأغاني لترقص خطيبته ويظهر كم هو متحضر، وهذه تمازح صديقاتها بجمل من الأفلام والمسلسلات، لكن علي طريقتها وهذه ترقص بطريقة مهينة على سطح منزلها أو في الشارع، وآخر يقوم بسب أصدقائه في سبيل الكوميديا، وهذا أب يفتخر بابنته التي تنهال عليها التعليقات بكم أنت جريئة وجميلة معلنًا أنها «بطل.. طلعالي».
والكارثة الكبرى الأطفال الصغار الذين يتعلمون الحديث بطريقة سيئة للغاية وتوجيه الكلام الحاد للكبار ويفعلون حركات لا تجوز حتي للكبار كل هذا في سبيل السخرية فماذا تنتظر من هؤلاء عندما يكبرون.
منذ متي ونحن في هذا الكم الهائل من التدني والانحدار وأنا كنت متحيرة لماذا أصبح الأطفال هكذا من علمهم هذا الكلام ومن حبب إليهم الابتعاد عن العالم والاكتفاء بكاميرا الهاتف والمرآة، ولكن السؤال الأهم الذى يطرأ دومًا ببالي أين آباؤهم من كل هذا هل يعلمون هل هم موافقون أم لا، وإن كانوا لا يعلمون فمت بدأت الفجوة الكبيرة هذه بين الآباء والأبناء وإلى أين ستنتهى؟
بنظرة بسيطة لهذا الوضع المؤسف فسنجد أن عواقبه وخيمة على أطفالنا فبعيدًا عن الأدب والدين فهناك مصائب نفسية شديدة بسبب التنمر على أشكال البعض أو الحالات النفسية التي تأتي للبعض بسبب قلة المشاهدات والإعجابات وارتفاعها عند البعض الآخر مما يجعل كلمة أنا فاشل أو أنا قبيحة هي المتصدرة في عقولهم وهذا ما يضطرهم إلى التهديد بالانتحار كما حدث مع عدد من «رواد التك توك» أو حتى مدى التأثير الكبير الذى يقع على المتابعين والذيت نراهم على أرض الواقع، وليس على تطبيق مثل هذا.
هذه التركيبة المعقدة ربطت من وجهة نظري التك توك ولا أعلم سبب محدد لهذا الربط بالمسلسل الكرتوني الشهير توم وجيرى والذى يعلم الجميع انه يتحدث عن القط والفأر والشجار الدائم بينهما ومع مرور الحلقات وقع القط توم في حب القطة البيضاء وفعل المستحيل لها وكان يتعرض للسخرية ممن حوله وهذا ما أصابه بالإحباط.
وفي الحلقة الأخيرة والتي منعت من العرض ظهر توم وهو يجلس على قضبان السكك الحديدية وعلى وجهه مظاهر الاكتئاب فيما يروي الفأر جيري الحالة السيئة التي ضربت القط توم، وذلك بسبب حبه الشديد للقطة البيضاء، والتي ترفض الارتباط به وتقرر الزواج من القط بوت.
وفي نهاية الحلقة عانى جيري من نفس مصير توم ويقرر الانضمام لصديقه على قضبان القطار، وينتهي المشهد بسماع ضجيج القطار، لينتهي المسلسل بانتحار القط والفأر «توم وجيري» سويًا.
وأخيرًا هل سنترك أبناءنا ليواجهوا هذا المصير في لعبة الوشاح الأزرق والتي تحصد الأرواح على هذا التطبيق، كما حدث مع لعبة الحوت الأزرق، أم نتركهم للهاتف الذي يجر بهم لهاوية الانحدار وانعدام الأدب وهم جالسون بجوارنا؟
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست