لماذا تغدق الولايات المتحدة على مصر بالمعونات الاقتصادية والعسكرية منذ عهد السادات؟
لان أمريكا لا تريد لمصر النهوض والاعتماد على نفسها، وبهذه المعونات تظل مصر معتمدة على الولايات المتحدة وخاضعة لسياساتها في الغالب.
لأنه بهذه المعونات كانت أمريكا تصغط على الحكومات المصرية المتعاقبة لتنفيد سياسات الولايات المتحدة في المنطقة وعلى رأسها ضمان أمن إسرائيل وضمان أمن الممرات المائية التي يتم من خلالها مرور شحنات البترول للولايات المتحدة والغرب.
تنفيذ سياسات الولايات المتحدة في ضمان أمن مناطق إنتاج البترول في الخليج والحفاظ على عروش حكامها ماداموا سائرين في ركاب الولايات المتحدة.
محاولة إنتاج نظام شبه ناجح وفي نفس الوقت تابع للسياسات الأمريكية ليكون نموذجاً لأنظمة المنطقة في التبعية للولايات المتحدة.
كما أن هذه المعونات تعتبر معونات غير مباشرة للشركات الأمريكية ولتوفير فرص عمل للمواطن الأمريكي، ذلك أن من شروط هذه المعونات ضرورة شراء معدات أمريكية واللجوء لشركات استشارية أمريكية.
وفي الستينات حافظت الولايات المتحدة لفترة طويلة على معونات القمح الأمريكي لمصر، بالرغم من العداء الظاهر بينها وبين عبدالناصر؛ وذلك لكي يظل بيدها ورقة ضغط على عبد الناصر، وقد حاولت استغلالها، وكان من نتيجة ذلك دخول الاتحاد السوفيتي لمصر حين أمر سفنه المحملة بالقمح بتغيير مسارها والتوجه لمصر لتفادي الحظر الأمريكي على القمح.
وفي أتون حرب رمضان / أكتوبر توجه وزير الخارجية الأمريكي الداهية اليهودي هنري كيسنجر إلى المنطقة في زيارات مكوكية بين مصر والكيان الصهيوني لوقف إطلاق النار. وفي لقاء له مع السادات طالبه بعدم زراعة القمح في مصر؛ لأن تكلفة استيراده من الخارج أقل من تكلفة إنتاجه في مصر، وأن تركز مصر بدلًا عن ذلك على محاصيل أخرى، مثل الكنتالوب والفراولة لتصديرها، ثم استيراد القمح.
وقد حافظت وزارة الزراعة المصرية على تلك السياسة، وخاصة في عهد الوزير يوسف والي الأكثر بقاء في الوزارة ومنهدس التطبيع الزراعي مع إسرائيل.
ولما جاء لمصر رئيس منتخب بعد ثورة يناير كان من أهدافه أن تنتج مصر غذاءها (و على رأسه القمح) ودواءها وسلاحها، ولعل ذلك هو السبب المباشر لدعم الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي للتخطيط ثم لتنفيذ الانقلاب على التجربة الديمقراطية المصرية الوليدة.
أما المعونات العسكرية الضخمة فهي تضمن للولايات المتحدة استمرار التدخل في شئون القوات المسلحة المصرية ومعرفة كل شيء عنها، كما أن توريد الأسلحة وقطع غيارها وذخيرتها يضمن لأمريكا وسيلة ضغط على الحكومة المصرية ربما هي وسيلة أكثر نجاعة من الضغوط الاقتصادية.
توريد الولايات المتحدة للسلاح للجيش المصري يضمن للولايات المتحدة عدم توجه مصر لمصادر تسليح أخرى لأن التسليح الأمريكي للجيش المصري تحده دائمًا محددات، مثل ألا يكون هناك تفوق نوعي ولا كمي للسلاح المصري على السلاح الإسرائيلي.
تضمن الولايات المتحدة من خلال التصنيع العسكري المشترك ألا تنتقل التكنولوجيا المتقدمة في الأسلحة لمصر وتظل الصناعة المصرية مجرد تجميع لقطع أمريكية ( مثل تصنيع الدبابة m1 إبرامز).
كما أن التعاون الوثيق يضمن للولايات المتحدة ألا تتجه مصر لمصادر أخرى لإنتاج صواريخ بعيدة المدى تغير من التوازن في المنطقة.
التعاون في مجال التدريب والدورات العسكرية للقادة العسكريين يضمن للعسكريين الأمريكيين تكوين صلات شخصية قوية مع القادة العسكريين المصريين تضمن لهم التأثير على صانع القرار المصري ذلك أن مصر منذ 1952 لم يحكمها إلا عسكري باستثناء سنة واحدة التي حكمها محمد مرسي ثم انقلب عليه قادة الجيش.
كما أن معظم المناصب القيادية تكون من حظ القادة العسكريين مثل المحافظين ووكلاء الوزارات وغيرهم.
وتواجد القادة المصريين في دورات بالولايات المتحدة يضمن لها جمع معلومات كاملة عن كل منهم واتجاهاته السياسية وأيديولوجيته وتكوين صداقات قوية بين القادة المصريين وزملائهم الأمريكان، ثم الدفع بعد ذلك بمن تراه مناسبا ليتبوأ المناصب القيادية في مصر.
ولما كان الأمريكان يفكرون بعقلية التاجر المرابي، فإنهم ينتظرون تحصيل مئات الدولارات مقابل كل دولار واحد ينفقونه على المساعدات لمصر.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست