في مثل هذا العصر، عصر الفتن وتضارب الكلمات واختلاف الآراء، في عصر الظلم والطغيان وسفك الدماء وسجن الأبرياء، أصبح الأمل فينا نحن الشباب.
الجموع الغفيرة والعقول المنيرة. جلست لبضع دقائق أفكر في شيء يمكنني أن أقوله لأصدقائي وإخواني أو نصيحة أوجهها لهم ولكني لا أجيد النصح ولست بالناصح الأمين كذلك. لم أجد سوى هذه الكلمات التي كتبتها بماء الحسرة ودمع الندم على وطننا العربي بشكل عام ومصر بشكل خاص. عليك أن تؤمن بهذه الأشياء لأنها هي الواقع المرير الذي نعيش فيه للأسف.
انْسَ الشهادة الجامعية
إياك يا صديقي أن تنظر إلى الشهادة الجامعية على أنها المقياس أو الغاية التي تود أن تصل إليها. في مصر وفي العالم بشكل عام كذلك لا قيمة لشهادتك الجامعية لأنك ببساطة لم تتعلم علمًا صحيحًا وفي الغالب سوف تكون أُجبرت على دخول هذه الكلية أو غير ذلك فبالتالي لن تجد القيمة المرجوّة من شهادتك.
الشهادة الجامعية هي الحلم والهدف الأسمى الذي يتمنى أن يصل إليه كل شاب منذ مولده، وليست هذه هي المعضلة بل المعضلة أن الأهل يختارون ويحددون المصير وكأن الحياة لا يوجد فيها غير الطب والهندسة والأطباء والمهندسين. هيهات هيهات.
هناك العديد والعديد من الأشياء التي يمكنك أن تفعلها وتهتم بها بدلًا من شهادتك الجامعية التي ربما بعدما تأخذها سوف تبحث عن أحد يشتريها مقابل صرة من الدنانير والدراهم ولن تجد أيضًا، أو لديّ شيء أفضل تستخدمها فيه، تخشينة للشباك الذي لا تستطيع قفله أو غلاف للفلافل كذلك، وهي من ورق جيد وعازل للبقع كذلك.
أتقول لي انسَ الشهادة الجامعية! ماذا عن أبي وأمي! ألا تعرف شيئًا عن رضا الوالدين وبرهم؟ أقول لك لست أكثر منا برًا ولا حبًا لوالديك، الأمر وما فيه أن والديك يحبان لك الخير والسعادة والنجاح وأن يروا ثمرة جهدهم بدأت تظهر وتطرح، فهم بالطبع سيحبون نحاجك في الشيء الذي تحبه وحتى وإن غضبوا في البداية وحزنوا بعض الشيء فيمكنك مصالحتهم بنجاحك فيما بعد.
وهم أيضًا لن يظلوا معك كثيرًا، هم أعانوك وقاموا بتربيتك حتى أصبحت رجلًا يمكنه الاعتماد على نفسه واتخاذ قرارته بنفسه كذلك، ولعلك لاحظت أن أغلب وأشهر وأغنى أغنياء العالم ليس معهم الدكتوراة والماجستر ولا حتى الشهادة الجامعية!
ستيف جوب، مارك زكروبيرغ، بيل غيتس، ألبرت أينشتاين، توماس إديسون وغيرهم. الخلاصة من كلامي والذي أريد أن أقوله لك افعلْ ما تحب، وما تريد أن تكون فكن، إذا كنت تريد أن تكون فنانًا فافعل ذلك، وإذا كنت تحلم بنفسك طبيبًا، فادخل كلية الطب والبقية كذلك.
أنت وُلدتَ لتغيِّر
الناس صنف واحد عند الولادة، وصنفان عند الموت. عند الولادة نكون كلنا أشخاصًا عاديين كبقية البشر، ولكن عند الموت منا من يموت عاديًا كما ولد، بدون بصمة أو تغيير أو أثر واضح يذكر; ومنا من يموت غير عادي، يموت وقد غيَّر العالم أو على الأقل أثر في مجتمعه بشكل إيجابي.
