يقول فيكتور هوجو الشاعر والروائي الفرنسي الشهير (1802- 1885): «لا يستطيع أي جيش أن يقاوم فكرة حان وقتها».
ويقول الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور (1788- 1860): «تمر الحقيقة بثلاث مراحل، في الأولى تكون مثارًا للسخرية، وفي الثانية تلقى معارضة عنيفة، وأخيرًا تُقبل كأمر بديهي».
ثم هل رأى أي من الذين نزلوا على سطح القمر، أو طافوا بمركباتهم حول الكرة الأرضية، هل رأى خطوطًا حمراء أو من أي لون آخر تفصل الناس بعضها عن بعض حسب الأديان، أو المذاهب، أو الأعراق؟!
قبل أن أبدأ، هناك ما يبشر باقتراب الخلاص من العبودية لأوغاد السلطة والثروة. بلد النور – فرنسا- تنتفض ضد الظلم والفقر، وقد تتبعها بلجيكا ونأمل أن يكون الحبل على الجرار في كل أوروبا، والأمل كبير جدًّا، فلا يوجد هناك علماء سلطان يكذبون أكثر مما يتنفسون ويبيعون الحقيقة والكرامة بحفنة من الدولارات، ويدعون إلى الخنوع والذل بقولهم: «اصبر واحتسب»!
لقد بلغ السيل الزبى، العالم يعيش الفوضى الحقيقية التي خلقها هذا النظام العالمي الذي يحكمه منذ قرون السيكوباتيون «الذين يعانون من اضطرابات عقلية» تحت شرعية فائض القوة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية، ويختبئ هؤلاء المتوحشون في أغلب الأحيان خلف ما يسمى بالديمقراطية، والتي لا يعدو كونها ستارًا دخانيًّا ينفذون خلفه أجندة البقاء على رأس الثروة والسلطة في العالم إلى ما لا نهاية! في النهاية هناك مرشحان وهما، في الحقيقة، وجهان لعملة واحدة، وهذه العملة هي نخبة المال، فالسياسيون ليسوا إلا خدمًا لأصحاب الثروة، وأحيانًا يكونون هم من أصحاب الثروة. ويتلطى بعضهم بالشرعية الثورية أو الحكم الوراثي المفروض بالقوة، كما يتستر بعضهم بالشرعية الدينية الزائفة!
من هنا فإن الإنسان والإنسان وحده هو المسؤول عن هذه الفوضى العارمة إما لحماقته وعقده النفسية واضطراباته العقلية على مستوى نخبة السلطة والمال، وإما بسبب الجهل والجبن واستمراء العبودية على مستوى معظم الشعوب! وهذا ما أدى إلى تفاوت لا يطاق بين البشر على المستوى المادي والتعليمي، فهناك فروق هائلة في مستويات المعيشة والتعليم، وتفاوت في ميزان القوة بين الشعوب والدول؛ نتيجة التطور التكنولوجي الهائل الذي يستثمره بعضهم لاستعباد الآخرين، ونهب مقدراتهم الطبيعية.
فالعالم اليوم في فوضى، فهو بين قوي طامع وضعيف جاهل وخائف أو مخدوع! وحتى المواطن في الدول الغنية في الغرب غير مطمئن على وضعه الاقتصادي والاجتماعي وعلى حريته التي باتت مقيدة بدعوى «مكافحة الإرهاب» المفبرك!
ولذلك يجب إعادة العالم إلى الطريق الصحيح عبر انتفاضة سلمية سلبية – سنوضح معنى السلبية لاحقًا- لا تستهدف بلدًا بعينه، ولا دينًا معينًا أو مذهبًا بعينه، ولا عرقًا خاصًا على الاطلاق، بل انتفاضة إنسانية عالمية على كل ما هو قائم من ظلم، وفقر، وحروب، وعنصرية، وعدم مساواة واعتداء على البيئة.
السلم والاستقرار العالميان لا يتحققان إلا بإنجاز العدل القائم على أن البشر جميعًا يجب أن ينطلقوا من نقطة بداية واحدة، وبالظروف نفسها، كما ينطلق العداؤون في سباق الجري للمسافات المختلفة، وكما تنطلق دوريات كرة القدم في بداية الموسم، إذ رصيد كل الفرق صفر من النقاط، وبعدها لكلٍ حسب اجتهاده، حسب ضوابط مقبولة من الجميع. وأن البشر كلهم سواسية في الإنسانية، فلا أفضلية لعرق، أو دين، أو مذهب، على الأعراق والأديان الأخرى.
وأكرر أن التفاوت المادي بين البشر هو أصل المشاكل الإنسانية، كما قال الأديب الإنجليزي الشهير جورج برنارد شو «نقص المال، أصل كل الشرور». فهناك من يملك مئات الملايين، وآخرون يملكون عشرات المليارات، وغيرهم يمتلك مئات المليارات! والأغلبية ربما لا تملك أكثر من قوت يومها. فليس من عدل في هذا الوضع!
اعلموا جميعًا وخصوصًا أخوة الإنسانية في الغرب أن أموال تجارة المخدرات التي تُبيَّض سنويًّا تفوق الترليون دولار! ويجري تبييضها في بنوك في أعالي البحار تابعة للبنوك الغربية الرئيسية والمؤسسات المالية الغربية «في الدول الديمقراطية» للأسف! فهل تسمح الديمقراطية التي يزعم سياسيو الغرب تطبيقها بالمتاجرة بالمخدرات، ونهب تريليونات الدولارات لحساباتهم الخاصة؟ وماذا يفعلون بهذه الكميات الهائلة من المال؟!
نتمنى من الشرفاء الذين يؤمنون بالعدل والمساواة بين كل أعراق البشر بعيدًا عن الأديان والمذاهب، أن ينهضوا بسرعة وفاعلية بالطرق السلمية، والسلمية فقط، والتفكير الصحيح، متسلحين بالحجة الواضحة، والقدرة على إقناع الناس لوقف نزيف الكرامة الإنسانية، ووقف تدمير هذا الكوكب الجميل!
نتوجه إليكم لتشكيل «هيئة تصفير العالم»، The Committee for resetting the World أي إعادة العالم إلى البداية الطبيعية، أي إلى ما كان عليه قبل أن تفترسه الأيديولوجيات المختلفة، وجشع الانسان وحماقته، كما نفعل مع الكمبيوتر أو الهاتف النقال عندما تدخله الفيروسات والبرمجيات الضارة، ما يجعل استعماله شبه مستحيل، فنضطر لـ«فرمتة» الجهاز ليعود للوضع الطبيعي ليعمل بسلاسة وأمان. الهيئة التي ستدرس، ونيابة عن المليارات من بني البشر، المقترحات أو مسودة الدستور الأممي الذي كتبته واشتركتُ به في مسابقة «جائزة تحديات عالمية» التي أطلقتها مؤسسةGlobal Challenges Foundation لعام 2017، ثم نقحته وأضفت إليه الكثير من المواد والبنود التنظيمية للحياة على هذا الكوكب. وتهدف هذه المسودة إلى نهضة فكرية تضع الأسس للحكم في العالم، والحلول لمشاكل العالم الإنسانية والبيئية. وأرحب بالآراء البناءة والمخلصة لتهذيب هذه المقترحات أو الدستور، وإضافة مقترحات جديدة إن أمكن. ومن ثم العمل على تطبيق الجزء الأول مباشرة، لإنقاذ العالم من الظلم، والفقر، والجشع، والحقد، وحب التسلط والحروب، ولتحقيق السلم والاستقرار العالميين، اللذين لا يتحققان إلا بتحقيق العدل والمساواة ونشرهما بين الناس كافة.
لقد حان وقت إنهاء هذا النظام العالمي البائس الذي يسيطر عليه شذّاذ الآفاق! فلننبذ كل الزعامات السياسية، والدينية والاجتماعية، والاقتصادية الذين نهضوا على أكتاف البشر ونهبوا حقوقهم، وخربوا العلاقات الإنسانية بين الأمم، بل ضمن الأمة الواحدة! إن هؤلاء هم الشيطان بعينه، فلنُخسئ هذا الشيطان. واعلموا أننا نستطيع بالتعاون أن نأتي بفجر الحرية والعدل والمساواة بسهولة لكل أمم الأرض رغمًا عمن يحجبه عن طريق تقوية المشاعر الإنسانية والحجج العقلية.
ربما يعتقد بعضهم أن بعض الشعوب تعيش في جو من الحرية وبحبوحة اقتصادية، كما في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية، ولا تحتاج إلى مثل هذه الانتفاضة الفكرية من أجل المساواة والعدل، إلا أن الغالبية العظمى من هذه الشعوب تعاني من سيطرة المليارديرات والشركات الكبرى على الاقتصادات الوطنية، ولا يهمهم سوى مصلحتهم ومصلحة شركاتهم، وتعاني الشعوب هناك من الضرائب، والبطالة، والفقر في ظل الرأسمالية المتوحشة المدعومة من أنصار الدارونية الاجتماعية، التي لا تأبه بالفقراء ومتوسطي الحال على الإطلاق. وتلك الشعوب أعلم بما لديهم، ونأمل أن يكونوا سباقين لتأييد فكرة «تصفير» أو «فرمتة «Formatting النظام العالمي القائم منذ قرون ليحل محله نظام شامل للعدل والمساواة بين البشر، ولكن لن تكون المساواة على حساب الجدارة أبدًا، كما كان الوضع في الاشتراكية السوفيتية.
إن بقيت شعوب الأرض على هذا الإذعان والخوف والتنازل عن حقوقها الإنسانية، فإن طغاة المال والسلطة لن يتنازلوا طواعية عما اكتسبوه بالقوة، والحيلة، والخبث، أو بأيديولوجيات زائفة مهما كانت سواء دينية، أو سياسية كالديمقراطية، أو فكرية كالاشتراكية، أو اقتصادية كالرأسمالية واقتصاد السوق. يجب أن ننهي حكم المافيا العالمية من تجار الغذاء، والدواء، والسلاح، والمخدرات، وأصحاب البنوك الخاصة، والشركات العملاقة، والبارعين في نهب خيرات الشعوب! بل لمَ لا نحاول أولًا إقناعهم بأن يكونوا عونًا للبشرية بدلًا من أن يكون عدوًّا لها، ولن ينقص ذلك من راحتهم وطمأنينتهم شيئًا أبدًا!
فلنثق بأنفسنا وننبذ الجهل واللامبالاة والخوف، ونتذكر تأثير الفراشة: فلو أن فراشة رفرفت بجناحيها وحدها، هل تسبب عاصفة؟ بالتأكيد لا. ولكن لو اجتمعت مليار أو مليارات الفراشات ورفرفت بأجنحتها، هل تسبب عاصفة؟ بالتأكيد نعم!
لا مكان للمحبَطين والمحبِطين في هذه الدعوة الإنسانية الشاملة، وتعاون الجميع يجعل الكفاح من أجل الإنسانية سهلًا وربما ممتعًا. فإن احتاجت سيارة معطلة للدفع، فلن تستطيع دفعها لوحدك، ولكن إن انضم إليك شخص آخر قد تستطيعان دفعها بصعوبة بالغة لتشغيلها، ولكن إن انضم إليكما خمسة أو 10 أشخاص، فإن المهمة تصبح أسهل بكثير وأسرع. فلندع قراءة التاريخ، ولنصنعه.
فلنخرج من «الماتركس»، وهو العالم الاستهلاكي المصطنع الذي قيدتنا بداخله الرأسمالية، العالم الذي أصبحنا فيه كالآلات، والذي لا يختلف عن معسكرات الاعتقال في الحروب الكبيرة. إننا لا نفتقد القدرة وربما الوعي، بل نفتقد الإرادة. فلنشغّل هذه الإرادة، ولا نعتمد على دجل أصحاب الأيديولوجيات السياسية، والاقتصادية، والدينية، فكل ما ينادون به هراء، نعم هراء فلم يتمكنوا طوال قرون من حل مشكلة الإنسان.
الأحلام الكبيرة لها بدايات صغيرة!
ثقوا بالأقوال الخالدة التالية:
«حُلُم تحلمه وحدك يبقى مجرد حلم. ولكن الحلم الذي تحلمونه جميعًا سيصبح حقيقة». جون لينون
«عندما تصبح قوة الحب أقوى من حب القوة، سيحل السلام». جيمي هندريكس
«الذين يحبون السلام يجب أن يتعلموا تنظيم أنفسهم بفاعلية كما يفعل محبو الحرب». مارتن لوثر كينج
نريد المساعدة لترجمة هذه الدعوة إلى كل لغات العالم أو معظمها. بانتظار ردودكم في التعليقات في البداية.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست
علامات
آراء