إن حال سياسيي مصر محزن وغير مبشر بالخير، فهم متفقون بشكل شبه إجماع على أن ثوار الجزائر والسودان يجب أن يتعلموا من خيبة المصريين، وألا يسقطوا فيما سقطت فيه الثورة المصرية، وهذا الرأي العجيب هو محل مقالنا هذا، لذلك سنرد عليه بشيء من بالتفصيل.

وهناك فكرة أخرى يتناقلها رواد المنصات الاجتماعية، وهي عقد مقارنة بين الثورة المصرية والثورة الجزائرية أو توجيه انتقاد حاد للمصريين لعدم الخروج في ثورة جديدة مثل الجزائر، والحقيقة أن هؤلاء قياسهم فاسد وحسباتهم مغلوطة.

في البداية نرد على رواد المنصات الاجتماعية، كيف نقارن بين ثورة الجزائر التي يخرج فيها الرجل بأهل بيته آمنًا عليهم غير مهدد بالاعتقال أو القتل، وبين ثورة كل من خرج فيها ودع أهله قبل خروجه لعلمه أن احتمالات نجاته ضئيلة جدًا.

كيف نقارن بين ثورة الجزائر التي بدأت منذ شهرين وثورة مصر التي بدأت منذ أكثر من 15 عامًا؛ فهي لم تكن في يناير (كانون الثاني) 2011 كما يظن البعض، ولكنها بدأت بتحدي أيمن نور لمبارك في انتخابات الرئاسة 2005، ووقوف الشعب خلف أيمن نور، وتحدي الإخوان للحزب الوطني في انتخابات مجلس الشعب، والحصول على 88 مقعدًا في البرلمان، إضافة إلى ظهور حركة كفاية في 2004 بقيادة جورج إسحاق وتأسيس حركة 6 أبريل وإضرابات عمال المحلة الكبرى في 2006، ومواجهة القضاة للتزوير والفساد من خلال تيار الاستقلال بقيادة المستشار هشام البسطويسي ومحمود مكي وأحمد سليمان ووليد شرابي وزكريا عبد العزيز الذي انقلب علي عقبيه بعد ذلك، فكل هذه الأحداث كان يترتب عليها اعتقالات وقتل ورفد من الخدمة وتنكيل وابتزاز، ولكن استمر المناضلون الثوار في طريقهم سنوات حتى اشتعلت ثورة 25 يناير 2011؛ لتبدأ المرحلة الثانية من الثورة.

فأية مقارنة نعقد بعد كل ذلك، لا أدعي الخيرية أو الأفضلية لأي ثورة، ولكن المقارنة غير صحيحة، ومن يطالب الشعب المصري بالخروج في ثورة الآن، فإنه لا يجهل الوضع المصري ويجهل الوضع الجزائري والسوداني وهو ما يسمي جهد الجاهل.

أما الرد على قول من يدعون الجزائريين والسودانيين أن يتعلموا من خيبة المصريين، أقول لهؤلاء السياسيين، عن أي خيبة وأي فشل تتكلمون، لقد كافح الشعب المصري وتياراته لسنوات حتى اشتعل الشارع، فخرج الناس بكل قوة رغم علمهم بما سيحدث لهم من قبل قوات الأمن والبلطجية، ولكنهم خرجوا بالفعل بدأ الأمن بالبطش بالمتظاهرين وبالخطف والقتل والاعتقال والدهس بالسيارات وإطلاق البلطجية وفتح السجون، ورغم ذلك استمر الشعب في ثورته ولم يمنعه ذلك من استكمال المسير.

ثم تحترق المؤسسات والاقسام وتنسحب قوات الأمن وتسرق المحالات التجارية ويصبح كل فرد مسئول عن أمان اسرته ليقسم الثوار أنفسهم إلى قسمين، جزء في الشوارع ليضبط الأمن، والجزء الآخر في الميادين.

أما ثوار الجزائر والسودان لم يروا شيء مما رآه الشعب المصري، ورغم ذلك كان يمكث الثوار في الشوارع دون الرجوع إلى منازلهم، أما ثوار الجزائر كانوا يكتفون بالمسيرات، ثم العودة إلى المنازل وفي الفترة الاخيرة فقط بدأ الثوار السودانيين في الاعتصام مع اختلاف الجوهري للحالة الأمنية والاجتماعية مصر، وظل الثوار في مصر علي هذه الحالة الثورية حتى سقط الفرعون وجاء المجلس العسكري.

وهنا تبدأ المرحلة الثالثة من الثورة وهي مرحلة المجلس العسكري التي يبني عليها السياسيون نقدهم، وقولهم إن المجلس العسكري استطاع امتصاص الثورة وتفريق التيارات السياسية وإقناع الثوار بالعودة للمنازل، وهذا أكذب الكذب.

فأما ادعاء ان المجلس العسكري استطاع إقناع الثوار بالعودة للمنازل فهذا أمر يكذبه الواقع والتاريخ فأحداث التحرير ومحمد محمود والعباسية والسفارة السعودية والسورية والمليونات الأسبوعية وغيرها من الأحداث تكذب هذا القول.

أما القول بأن المجلس العسكري استطاع تفريق الثوار وهذا كذب أيضًا فلم يكن الثوار يومًا متفقين في شيء، فإن الثوار بشكل عام والتيارات السياسية تتفق في الخطوط العريضة، وهي زوال مبارك من جذوره، وما بعد ذلك فلم نتفق في أي شيء، مهما ادعي السياسيون غير ذلك، فكنا عندما نتناظر في الميادين كان البغض واضحًا بين التيارات الكبيرة، فلم يكن اختلاف فكري فقط، بل عداء، وهنا الكلام ينصب على أصحاب الرأي والفكر، وليس المقصود هنا عوام الثوار من الشعب، فكانت 6 أبريل (نيسان) لا تتفق فكريًا مع أحد، وكان الإخوان لا يتفقون مع أحد وهكذا كل التيارات من الاشتراكيين أو السلفيين أو الليبراليين أو العلمانيين أو المسيحيين، الكل جاء بفكره الذي تبلور خلال 10سنوات ماضية ليحاول تطبيقه دون اعتبار للطرف الآخر؛ لأن كل طرف يرى أن معه قدرًا كبيرًا من القوة الشعبية، وأن له سبقًا في الثورة والتضحية وهو الأولى بنفاد أفكاره، وهي حالة تصيب البشر بعد سقوط طاغية يمثل القوة المطلقة فيظن أن من أسقطه قوته تفوق قوة من أسقطه، ولكن الحقيقة ليس هناك تلازم، لذلك كان الكل يبغض الكل، لذلك لا يصح وصف أن المجلس العسكري فرق بين التيارات لأننا كنا متفرقين بالفعل، ولم يفعل المجلس العسكري شيئًا سوى أنه استغل حالة الفرقة والبغض الموجودة لصالحه.

والحقيقة أن الاختلاف في حد ذاته أمر لا بأس به طالما اأن هناك قواعد وقوانين نلجأ إليها ونحترمها عند الاختلاف، ولكن كانت الأزمة أن معظم التيارات لم يكن لها مرجعية فلا احترام لقانون أو دستور أو قواعد علمية أو مبادئ أو (دين)، بل كان المحرك الرئيس البغض والمصلحة، وأقصد هنا التيارات الليبرالية والعلمانية بالأخص، وتجلت هذه المشاعر وظهرت على السطح بعد انتخابات مجلس الشعب وتحقيق الإخوان الأغلبية، حيث اختلقت كل التيارات مصطلح مشاركة لا مغالبة، واعتبروا أن الصندوق مغالبة، وكفروا بالديمقراطية، فكان الليبراليون يمارسون السياسة بمنطق (فيها لخفيها)، لذلك وجدت هذه التيارات ملاذها في المجلس العسكري فعندما استشعر الليبراليون أن الإخوان سوف يحققون أغلبية في مجلس الشعب، ذهبت لتطالب المجلس العسكري بالبقاء في السلطة لمدة ثلاث سنوات وتأجيل الانتخابات لمنع أي تيار آخر غيرهم من الوصول للسلطة، وكان على رأس هؤلاء أسامة الغزالي حرب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية.

وفي المقابل ذلك تحصن الأحزاب ميزانية الجيش، وظهر هذا في الوثائق الفوق دستورية الحاكمة للدستور.

إضافة إلى محاولات الأحزاب الليبرالية وضع مواد تكون فوق إرادة الأمة لا يستفتى عليها لتسلب الشعب حقه في الاختيار، فهم يرون أنهم أوصياء على الأمة، حيث إن الأمة غير راشدة والدليل علي ذلك من منظور الليبراليين هو اختيار (نعم) في الإعلان الدستوري، لذلك كانت الدعوة إلى مواد فوق دستورية ظهرت في هذه الوثائق بأن يكون الجيش هو المسئول عن مدنية الدولة ليكون الجيش هو المرجعية الأعلى لتصحيح إرادة الأمة إذا انحرفت وفكرت بتغير هوية الدولة الليبرالية.

ثم الدعوة إلى خروج الدستور قبل انتخابات مجلس الشعب حيث اتفق العلمانيون أن ينقلبوا على إرادة الشعب التي تجسدت في الإعلان الدستوري الذي ينص على انتخابات مجلس الشعب أولًا ثم الدستور ، وكأن لا كرامة للشعب ولا إرادة للشعب، لتخرج الجبهة الحرة للتغيير السلمي، ولم تكن سلمية يومًا ما، منادية بجمع 15 مليون توقيع للانقلاب على الإعلان الدستوري، وجعل الدستور أولًا والخروج في مظاهرات ومليونيات في التحرير، لذلك كانت تتقرب قيادات الليبراليين من المجلس العسكري في محاولة منهم لمغازلة الجيش بدعوته بأن يكون حامي الدولة العلمانية بأن ينقلب على أي نظام يخالف التوجه العلماني للدولة في حالة فشلهم أن يكون الدستور أولًا، وهذا ما صرح به البرادعي في جريدة الأهرام، وصرح به عادل حمودة في جريدة الفجر وعمرو حمزاوي وغيرهم الكثير، لأنهم يعلمون جيدًا أن انتخابات مجلس الشعب إن جاءت أولًا ستفرز نتائجها نجاح التيار الإسلامي، وهذا ما تتخوف منه القوي الليبرالية وحينها ستكون السلطة التشريعية وسلطة تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور في يد الإسلاميين، لذلك كانوا يسعون إلى الانقلاب على الإعلان الدستوري والتحالف مع الجيش وإعطاء الجيش صلاحيات واسعة والانقلاب على الديمقراطية وإرادة الشعب، ليكون الدستور أولًا، فإذا جاء الدستور أولًا فإن تشكيل أعضاء اللجنة التأسيسية للدستور سيكون وفق عدد الأحزاب التي يعتبر السواد الأعظم منها أحزاب ليبرالية وتكون سلطة تشكيل هذه اللجنة في يد المجلس العسكري، لذلك كان يجب على التيارات الثورية المعتدلة والإسلامية الدخول في توازنات مع المجلس العسكري وتقديم بعض التنازلات لإحباط هذا المخطط الذي سيدمر هوية الدولة الإسلامية، وبالطبع اعتبرت التيارات العلمانية أن هذا خيانة للثورة، ولكن الحقيقة أن التيار الليبرالي هو الخائن لدينه ولثورته، وهي تيارات يحركها البغض والكره فلا تعرف نزاهة أو كرامة أو حرية أو مبادئ أو احترام إرادة الشعب أو أرضية مشتركة تجمعهم مع خصومهم، لذلك كانت حقيقة المعركة في أصلها بين التيارات الثورية بينها وبين بعض، فكانت معركة وجودية معركة تكسير عظام، كان يستغلنا المجلس العسكري لصالحه، ورغم كل ذلك خسر الليبراليون كل المعارك الديمقراطية، لذلك ظهر مفهوم جديد بأن الإخوان يريدون السيطرة على كل شيء، والحقيقة إذا كانت هذه السيطرة نابعة من إرادة الشعب فهذه هي الديمقراطية، وكان الإخوان وقتها متمسكين بالمسار القائم على احترام إرادة الأمة المتمثل في الإعلان الدستوري، وكان الخطاب الشعبوي المعادي للإسلام هو من جعل هذه التيارات الليبرالية تخسر كل المعارك الانتخابية.

والذي جعل الإخوان يفوزون في كل هذه الجولات هو عدم معاداة الإسلام (فقط)، فما كان الإخوان وقتها يدعون إلى حكم إسلامي أو تطبيق للحدود وغير ذلك مما كان ينادي به السلفيون، فكان الليبراليون يريدون الدستور أولًا ليتشكل أعضاء اللجنة التأسيسية من نخبة عفنة (غير منتخبة) ليقوموا هم بوضع الدستور والمواد الفوق دستورية لإغلاق الباب على الإسلاميين إن وصلوا للبرلمان إذا حاولوا التعديل، لذلك كانت الدعوة للإعلان الدستوري بقوة بعد الثورة لأن الإسلاميين يفهمون العلمانيين جيدًا وهم يفهمون الإسلاميين جيدًا.

لذلك انتقد الكثير من العوام دعوة الإسلاميين للناخبين بالتصويت (بنعم) للإعلان الدستوري على أنها نصرة للإسلام، وكان نقدهم ما دخل الإسلام بالإعلان الدستوري، وكان الجهلة يسيرون خلف هذه الأقاويل، ولكن الإسلاميين كانوا على علم بما يخطط له العلمانيون من محاولة جعل الدستور أولًا، وعندما فشلوا في الإعلان الدستوري توجهوا للخروج على الإعلان بدعوات مليونية وجمع توقعات.

وعندما فاز الإسلاميون في مجلس الشعب بأغلبية ذهبوا لتشكيل اللجنة التأسيسية، ولم يجد العلمانيين سوى الالتفاف على مجلس الشعب خوفًا من أن تفرز هذه اللجنة دستورًا إسلاميًا يصوت عليه الشعب بالموافقة.

فكان الحل هو الذهاب للقضاء، فتقدم جابر نصار بطعن أمام المحكمة الإدارية يطلب فيه إلغاء قرار البرلمان بتشكيل الجمعية التأسيسية معتبرًا أنه قرار إداري خاطئ يشوبه انحراف في استخدام السلطة. وانضمت إلى هذا الطعن أحزاب ليبرالية ويسارية والعديد من الشخصيات العامة. وكان شعارهم «الدستور مش أغلبية.. مصر حتفضل مدنية»، في إشارة إلى مخاوفهم من أن تؤدي هيمنة الإسلاميين على لجنة وضع الدستور إلى تحويل مصر إلى دولة دينية وتمسكهم بأن يحمي الدستور الجديد للبلاد الطابع المدني للدولة.

وكان هذا إجابة مختصرة توضح حجم العداء بين التيارات السياسية ومحاولتهم تكسير عظام بعضهم البعض عن طريق استخدام المجلس العسكري ولم يكن المجلس العسكري هو سبب التفرقة، بل الفرقة كانت موجودة بالفعل.

وكانت حركة 6 أبريل والسلفيون وشخصيات ثورية يقظة لعدم بقاء المجلس العسكري مثل حازم صلاح أبو إسماعيل وعبد المنعم أبو الفتوح وعبد الله الأشعل وغيرهم من الشخصيات المحترمة، تسعى لإجبار المجلس العسكري على تسليم السلطة، ونتج عن ذلك صدام اعتبر الموجة الثانية لثورة يناير.

وكان من أبرز هذه الأحداث أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء التي قتل فيها ما لا يقل عن 90 مصريًا، وأكثر من 8 آلاف جريح في القاهرة والإسماعلية والأسكندرية ومرسى مطروح وهي الأحداث التي جعلت المجلس العسكري يعلن عن موعد تسليم السلطة.

وفي أحداث أخرى قتل 11 قتيلًا من الثوار السلفيين في أحداث العباسية، فلم يخدع الثوار كما يقولون، بل ظل عامًا ونصف في الشوارع ليحافظ على ثورته، فسعى الثوار للحصول على برلمان ولجنة تأسيسية تمثل الثورة فخرج بالملايين وناصر التيارات الثورية وهزم الفلول، وعندما دعم الشعب الإخوان والسلفيين لم يكن حبًا في الإخوان بقدر نصرة الثورة.

فبعد اشتعال الثورة أظهرت التيارات الليبرالية والعلمانية العداء الشديد للإسلام، فأصبح الشعب بين أربعة خيارات، إما اختيار الفلول، أو اختيار تيارات تعادي الإسلام بوضوح في كل وسائل الإعلام أو أحزاب طائفية يتكتل المسيحيون تحت رايتها، وأحزاب يتكتل السلفيون تحت رايتها مثل المصريين الأحرار والنور، وكان الاختيار الرابع هو الإخوان المسلمون، فلم يجد الشعب سوى تيار الإخوان ليعطيه صوته لأنه الفصيل الثوري الأخير المتبقي الممثل للثورة ولو كان هناك حينها فصيل آخر معتدل يمثل الثورة لاختاره الشعب.

وعليه يكون خروج الشعب في انتخابات مجلس النواب كان خروجًا ثوريًا لاستكمال الثورة، وتم تحقيق الانتصار بالفعل.

ثم جاءت انتخابات مجلس الشوري فناصر الشعب الثورة بالملايين وتحقق النصر ولم يفشل الشعب في أي اختبار، سواء باختيار الفلول أو من يعادوا الدينث، م جاء موعد انتخابات الرئاسة فخير الشعب بين مرشح يمثل الثورة ومرشح يمثل الفلول فاختار الشعب ممثل الثورة، رغم اختلاف الكثير ممن اختاروا مرسي وعدم الاقتناع به، وظهر هذا بعد توليه الحكم، حيث انقلب عليه الكثير ممن اختاروه سريعًا لأنهم اختاروه فقط هروبًا من مرشح الفلول، ولم يكن اقتناعًا به أو بأفكاره أو ببرنامجه، وهذا يدل على انتصار الشعب للثورة، فقد اختار كثير من المصريين مرشح لم يكونوا مقتنعين به، فقط لإنقاذ الثورة من الفلول.

وكان دخول الحرية والعدالة لانتخابات الرئاسة انتصارًا للثورة، فبعد انقلاب المجلس العسكري على الثورة بحل البرلمان ومنع قانون العزل السياسي من الخروج للنور من خلال المحكمة الدستورية ومحاولات اتهام التيارات الثورية بأنها هي التي قامت بالاعتداء على المتظاهرين في موقعة الجمل، وكانت هذه الأوراق يلاعب بها المجلس العسكري الإخوان قبل تنفيذها، وكان يسانده في ذلك كثير من الليبراليين، فشعر الحرية والعدالة بأن الثورة تقتل وتسرق فسارع لسد ثغر الرئاسة لعلها تستطيع إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وبالفعل انتصر الحرية والعدالة لإدراكه أن الثورة تسرق، وسانده في ذلك الشعب المصري.

فحتى هذه اللحظة لم يفشل الشعب ولم تهزم الثورة في معركة سوى حل البرلمان، ثم استطاع الشعب الإتيان برئيس ثوري لإنقاذ البرلمان مرة آخر.

فقد أسقطت الثورة الفرعون وأسقطت المجلس العسكري، وناصرت وتمكنت من الحصول علي مجلس شعب ممثل للثورة ودستور ورئيس ونائب عام ممثل للثورة، فعن أي فشل يتكلمون، إنهم هم الفشلة.

ثم جاءت المرحلة الرابعة وهي حكم مرسي، فشكل الليبراليين جبهة الإنقاذ بقيادة محمد البرادعي وحمدين صباحي لإسقاط مرسي، وهذا ما حدث.

لذلك أقول إنه لم تحدث عملية خداع من المجلس العسكري للثوار كما يدعي الكثير، بل كان الصراع بين العلمانيين والإسلاميين صراع وجودي، ومعركة تكسير عظام، وكان سببًا رئيسيًا في تأخر نتائج الثورة، حتي سقط مرسي في أحداث يونيو (حزيران)

لذلك أقول لكل السياسيين والمشايخ الذين يروجون أن الثورة فشلت، وعلى غيرنا أن يتعلم من خيبتنا، أقول بئسًا لكم ولجهلكم، فمشكلة الأمة أنها تفتقد التخصص، فليس كل ليبرالي أو شيخ أو مثقف يستطيع أن يكون سياسيًا.

وهذا تاريخ موجز عن ثورة مصر الحديثة.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

تحميل المزيد