إن من غرائب السياسة وصول الجهلاء أو «أميي السياسة» لسدة الحكم دون أن يدرك أحد كيف حدث ذلك، أو أن يكون شعار التغيير سببًا في ذلك.
وما أكثر النادمين على خطأ اقترفوه حين اعتقدوا أن الانتقام من الماضي بجلب الخصم أو المعارض، الذي يتشوق للحكم ليمارس على شعبه ما كان يمارس عليه بل أشد بطشًا.
ولربما حالة الفوضى الأخيرة في دولنا العربية خير مثال لذلك، ولكن لم يتوقع أحد أن تصل هذه الحالة لمنسقها والمحرك الأساسي للفوضى.
الشعب الأمريكي سقط في فخ التغيير ليجلب لنفسه كارثة كانوا يعتقدون أنه أفضل من نار الديمقراطيين، ولم يكن ليحدث ذلك لولا وجود منسق آخر لديه الرغبة بالانتقام وتفتيت هذا الجسد بنفس الوسائل التي فتت فيها جسده بالسابق.
وإن كان للتاريخ حظ، فستعود الرواية التي حدثت في شقيقتنا الحبيبة «مصر» خلال فترة حكم المخلوع محمد مرسي لتتكرر في أمريكا لتكون بداية العزلة التي تنبأ بها الكتاب والمحللون.
أما القرارات والوعود التي قطعها «ترامب» على نفسه ضمن حملته الانتخابية، فلذلك حديث مطول وخاصة فيما يتعلق بقضيتنا الفلسطينية.
فلا يمكن غض الطرف عما وعد فيه «إسرائيل» وبالأخص نقل سفارتهم للقدس المحتلة، فهذا يحتاج عاصفة من القرارات والإجراءات الفلسطينية لردع هذا المخطط.
فالحادثة أكبر بكثير من كونه نقل مبنى «السفارة الأمريكية» إلى القدس المحتلة، الفكرة تهويد القضية، وتخدير العقول الوطنية تدريجيًا، إنهم يمارسون خطة متقنة جدًا، وللأسف ردة الفعل الفلسطينية خجولة أو «وقحة» إن صح التعبير .
يجب أن تعود روح الثورة بكل ما تحمله الكلمة من معنى بناءً على نقاط محددة، من وجهة نظري كما يلي:
أولًا: توقيف التنسيق الأمني فورًا وبكافة أشكاله، وسحب الاعتراف بدولة إسرائيل والذهاب فورًا للمحاكم الدولية وتقديم الملفات وإعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال.
ثانيًا: عمليات في العمق تستهدف الجنود المحتلين أينما تواجدوا.
ثالثًا: حرب مفتوحة من غزة، تبدأ بإطلاق الصواريخ في قلب تل أبيب.
رابعًا: انتفاضة مسلحة في الضفة على كل نقاط التماس مع الاحتلال.
خامسًا: انتفاضة شعبية في الداخل ومظاهرات لشل الحركة في مجتمعهم المدني.
سادسًا: مظاهرات كبيرة في كل أنحاء العالم العربي والدولي واعتصامات لا تتوقف.
سابعًا والأهم: تهديد وتعريض مصالحة «أمريكا» للخطر، وهذا ليس تطرفًا أو إرهابًا بل كان أحد أساسات النظام الداخلي لأكبر حركات التحرر الفلسطيني «فتح»، من يعبث في قضيتنا ومصير شعبنا يجب أن يدفع الثمن.
كل ذلك وأعتقد أنه لن يكون كافيًا إن لم يكن مسحوبًا بخطة من قبلنا لنستطيع المناورة بين التحالفات والقوى العالمية لصالح قضيتنا، ليس فقط لوقف الخطوة الحالية بل لردع المخطط الخطير الذي يطبق بحرفية عالية، ما دون ذلك فسيكتب التاريخ أننا كنا أدوات لانهيار قضيتنا وطمس معالم ثورتنا النبيلة.
يعتقد البعض أني أضخم الحدث، أو أفكاري خيالية. ولو وصل تفكيرك لهذا الحد تأكد أن المخطط السابق نجح بتحقيق أهدافه.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست