يطرح تصاعد العنف اليميني عددًا من التحديات لجهود مكافحة الإرهاب الحالية. فهو لا يفرض ضغوطًا إضافية على أوجه القصور الحالية في الموارد والأفراد فحسب، بل يتحدى أيضًا بعض الأساليب المعتمدة لمنع الإرهاب ومكافحته. وتحث هذه التحديات الجهات الأمنية على إيجاد توزيع متوازن للموارد لمواجهة الأيديولوجيات الإرهابية المتعددة وإعادة النظر في بعض الافتراضات حول كيفية ظهور الإرهاب.
وكشفت أحدث البيانات الصادرة عن «مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)» أن معظم الاعتقالات في الولايات المتحدة نشأت من جرائم غير إرهابية، على الرغم من التصور السائد بأن البلاد تواجه تهديدًا وجوديًا من الجماعات المسلحة مثل القاعدة و«داعش».
وأظهرت نفس البيانات أيضًا أن وكالات إنفاذ القانون المحلية والفدرالية قد ألقت القبض على المزيد من المشتبه بهم المرتبطين بحركات اليمين المتطرف، أو ما وصفه مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنه «إرهاب محلي»، أكثر من أولئك الذين يُزعم أن لديهم صلات بجماعات إرهابية معروفة دوليًا.
«الإرهاب المحلي» هي عبارة مميزة لتعريف فعل الجناة الذين استلهموا لأسباب عنصرية لارتكاب العنف.
هذه هي المرة الأولى التي يحدد فيها مكتب التحقيقات الفيدرالي عنف اليمين المتطرف على أنه تهديد أكبر لأمن البلاد من أي جماعة إرهابية أجنبية.
ووفقًا لمركز التطرف التابع لرابطة مكافحة التشهير، فإن 71٪ من عمليات القتل المتعلقة بالتطرف ارتكبها متطرفون من البيض بين عامي 2008 و2017، في حين أن المتطرفين المرتبطين بجماعات مثل «داعش»، مسؤولون عن 26٪ من أعمال العنف المميتة.
وكتبت جانيت ريتمان، مؤلفة كتاب «Inside Scientology»: «لقد قتل المتطرفون البيض وغيرهم من المتطرفين اليمينيين عددًا أكبر بكثير من الأشخاص منذ 11 سبتمبر (أيلول) 2001، أكثر من أي فئة أخرى من المتطرفين المحليين».
في عام 2017 كان هناك 65 حادثًا متعلقًا بالتطرف، أسفر عن مقتل 95 شخصًا، وارتكب متطرفون من أصول إسلامية سبع هجمات فقط، أي ما يعادل أكثر بقليل من 10٪ من الهجمات في الولايات المتحدة، في حين شكلت أعمال العنف اليمينية واليسارية الأخرى أكثر من 80٪ من الهجمات.
ومع ذلك يبدو أن سلطات إنفاذ القانون الأمريكية قد حولت انتباهها مؤخرًا إلى التركيز على العنف الذي تسببه حركات اليمين المتطرف.
وخلال شهادة في مجلس الشيوخ، أكد كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، أن وكالة إنفاذ القانون الفيدرالية كانت تتعامل مع ما لا يقل عن ألف تحقيق بشأن تفوق البيض وغيرهم من أعضاء الجماعات المتطرفة المحلية، الذين كانوا يستعدون لشن هجمات في الولايات المتحدة الأمريكية.
في عام 2017 وفقًا لبيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تم الكشف عنها لصحيفة واشنطن بوست، اتُهم 30 شخصًا بالعمل مع داعش بالإرهاب. وفي العام نفسه ألقى مكتب التحقيقات الفيدرالي القبض على 150 مشتبهًا على الأقل بتهم «الإرهاب المحلي»، وفقًا للبيانات.
في عام 2018 انخفض عدد المتهمين الذين يواجهون تهمًا بالإرهاب تتعلق بجماعات مسلمة إلى تسعة، وفقًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي. ومن ناحية أخرى، تم في نفس العام إلقاء القبض على 120 من المشتبه بهم من «الإرهاب الداخلي»، وفقا للبيانات.
منذ أن أصبح دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، وقعت اشتباكات عنيفة بين النشطاء المؤيدين والمعارضين له.
في يوليو (تموز) 2017، اشتبكت مجموعات النازيين الجدد مع المتظاهرين اليساريين في شارلوتسفيل، فيرجينيا، حول وضع التماثيل التي تكرم أبطال الحرب الأهلية الأمريكية في الولايات الجنوبية. وأدت المواجهة إلى مقتل أحد المحتجين اليساريين. كما أن حادثة شارلوتسفيل قد جعلت الخبراء يخشون من تداعياتها المستقبلية.
كتب سي جي ويرلمان، المحلل والكاتب في الصراع والإرهاب: «الموجة التالية من الإرهاب هنا، وهي موجة ينفذ فيها القوميون المتطرفون البيض أعمال عنف متعمدة ضد المسلمين».
وفي العام الماضي ذبح أحد محبي ترامب ستة كنديين مسلمين في مسجد بمدينة كيبيك، قصف القوميون البيض مسجدًا في مينيسوتا، بينما كان بداخله 20 مصليًا؛ وفي لندن قام رجل «تم غسل دماغه» في دعاية لليمين المتطرف بقيادة شاحنته إلى مسجد فينسبري بارك بنية «قتل المزيد من المسلمين»، لاحظ ويرلمان.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست