لا يولد الإنسان مرة واحدة، فهو يمكن أن يولد أيضًا من جديد عندما يخرج من علاقة مؤذية، نعم لا تستغرب يا عزيزي، هل جربت في يوم أن تنظر إلى السماء من حولك والألوان عن جانبيك وكيف أصبحت مرة واحدة زاهية، هل شعرت بالحياة وقد أصبح لها طعم ولون و رائحة مختلفة، نعم فهذا ما يحدث لكل منا بالظبط عند الخروج من علاقة مؤذية والبداية من جديد، يشبه الأمر وقد أصبح الشخص يرى الحياة ويعيشها حقًّا، ليس من خلال تلك العلاقة ولكن من منظوره الخاص، يراها بروحه وعدسته التي كانت لا ترى إلا ذلك الشخص وتفاصيله، يعى الفرد الآن أن الحياة أوسع بكثير من تلك العلاقة التي حاصر بها نفسه وقزم إمكانياته ومداركه فقط عليها.

نحن لا ندخل العلاقة المؤذية بلا سبب ولكن ندخلها لأنها تعد ناقوس الخطر الذي يطرق بابنا ليذكرنا بأنه من الضروري أن نتغير، تأتي تلك العلاقة لتوضح لنا أن الحياة التي نعيشها ونراها ليست هى فحسب، وأن هنالك حياة أفضل غيرها، تفتح آفاق كل منا وتبصره بالفرص والإمكانيات الموجودة بداخله وفي كل شيء حوله.

إن العلاقة المؤذية والشخص المؤذي – أيًّا كانت صفته- يشبه السجن الذي نحبس فيه أنفسنا وطاقاتنا، والابتعاد عنه والنجاة من خيوطه يشبه الخروج من سجن حالك السواد ليس فيه طعم ولا لون ولا رائحة لأي شىء، تعيش فيه وكأنك ميت، إن السماح لأنفسنا ولمخيلتنا بالخروج منه يشبه المشي نحو الأفضل نحو ما نستحق حقًّا وليس ما أوهمنا المؤذي بأننا نستحقه.

لا يدري البعض أنه قد يكون في خيوط العلاقة المؤذية أو أن من أمامه ويرى الحياة من خلاله هو ما يعوقه عن التقدم، لا يجب أن نلوم الآخرين على هذا، فجميعنا يمكننا المرور بهذا وكما يقال مرآة الحب عمياء، ولكن حتى الذي في هذه العلاقة ولم يتكون لديه الوعي حولها، سيشعر بعد فترة منها أنه غير راضٍ وغير سعيد، وسيبدأ بالتساؤل وحينها سيبلغ الوعي مداركه، ويبدأ في البحث عن حل للخروج من خيوط هذه العلاقة.

إن الذي يميز علاقتنا هو الإجابة عن سؤال واحد فقط هل أشعر بالسعادة حقًّا؟ هل يمكنني أن أحب نفسي من خلال هذه العلاقة؟ هل أشعر بالرضا عن نفسي وعما حولي؟ هل أتقدم للأمام نحو أهدافي وفي علاقتي أم على العكس من ذلك؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة هي ما ستحكم كيف يمكنك التعامل معها.

عندما يُبلغك البعض بأنك تبحث عن شخص مثالي وأنك لن تجد هذا، اعلم أنه من الممكن أنك تتعرض للتلاعب بإدراكك، نعم لا أحد كامل هذا حقيقي، ولكن في الوقت نفسه ليس علينا أن نقبل الإهانة والسخرية والتلاعب والكذب والخيانة تحت مسمى أنه لا أحد كامل، لماذا عليك أن تكون أنت كاملًا لترضي من حولك وترضي هذا الشخص وعلاقتك به على حساب نفسك، فقط لأنه لا يوجد أحد كامل!

إن الذي يحبك حقًّا ويعلم ما يزعجك لن يقوم به، أما من يستغل نقاط ضعفك وخوفك ليسيطر عليك فهذا لا يحبك أبدًا حتى وإن قال عكس هذا، فنعم هو يحب ولكن يحب ما تعطيه من ثقة لنفسه، يحب عطاءك وتقديسك لشخصيته وخوفك من الانسحاب والابتعاد، عزيزي هو يحب نفسه من خلالك أنت، أما عنك أنت فستبقى تذبل يومًا عن يوم وتفقد من روحك في سبيل إرضاء هذا الشخص والبقاء في تلك العلاقة المسمومة.

علينا جميعًا أن ندرك أنه حولنا الكثير من العلاقات التي تؤثر فينا سواء بالسلب أو بالإيجاب ولكن يبقى الأمر في يد كل منا كيف يمكن له أن يوقف ذلك التأثير السلبي لهذه العلاقات، وكيف سيمضي من أجل نفسه، هل سيسمح لنفسه بالموت كل يوم؟ أم سيبدأ ويولد من جديد ليستشعر طعم الحياة الحقيقي؟ القرار في يد كل منا ليختار ما هو الأنسب له.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

تحميل المزيد