إياك يا صديقي أن تموت عاديًا، كن رجلًا وسط غير الرجال، واعمل ولو في كهف تزاور عنه الشمس، واصدع بالحق ولو عند صاحب جنتين. كن من رواد التغيير وذوي العقول وأصحاب الرؤى، لا تخلق لنفسك أعذارًا أو حججًا وهمية لا تمت للواقع بصلة، ابدأ فالتغيير يبدأ منك، أنتم أمل المستقبل، إن لم تصلحوا لن نصلح أبدًا إلا بعد مرور قرون أو ألفية جديدة.
كن قارئًا نهمًا
الكتب هي العلم الحقيقي، والقراءة هي أفضل شيء يمكنه أن يؤثر في حياتك، ويلهمك، ويجعلك من رواد التغيير، بالعلم تبنى الأمم لا بغيره. اعزم من الآن أن يكون لك نصيبٌ من علم العلماء الذين لخصوا سنوات بل وعقودًا من علمهم وعملهم وعمرهم ووضعوه لك على طبق من فضة لكي تأخذه بكل سهولة وبساطة.
لا تمضِ أسبوعًا إلا وقد أنهيت كتابًا، اقرأ في كل شيء وعن كل شيء لا ما تحب وما تهتم به فقط. القراءة كنز لا يفنى، والعلم هو السلاح الأقوى. القراءة تنمي العقل وتغذيه وتجبرك على اكتساب معارف وعلوم جديدة، فالكتاب يساوي عالمًا بأسره من المعلومات، وهي تجبرك على استغلال الوقت وعدم تضييعه فيما لا يجدي ولا يفيد، والوقت كالسيف هو وصف لا يعبر بمصداقية عن أهمية الوقت.
حاول أن تتفادى مخاطر القراءة ولا تنسَقْ وراء كل شيء يقوله الكتاب لأنه فقط أبهرك بكتابه أو أعجبت به، خذ ما يفيدك واترك الباقي ولا تظن أنك بعد قراءة عدد معين من الكتب أصبحت الآن عالمًا، وتصاب بالاستعلاء المعرفي، هذا محض هراء، العلم أكبر من أن يحتويه إنسان.
العمل.. كرة مطاطية
قرأت ذات مرة على إحدى الشبكات الاجتماعية مقولة لأحد مديري الشركات العالمية وعلى ما أتذكر كان الرئيس التنفيذي لشركة كوكاكولا العالمية، قام بوصف بعض من جوانب الحياة وهم الأسرة والعائلة والصحة والاجتماعيات… إلخ.
على أنهم كرات من زجاج، إذا سقطت لن تعود كما كانت، ربما تكسر وربما تخدش ولكنها في الغالب سوف تتأثر بهذا الحادث، أما العمل فهو كرة مطاطية إذا وقعت فسوف تصعد مرة أخرى وإن لم تصعد لن تتأذى، هذا هو العمل، لا تكن روتينيًا ولا تجعل أسمى أهدافك الحصول على وظيفة بمرتب عال ومنزلة مرموقة، وكل هذا على حساب حياتك الشخصية والعلمية والاجتماعية، العمل مهم ولكنه ليس الأهم.
في الخاتمة، أود أن أكون ألقيت الضوء على مجموعة من الأشياء المهمة في حياتك كشاب في أوائل العمر، ربما يكون للحديث بقية وللمقال جزءٌ آخر، ولكني لا أود أن أطيل أكثر من هذا حتى لا تملوا. بالله اعملوا بكل كلمة في هذا المقال فالتغيير يبدأ منكم وبكم.
أنصح بقراءة مقاليّ عماد أبو الفتوح على منصة أراجيك بعنوان “للشباب والمراهقين: الوصايا السبع قبل بلوغ سن الثلاثين”.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست