على ضوء خبر اختطاف الطائرة المصرية تبادر للجميع بعض الأفكار عن الأراضي القبرصية منها ما هو حالم ومنها ما هو مبالغ فيه، وتلقيت عددًا من المكالمات التي تفيد أن كثيرين منا لا يعرفون الفارق بين جمهورية قبرص وما بين قبرص التركية.

في هذا المقال سأتناول عددًا من الحقائق عن قبرص التركية، ولكن في البداية ما الأزمة القبرصية؟

باختصار تبدأ الأزمة القبرصية عقب استقلال قبرص عن الاحتلال الإنجليزي الذي دام أكثر من 60 عامًا لقبرص، في أعقاب هذا الاستقلال تم إعلان دستور وانتخاب برلمان ووفقًا للطبيعة الاثنية لقبرص، الثابت حاليًا أن غالبية السكان هم من أصول يونانية، أما نسبة هؤلاء تحديدًا فأمر مختلف عليه؛ إذ يميل كل طرف إلى زيادة تعداده وتقليل تعداد الطرف الآخر.

فالقبارصة ذو الأصول اليونانيون يقولون إن نسبتهم 80% وأن نسبة القبارصة الأتراك أقل من 20% ويخصصون في إحصائياتهم نسبة صغيرة لبقية الأعراق.

بينما القبارصة الأتراك يؤكدون أن نسبتهم تقارب 25% مما يعني الربع وأن القبارصة اليونانيين 70%، أما بقية الأعراق المتبقية فتشكل 5%.

دستور1960:

كان من أبرز ما نصت عليه اتفاقيات الاستقلال ودستور 1960 منح القبارصة الأتراك 30% من كل شيء تقريبًا في الحكم وإدارة الدولة، سواء في الحقائب الوزارية أو في عدد مقاعد البرلمان أو في الوظائف العامة، مقابل منح القبارصة اليونانيين حوالي 70%.

كما نص الدستور آنذاك على تعيين نائب لرئيس الجمهورية من القبارصة الأتراك، واشتراط موافقته على القرارات المهمة المتعلقة بالأمن والدفاع والعلاقات الخارجية.

 قام الأنبا مكاريوس الرئيس القبرصي الداعم لانضمام قبرص لليونان مثلما فعلت جزيرة تكريت بتشكيل عدد من المليشيات المسلحة التي قامت بمهاجمة القرى ذات الأغلبية التركية وكانت هذه بداية واحدة من أبشع المذابح الدموية في القرن العشرين، استمرت المذابح حتى تدخل القوات التركية لحماية الجالية التركية في عام 1974 وبناءً على هذا التدخل فرضت القوات التركية السيطرة على قرابة ثلث مساحة الجزيرة وبفرض الأمر الواقع أعلن القبارصة الأتراك بزعامة رؤوف دنكطاش الحكم الذاتي في المناطق الشمالية من الجزيرة، وتم نزوح عدد من القبارصة اليونانيين إلى الجنوب، ونزح ما تبقى من القبارصة الأتراك إلى الشمال، ونتيجة لتعثر المفاوضات بين الجانبين قام الشمال بإعلان جمهورية شمال قبرص التركية 1983 جمهورية من طرف واحد وتم اختيار الزعيم القبرصي التركي رؤوف دنكطاش رئيسًا لها.

الحقائق التي لا يعرفها الجميع عن شمال قبرص:

1: لا يعترف بها سوى دولة واحدة:

في الحقيقة رغم إعلان الجمهورية من طرف واحد في الشمال إلا أن الأمم المتحدة ما زالت تتعامل مع الشمال القبرصي على أنه أراضي محتلة من قبل الجيش التركي، وبناء عليه فلا يعترف بدولة شمال قبرص إلا الحكومة التركية فقط، ولا توجد أية سفارات لجمهورية قبرص التركية إلا في تركيا بينما يعتبر الممثل الشرعي لمقعد الجمهورية القبرصية في الأمم المتحدة هو القبارصة اليونانيين، منحت منظمة المؤتمر الإسلامي قبرص الشمالية صفة «بلد مؤسس» وضمت قبرص الشمالية التركية إلى المنظمة بصفة «عضو مراقب» إلا أن لا أحد من الدول الأعضاء سوى تركيا له تمثيل رسمي لجمهورية قبرص التركية.

2: نيقوسيا آخر عاصمة مقسمة في أوربا

من العجيب أن العاصمة القبرصية لم تسلم حتى من التقسيم فقد تم تقسيم العاصمة القبرصية إلى قسمين؛ قسم يقع في الشمال ويسميه الأتراك ليفكوشا، وقسم في الجنوب، ويفصل ما بين قسمي المدينة نقاط حدودية في شارع الليدرا الذي تم إعادة افتتاحه من جديد لحركة المرور والحركة التجارية في عام 2008.

3: قبرص دولة آسيوية

على الرغم من الارتباط الوثيق بين قبرص تاريخيًا ودول أوروبا، ورغم كون الجمهورية القبرصية دولة بالاتحاد الأوروبي، إلى أن جزيرة قبرص جغرافيًا تابعة لقارة آسيا.

4: قبرص التركية بها مطار واحد فقط

قاعة الوصول بمطار نيقوسيا المهجور

مطار أرجان المطار الوحيد بشمال قبرص

إذا أردت دخول قبرص التركية فلن تتمكن من دخولها إلا عن طريق المطارات التركية فتركيا هي الوحيدة التي تسمح برحلات الطيران المباشرة إلى مطار إرجان الواقع في قبرص التركية علمًا بأن مطار إرجان هو المطار الوحيد بقبرص التركية عقب إغلاق مطار نيقيوسيا عقب التدخل التركي.

5: العاصمة يسكنها أقل من 65 ألف نسمة

لعل من أطرف المفارقات أن قبرص التركية تبلغ مساحتها 3.355 كم مربع، ومع ذلك لا يتجاوز عدد السكان في الشمال أكثر من 280 ألف نسمة، مما يجعل سكان العاصمة لا يزيد عددهم عن 65 ألف نسمة! ومن المفارقات أن مساحة محافظة الدقهلية في مصر تبلغ مقاربة 3500 كم مربع، ومع ذلك وفقـًا لإحصاء الرسمي في 2011 «5,551,592 نسمة» أي أكثر من عدد سكان الجمهورية القبرصية التركية.

6: العملة بقبرص التركية الليرة!

بعد إعلان الجمهورية تم تطبيق سياسة حصار اقتصادي ودولي لقبرص التركية، لمواجهة هذا الحصار الاقتصادي لجأت الجمهورية الناشئة لاستخدام العملة التركية كعملة رسمية لها.

7: لا يوجد ماكدونالدز بقبرص التركية

قد يبدو هذا غريبًا، ولكن من ضمن تطبيق سياسة الحصار الدولي تم حظر إنشاء أي brand دولي في قبرص التركية من قبل حكومة الجنوب، وبناء عليه فلن تجد في قبرص أي مطاعم دولية مثل كنتاكي أو ماكدونالدز، لعل المطاعم الوحيدة التي ستراها هي المطاعم التركية أو المملوكة من قبل أتراك فقط، ولن تجد أي منتج صنع خارج تركيا، إلا إذا تم استيراده من قبل تركيا، كما لن تجد أية بنوك دولية مثل بنك باركليز الذي انسحب من الشمال، لعل البنك الدولي الوحيد بقبرص هو بنك إتش إس بي سي البريطاني، وتتم إدارة فروع البنك في قبرص التركية من خلال إدارة فرع البنك في تركيا.

8: قلعة سنوايت تقع في قبرص التركية

قد يختلف القبارصة اليونانيون والأتراك كثيرًا، لكن لو أن هناك شيئًا واحدًا يجمعهم فهو الاتفاق أن قلعة St Hilarion بمدينة غرنة «كيرينيا» هي القلعة التي ألهمت والت ديزني تصميم قلعة الساحرة الشريرة في رائعة الأخوان جريم بياض الثلج snow white»».

9: الحمار القبرصي معلم سياحي!

من أشهر معالم قبرص حول العالم هو الحمار القبرصي

الحمار القبرصي من أشهر أنواع الحمير، كما يعد الحمار القبرصي رمزًا وطنيًا، مما يجعله من الأشياء القليلة التي يتفق عليها الجانب الشمالي والجنوبي من قبرص؛ حيث يتعاون الجانبان لحماية ما تبقى من الحمير القبرصية في واحدة من أشهر المحميات في العالم وتقع في مدينة كارباس شمال قبرص التركية.

10: قبرص التركية وافقت على الوحدة ورفض الجنوب

في 2004 توسطت الأمم المتحدة بعرض تسوية بأن يكون استفتاء لكلا الجانبين، وقد عارض التسوية كل من رئيس قبرص تاسوس بابادوبولوس ورئيس شمال قبرص التركية رؤوف دنكطاش؛ وفي الاستفتاء وافق غالبية القبارصة الأتراك على الاقتراح لكن اليونانيين رفضوها. ونتيجة لذلك فقد دخلت قبرص الاتحاد الأوروبي كجزيرة مقسمة، حيث استبعد شمال قبرص، ونتيجة للتصويت فقد استقال دنكطاش معلنًا محمد علي طلعت المؤيد للحل خلفًا له.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

عرض التعليقات
تحميل المزيد