يُعد الإعلام وسيلة لنشر الأخبار، والبرامج والأفكار المختلفة، وبهذا يكون الإعلام وسيلة للتعبير عن الأفكار وحق الإنسان في الولوج إلى المعلومة. لكن في الآن نفسه، يعد سلاحًا فتاكًا عندما تستغله جهات ذات نوايا سيئة. والتي تسعى لنشر أفكار وأكاذيب تسعى من خلالها إلى النيل من جهات معينة، أو دين معين، شعب أو شخص معين. والإسلام والمسلمون، لم يسلموا من هذا النوع من الإعلام الفتاك!
بعد الأحداث الإجرامية التي شهِدتها الولايات المتحدة الأمريكية في واقعة اصطدام الطائرتين ببرجي التجارة في نيويورك، كان ذلك في 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2001. هذا الحادث الذي غير وجه العلاقات الدولية تغييرًا جذريًّا، وبات الإسلام والمسلمون في فوهة مدفعية الدول الغربية، بعد أن تبنّت القاعدة هذا الهجوم. هذه الأخيرة التي تدَّعي أنها تسعى لإحياء الدين والشريعة الإسلامية. وبذلك تكون قد أزّمت المسلمين في كل مكان، فجعلت المسلم دائمًا متهمًا في كل نازِلة. كما سبب ذلك في معاناة أكبر للمسلمين الذين يعيشون في البلدان الغربية. وأصبحت جملة «الحادث يحمل بصمات الإرهاب الإسلامي» هي الجملة الأكثر استخدامًا في وسائل الإعلام في أغلب الأعمال الإجرامية التي تحدث في العالم.
ويكثر القيل والقال عن تاريخ الإسلام والمسلمين، وأن المسلمين همجيون وإرهابيون، وأن هذا هو طبعهُم.
هذا الإعلام الذي يكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بحادث إجرامي يقف وراءه مجرم من عندهم. فتراهم يتسامحون معه ويلتمسون له الأعذار، كان مخمورًا أو مجنونًا، وأن هذا ليس من أخلاق شعبنا.
هذا ليس بالأمر الجديد؛ فقد وقعت أحداث في مصر، كانت البطلتان امرأتين، الأولى قتلت زوجها فوضعته في كيس مكتوب عليه «صنع في مصر»، وأخرى قتلت زوجها وطحنته ووضعته في أكياس مكتوب عليها «صنع في إنجلترا»،و كثر القيل والقال، واهتمت وسائل الإعلام الغربية بالموضوع، منهم من قال إن هذه الوحشية هي الأصل في المصريين، وأن الفراعنة كانوا يفعلون الشيء نفسه، وأن – إيزيس– الإلهة قتلت أخاها وزوجها – أوزوريس– ومزقت جسديهما فوضعت في كل بلد جزءًا منهما.
في حين وقعت في بلدانهم جرائم أبشع مما تتخيل. في رحلة قام بها سياح ألمان على متن طائرة، كانت تمر على جبال الألب عندما سقطت فلم ينجُ منهم إلا اثنان، عندما أحس أحدهما بالجوع اضطر إلى أن يأكل صديقه، وقد فعل، فأوجدوا له عذرًا إنه كان جائعًا، وأن وأن.
وفي روسيا حدثت جريمة لا تقل وحشية عن الأولى، فقد سبق أن اعتقلت الشرطة رجلًا قتل 56 شخصًا وأكل لحومهم، وقد كان سليم العقل، لا يعاني من أي اضطراب نفسي، أي ليس هناك أي عذر لتلك الأفعال، انتدب محاميًّا يدافع عنه ويقول إن موكله مجنون.
فعقدة الاستعلاء التي يتميز بها الغربيون الآن ليست بالأمر الجديد. ففولتير مثلًا، كان قد كتب مسرحية عنوانها «النبي محمد» أو «التعصب»، وهي التي يتهم فيها الإسلام والمسلمين بالهمجية والتعصب للقبيلة، والدين ولم يُذكر أنه قد عارض ما كان فعله ويفعله المسيحيون آنذاك، والذين أبادوا شعوبًا عن بكرة أبيها. فهم الذين يسمون جرائمهم بالحروب المقدسة ويصفون مقاومة الشعوب لهم بالإرهاب والبربرية.
وهكذا أكون قد عريت العقل، والإعلام، والرأي العام الغربي، والآن اليوم قبل الغد يتحتم على الإعلام والعالم الإسلاميين ألا يدخروا جهدًا في الدفاع عن الإسلام. وذلك عبر تغيير تلك النظرة النمطية التي كونها الإعلام الغربي عن الإسلام والمسلمين، وأن يكرِّسوا فكرة مفادها أن الإسلام دين حب وتسامح، وأن الجرائم التي تحدث ولو باسم الإسلام، تعبر عن فهم أصحابها للدين، ولا علاقة لها بجوهره، وذلك عبر الإعلام طبعًا.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست