أجمل من أن تلُف التبغَ وتحرقه بثغرك، أوصد الأبواب، فاكتب بعبراتِكَ بعض الكلمات ثم أنِر منها حبرًا يضيء ورقةً ناصعة البياض، ثم أوقد من نارك فتيلًا يحرق أوصالَ تلك الورقة اللعينة، ثم انثر رمادها في الفضاء، واستمتع بما تراءى لكَ من خنقٍ وضيقٍ وهو يتبدد في العراء، دعكَ من كلِ الطرقِ التي سُدت، وأسْدِ لنفسكَ جميل عمرِكِ وتحرر.. تحرر من وجعٍ أخرقَ يوقِف قلبَك عن الفرح، ولا تسترجع تلك الذكرياتِ التي لا يجدي ذكرها شيئًا سوى أنها تنكئ الجُرح، وتؤلم القلب وتورثُه الجفا.. لكل دربٍ منحنياته التي تستعصي على الكثير، فهل تظنُ أن الكونَ سيأسى لمجرد أنك أثرت الزيغَ عن الطريق، أم أن الجدران الأربعة التي تقبع فيها روحُكَ ستشفعُ لك؟ أضئ ثغركَ بابتسامة راضية، واجمع شتاتَ عقلك وامضِ في طريقكِ وأنر دربكَ لا يوقُفكِ ساعٍ، ولا يشتت عيشَك أحد..
أيا مَن ابتُليتَ بداءِ التدخين، إليكَ بعضَ المنغصاتِ التي يجبُ أن تكون على درايةٍ بها؛ ففضلًا عن أن تدخين سيجارةٍ واحدة وحسب مجلة طبية بريطانية، ينقص من عمر المرءِ إحدى عشرة دقيقة، فإنه كذلك يقلل كمية الأكسجين التي تصل إلى جلدك، مما يُعجل بظهور التجاعيدِ على وجهك ورقبتك، كذلك يكونُ المدخنُ أكثر عرضةً للصلع والشيبِ المبكر، أيضًا يظهر المدخنون دائمًا بحاسة شم وتذوقٍ أقل حساسيةً من غيرهم نظرًا لأن الحاستين هما أول الحواسِ ملامسةً لشهيقِ التبغ. أما على صعيدِ الثروة التي تمتلكها، فإنه وإن كنتَ من ذوي الدخل المتوسط، فإنكَ تنفقُ تقريبًا رُبع ما تتقاضاه شهريًا على دخانك، أضف إلى ذلك نتاج التدخين الذي ستجنيه يومًا ما، بدايةً من إصابةٍ بمرضٍ في القلب، نهايةً بأحد أمراضِ السرطانِ التي تصيبُ المدخنين.
أما إن كنتَ تلجأُ للتدخينِ كوسيلةٍ لمعالجة القلقِ والتوتر، فإنه وحسب دراسة إنجليزيةٍ أثبتت أن تقلباتِ النيكوتين في الجسم هي أكثر ما قد يصيبُ المرأَ بداءِ التوتر. أما من زاويةِ الجانبِ العاطفِي، فإذا كنت تميل لمواعدةِ إحداهن، فإنها ستضطرُ لأن تفكر مائة مرةٍ قبل الارتباط بكَ نظرًا لنفورها من التدخين، فضلًا عن رائحةِ فمكَ التي تتجدد بعدَ كل سيجارة تشربها. كما أن ذاكرتكَ وبمضي الوقتِ تصبحُ أكثرَ ضبابيةً وأقلَ وضوحًا بالنسبةِ إلى ما مضى، كذلك فإن التدخينَ يُقلل من سرعةِ التئامِ الجروح وجبر الكسور، أما بالنسبة لأدائك الرياضي، فإن التدخين أبدًا لن يمنحكَ جسدًا رياضيًا، بالإضافةِ إلى أنه يضعفُ عضلة القلب، مما يجعلك متأخرًا بالنسبةِ لأقرانك في أداء الرياضة.
كلُ هذا بالإضافةِ إلى أنه وإن كانت المدخنةُ امرأة، فإن التدخينَ يقلل من فرصِ حملها، حيثُ أن معدلَ العقمِ عندَ المدخناتِ أعلى بـثلاثينَ بالمائةِ من غير المدخنات، وتتقارب تلك النسبة عند الرجال كذلك، بالإضافة إلى أنه يعزز التشوه الخلقي في الجنين.
فأي عاقلٍ بعد قراءةِ تلك المخاطر، يزيدُ في كبريائه ويتعمدُ إصابة نفسهِ بكل هذه المتاعب. كل ما أرجوه منكَ أن تتخذَ قرارًا بالإقلاعِ عن التدخين، فإن أهمَ خطوة في سبيل إقلاعكَ عنه تنبعُ من إرادتكَ أنت، فقط اتخذ قرارك وكن قدوةً لغيرك، وابدأ بذاتك.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست