كيف نتغير للأفضل

رأيت الدهر مختلفا يدور … فلا حزن يدوم ولا سرور
وقد بنت الملوك به قصورًا … فلم تبق الملوك ولا القصور

حقا دوام الحال من المحال، هذه من سنن الكون الغلابة، والتاريخ خير شاهد، فملوك وزعماء كانوا ملء السمع والأبصار، فأين هؤلاء الآن؟ فمنهم من مات وذهب إلى ملك الملوك عز وجل، ومنهم من فر هاربًا من غضب شعبه، وهكذا الحياه تسير، تصعد وتهبط بالناس، ليكون الناس على يقين حقًا بأن دوام الحال من المحال.

ولكن هنا يكون السؤال الهام، هل يجلس الناس ينتظرون تغيير الحال طالما أنه من سنن الكون الغلابة؟ أم عليهم أن يفهموا أن تغيير الحال يستدعي التعرف والممارسة على استراتيجية وثقافة التدافع.

استراتيجية وثقافة التدافع

لكي تنجح في تغيير الحال، ولكي تصل إلى مرادك في الوصول لهدفك، لا بد أن تعرف أن هناك من سيحاول إعاقتك عن الوصول للنجاح ومن هنا يأتي التدافع الذي يحتاج إلى استراتيجية وثقافة لحسن إدارة هذا التدافع، فما هي أهم النقاط التي توضح لنا ثقافة واستراتيجية التدافع:

أولًا: كن مبادرًا صانعًا للأحداث

لا بد أن تدرك أن مسألة تحريك الأحداث من خلال الأخذ بالأسباب تقع على عاتقك في المقام الأول، فكن مبادرًا صانعًا للأحداث، لا يمكن أن تقوم بدور صاحب رد الفعل وترضى بالدور الثانوي على هامش الحدث، ولكن كن مشاركًا رئيسيًا فعالًا، ولا يتم ذلك إلا من خلال رؤية جيدة ومدروسة العواقب والتحديات.

ثانيًا: ركز على عدو واحد مع تحييد الآخرين

لات حاول أن تفتح على نفسك جميع الجبهات فى وقت واحد، فقد يؤدي ذلك إلى بعثرة قدراتك وتشتتها على جبهات عدة دون أن تصل إلى تحقيق أهدافك، ولكن لا بد من التركيز وتسخير كل الطاقة والإمكانيات المتاحة نحو هدف رئيسي أساسي فهذا لا شك يزيد من فرص النجاح.

ثالثًا: لا بد من إشراك الآخرين

لا بد من إشراك الآخرين معك فى تحقيق أهدافك، ولن يكون ذلك سهلًا إلا إذا أقنعت الآخرين بالمساحات المشتركة بينك وبينهم، فلا تخض معاركك وحدك حتى لاي نفرد بك عدوك وحدك وتصبح لقمة سائغة وسهلة، وكلما زاد من يشاركك أهدافك كلما زادت قوتك، وهذا يستدعي منك المرونة وحسن الاحتواء والتعامل مع الآخر.

رابعًا: أهمية الخطة البديلة

لا بد لمن يضع خطة أساسية أن يضع احتمالات وفرص النجاح والفشل وهذا يستدعي أن تكون هناك خطة أخرى بديلة ويسمونها الخطة (ب)، ولا شك أنها لا بد أن تختلف عن الخطة (أ) الرئيسية، فقد تحتوي الخطة البديلة بعض التراجعات المرحلية لتقليل الخسائر وإعادة قراءة وترتيب المشهد، ولنا فيما فعله خالد بن الوليد في غزوة مؤتة العبرة المفيدة في نموذج الخطة (ب).

خامسًا: سمو الأهداف يستدعي سمو الوسائل

الأهداف النبيلة لا تحققها إلا وسائل نبيلة، فأحيانا تكون الحماسة الزائدة والرغبة في الوصول للهدف مهما كان الثمن دافعًا للجوء إلى وسائل غير مشروعة أو لا تليق، وهذا خطأ فاحش لا ينبغي أبدًا الوقوع فيه فحكم الشرع مع الالتزام بالأخلاق أساسيات لا يمكن أبدا تجاوزها ويكفينا الإشارة لقول الشاعر:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت … فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

وتبقى في النهاية كلمة

إذا تعلمنا استراتيجية وثقافة التدافع العاقل الموزون سنحل كثيرًا من مشاكلنا، فالكثير من مشاكلنا هي ثمرات لسوء إدارتنا لأمور حياتنا.

فهلا توقفنا لحظة صدق مع النفس من أجل مراجعة الأداء وتعديل المسار.

أما أن تكون إدارتنا لأمورنا بعفوية وبتحرك رد الفعل مقابل الفعل فلن نكون مؤثرين ولكن سنكون مجرد منفذين لأهداف الآخرين علينا وهذا مخالف لقول ربنا (واقصد في مشيك).

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

علامات

تنمية ذاتية
عرض التعليقات
تحميل المزيد