كل منا يبحث عن الحرية، لكن لكي نحصل على الحرية لابد أن نبدأ بتحرير أنفسنا من القيود التي وضعناها بداخلنا، فالكثير للأسف يغفل أنه السجين والسجان معًا، فكيف نتحرر من أنفسنا أولًا، ثم من العادات والتقاليد، ثم نقف لندافع عن حقنا وحريتنا ضد السياسات الظالمة والفاسدة، التي لا تريدنا سوى قطيع من العبيد ينفذ الأوامر فى صمت، ولكن الحقيقة أنها ليست سياسة نظام فقط، ولكن، هو أسلوب حياة، تربينا عليه فى إطار الأسرة أيضا، الكثير من الآباء يعطي أوامره لأولاده غير القابلة للنقاش، ومن يحاول أن يناقش أو يرفض يكون في نظر والديه متعديًا حدوده معهم، وأنهم لم يربوه بالشكل الأمثل، فالشكل الأمثل بالنسبة لهم هو أن ينفذ لهم كل رغباتهم وأحلامهم دون نقاش.
وينطبق هذا أيضا على كل مؤسسات التعليم، وكل مؤسسات العمل، فلماذا إذن نلوم سياسة المجتمع الذي نعيش فيه، ونريده أن يستشيرنا في كل القرارات المصيرية التي تخصنا؟ فكيف تطبق الديمقراطية على شعب لم يمارسها يوما؟
هم يريدوننا أن نستمع للقرارات التي أخذت ونفذت في صمت، وكأنها لم تخص أرضنا، ولا مصيرنا يومًا، هم يريدوننا أن نرضى بكل قراراتهم بابتسامة رضا، أما إذا تمردت دفاعًا عن حقك وحريتك فستجد نفسك أمام مخالب أسد يسخر منك أو يتجاهلك، على كلٍّ أنا لا ألومهم؛ فالأولى أن نلوم أنفسنا أولَا؛ فالتاريخ دائمًا يعلمنا أن كل شخص قوي، إنما استمد قوته من ضعف الآخرين، فسلبهم حريتهم واستخدمهم لإرادته.
ومع ذالك نحارب على أمل أن نحصل على حريتنا يومًا، وإلا كيف لنا أن نحلم أو أن نحب أو أن نحيا؟ كان «لوركا» محقًا عندما كتب في مسرحية «ماريانا بينيدا»
«ماريانا ما الإنسان دون حرية ؟
دون هذا النور يتألق منسجمًا ثابتًا
قولي، أأستطيع أن أحبك، إن لم أكن حرًا؟
كيف أهبك قلبي، إذا لم يكن ملكي؟
صحيح، ما الإنسان دون حرية؟ إنه ليس سوى ترس يدور وفق إرادة سيده، مسلوب الإرادة والحياة».
فكل شخص يحارب فى الميدان الذي يتقن فنونه، فهناك من دافع عن حريته بقلمه، وهناك من تمرد، وهناك من يئس، فتناول بندقيته، إما مصوبها إلى رأسه، أو إلى كل من يحاول أن يسلبه حريته وحقه في الحياة.
الغريب أن كل من يعتدي على حريتك وحقك لديهم نفس المبرر؛ فالمبرر الذي يعطيه أهلك لك، عندما يختارون لك جامعتك أو عملك أو شريك أو شريكة حياتك أو أي أمر من أمور حياتك، هو نفس المبرر الذي يعطيه لك النظام الذي يحكم مجتمعك في اتخاذ أي قرار مصيري يخص أرضك ومجتمعك، والمبرر المعتاد هو «أنه يفعل ذالك من أجل مصلحتك، وأنه يعرف أكثر منك، وأنه لا يريد لك سوى أن تكون آمنًا وسعيدًا، ولكن ردي علي هذا المبرر مقولة «لإيمانويل كانت»
«لا أحد يستطيع إلزامي بطريقته كما يريد، كما يؤمن هو، ويعتقد أن هذا هو الأفضل لي وللآخرين» لأصبح فرحًا وسعيدًا، كل منا يستطيع البحث عن سعادته وفرحه بطريقته التي يريد، وكما يبدو له هو نفسه الطريق السليم، شرط أن لا ينسى حرية الآخرين وحقهم في الشيء ذاته.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست