تمر على مصر أوقات عصيبة ومصائب تتلاحق يومًا بعد يوم، تأتي هذه المصائب تحصد أرواح المصريين وتتخضب الوجوه بالدموع والآم، ففي أيام معدودات تتعرض مصر لكارثة تصادم قطارين في صعيد مصر نتج منه إزهاق أرواح أبرياء ربما كانوا يحلمون بالعودة إلى أهاليهم يحملون البشريات ويحلمون بالمستقبل أو ينتظرون حياة أفضل، أو يأملون في تحقيق الأماني.
وربما تعاقبت خواطر كل منهم بمزيد من التعلق بالحياة وهم لا يدرون أنهم في محطتهم الأخيرة نحو الموت. وسقوط العقارات على ساكنيها وسقوط الكباري على الذين يسيرون في الشوارع، وكأنه الموت من كل مكان قد أحاط بمصر وأهلها.
إن جرائم العسكر المتتالية في مصر منذ انقلاب 52 وحتى اليوم قد تخطى في نتائجه الكارثية حجم الدمار الشامل الذي ألحقته القنبلة النووية على هيروشيما ونجازاكي في اليابان، لكن اليابان تجاوزت محنة تلك القنبلة وحوَّلت اليابان إلى كوكب خاص مليء بالحضارة والتقدم، وما زالت آثار حكم العسكر في مصر نذير شؤم ودمار على المصريين.
لكن حاولت مصر الجديدة النهضة وتأسيس جديد لإرساء وتمكين منظومة القيم والمبادئ والأخلاق والعلم في ظل رئيس مصر المنتخب، واستدعاء علماء مصر في الخارج للمشاركة في تلك النهضة على اختلاف التوجهات والأيديولوجيات، وكان من بين هؤلاء الدكتور وليد السنوسي ليس من الإخوان المسلمين، لكنه تطوع للعمل على رأس فريق من الباحثين، في ملف وطن نظيف، وكان هذا الفريق مشغولًا بتخفيض حجم التلوث في مصر، وفقًا للقياسات الدولية والعلمية، وبما أنه متخصص في الفيروسات، فقد أتاحت له الدولة المصرية مناخ البحث لاكتشاف مضادات الفيروسات، كان من مهمة ذلك الفريق أيضًا مشروع تدوير النفايات الصلبة وإعادة تصنيعها بما يخفف حدة التلوث البيئي، أثناء تلك الفترة الزمنية تقابلت مع أحد الأستاذة المتخصصين في ملف البيئة، وحاولت بما أستطيع توصيله لصناع القرار وقتها، وقد جرى التواصل بالفعل، هذا المشروع ضخم للغاية وكان مستهدفًا أن يتحول المشروع إلى أحد مصادر الدخل القومي الكبرى، وبدراسة مبدئية المشروع، كانت عائداته تتخطى 7 مليار دولار سنويًّا، عندما يطبق على مصر بكاملها، بما يفوق أو يقارب دخل قناة السويس، الرئيس محمد مرسي الرئيس الشهيد، كانت له رؤية من زاوية علمية أن ينهض بمصر نهوضًا قويًّا ومتسارعًا، وكانت هناك لجان عمل تشكلت في كل المجالات والتخصصات، جمعت تلك اللجان، كل الباحثين من علماء مصر في الداخل والخارج على حد سواء، ممن كانت لهم الرغبة في المشاركة في مشروع نهضة مصر، تقريبًا كل العقول التي شاركت من قريب أو بعيد في مشروع النهضة، يعاقبون اليوم على يد العسكر المجرمين، العسكر وضع خلاصة عقول مصر في السجون، على كافة انتماءاتهم السياسية، ولم يفرق بين فصيل وآخر في العقاب، غير أن فصيل الإخوان المسلمين لا بد أن ينال أشد العقاب والأحكام حتى الإعدام.
كانت هناك فرصة تاريخية لخروج تلك الدولة المصرية من مصير مجهول على يد العسكر إلى مصير معلوم رسم معالمه خلاصة علماء مصر، هناك أسماء كثيرة لامعة عادت إلى مصر فور تغيير النظام، على أمل أن تستفيد مصر من تلك العقول المهاجرة، لكنهم يدفعون اليوم ضريبة حب الوطن، على يد العسكر، الذي يطمع أن يخرج بمصر من تلك الأزمة، بالسبهللة والاستهتار والاستخفاف، وعلماء أمثال اللواء عبد العاطى كفتة، خير كفتات الأرض، هناك في سجون مصر مئات وألوف أمثال يوسف الصديق الذي أنقذ مصر من سنوات الجفاف (مع حفظ مقام النبوة)، لكن هل يتراجع النظام المستبد ويتخذ خطوة للخلف، ويفرج عن المعتقلين شرفاء الوطن، لصالح الشعب المصري كله؟!
إننا أمام كارثة حقيقية، تستدعي من هؤلاء التراجع من أجل إنقاذ شعب مصر المسكين، تكفي كل تلك الحوادث بمحاكمة حكومات كاملة وليس مجرد استقالة وزير أو رئيس هيئة. لكن العسكر لا يحاكمون العسكر لأنهم لصوص حاكمة للدولة المصرية، اللهم احرس شعب مصر واحفظه من الأمراض والأوبئة وكل شعوب العالم، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست