أغلب المحللين الاقتصادين ينسون أو يتناسون عن قصد الحديث عن المستفيد الحقيقي من الأزمة العالمية الحالية، حيث يقوم هؤلاء المحللون بتحليلات أفقية جوفاء لا يسع للمتابع العادي فهمها، حيث إن أغلبية الناس لم يفهموا إلى حد الساعة سبب الأزمة المالية العالمية، وهو ما يمكن اعتباره تعتيمًا إعلاميًّا واضحًا من أجل تغييب الشعوب عن الواقع، رغم التغطية الإعلامية الهائلة لتداعيات الأزمة المالية العالمية.
فإذا كانت دول العالم لها مديونية ضخمة بآلاف المليارات للبنك الدولي، والذي يعتبر أغلب مموليه أشخاصًا مجهولين، فمن الدائن الحقيقي لدول العالم؟ ومن لديهم القدرة على إصدار قروض بهذه الضخامة؟ ومن المستفيد من الأزمة المالية الحالية؟
يظهر الأثر الكبير لتداعيات الأزمة المالية الحالية على الولايات المتحدة في مديونيتها الهائلة، فأمريكا لها مديونية بنسبة 400%، وهو ما يعني أن الديون المستحقة عليها تساوي أربعة أضعاف مدخولها القومي، وهذا إن دل فإنه يدل أن أمريكا مدينة للبنك الدولي إلى الأبد، ومن المستحيل لها تسديد ديونها، ورغم كل سياسات التقشف وضخ السيولة في الأبناك والأسواق المتعثرة، إلا أن فاعليتها على أرض الواقع محدودة، ويمكن اعتبارها مجرد مسكنات من أجل إنعاش الاقتصادات المتضررة لأطول وقت ممكن وهو ما ينذر بأن السقوط وشيك.
يمكن تأطير البنك الدولي على أنه مؤسسة مالية عالمية تشرف عليها الأمم المتحدة وتم تأسيسها بعد الحرب العالمية الثانية من أجل إعادة الإعمار في البلدان المتضررة من الحرب العالمية الثانية وتنمية المستوى الاقتصادي للدول الأخرى عبر إقراضهم من البنك الدولي لإنجاز مشاريع تنموية.
لكن الواقع ينفي أهداف البنك الدولي المعلنة في التنمية والتطوير، فهذا الأخير هو مؤسسة مالية ربوية يشرف عليها متخصصون ماليون (يسميهم البعض القتلة الاقتصاديين) حيث يقوم البنك بتقديم قروض مالية بشروط تسهيلية من أجل إغراء حكومات البلدان المستهدفة وإدخالها في دائرة من الديون التعجيزية؛ مما يجعلها أسيرة له في آخر المطاف، وهو ما يسهل بالتالي على البنك الدولي التحكم بسياسات الدول المالية والاقتصادية وتطبيق القاعدة المعروفة “الذي يملك هو الذي يحكم”.
وهنا يكمن السؤال الأهم من يتحكم بالبنك الدولي؟
والذي يعتبر الدائن الرئيسي لدول العالم، والإجابة عن هذا السؤال تأخذنا إلى العائلات الرأسمالية الفاحشة الثراء والتي تقدر ثروتها بـ500 تريليون دولار، أي نصف ثروة العالم، ورغم أن هذه العائلات الثرية لا تظهر أسماء أفرادها في مجلة “فوربس” المتخصصة بإحصاء ورصد ثروات أغنياء العالم إلا أن ثقلهم السياسي والاقتصادي يبقى حاضرًا عن طريق البنك الدولي والشركات الضخمة العابرة للقارات المملوكة لهم، التي تعتبر في حد ذاتها دول أخطبوطية.
فأمريكا وحدها تدين بـ18 تريليون دولار للبنك الدولي وهذا ما يجعل أمريكا نفسها أمة ذليلة تحت رحمة البنك الدولي المسيطر عليه من طرف هذه العائلات الثرية، وهو ما يفسر سياستها الصهيونية الواضحة.
لكن التساؤل الأهم في هذه المرحلة حول الآلية التي تحافظ على استمرارية أمريكا في هذه الأزمة؟ وهنا تظهر أهمية الأوبك (منظمة الدول المصدرة للبترول) في أنها المؤسسة الرسمية الرئيسية التي تقوم بالتحكم في أسواق النفط، حيث تقوم المنظمة العالمية بتسعير النفط بالدولار الأمريكي، فعندما تقوم الدول بتصدير النفط تتسلم عائداته بالدولار الأمريكي، في الوقت نفسه يؤدي انخفاض الدولار إلى زيادة الطلب على النفط، حيث إن هناك علاقة عكسية بين قيمة الدولار وأسعار النفط، وكلما انخفضت قيمة الدولار ارتفعت أسعار النفط.
وتأتي أهمية الدولار الأمريكي في كونه العملة الوحيدة التي يمكن بها شراء النفط أهم مصدر للطاقة في العالم، وهنا يظهر الدور المحوري لمنظمة الأوبك في استمرار إنعاش الإمبراطورية الأمريكية المتهالكة.
بالرجوع إلى أزمة إنفلونزا الخنازير التي انتشرت بسرعة في العالم في السنوات السابقة، والتي صاحبها تهويل إعلامي ضخم من أن المرض سيقضي على ثلث سكان الأرض ومن أن عدد الوفيات سيصل إلى ملياري إنسان حيث كان الهدف الحقيقي من هذه الحملة الإعلامية الهائلة هو إخافة الرأي العام ودفع الناس إلى شراء اللقاحات، والتي استفادت منها شركات الأدوية الكبرى التي قامت باحتكار صناعة هذه اللقاحات، وقامت ببيعه بأسعار باهظة، وتجدر الإشارة أن شركات الأدوية هذه تابعة لعائلات ثرية مشهورة والتي استطاعت بدورها تحقيق أرباح طائلة في مدة زمنية قصيرة لا تتجاوز ستة أشهر فاقت ثروة “بيل جيتس” (أغنى رجل في العالم حسب مجلة فوربس) التي جمعها طوال أيام عمره.
والأحداث السابقة تؤكد وجود لوبيات ضخمة خفية تتحكم بمجريات الأمور في العالم من خلف الستار، وتجعلنا نشكك في مصداقية هيئة الصحة العالمية ومن ورائها باقي المنظمات العالمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، وهذا يعطينا اليقين بأن أغلب الأزمات العالمية الكبرى في العالم ما هي إلا مخططات احترافية من طرف تجار الأزمات للكسب السريع للأموال على حساب الشعوب.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست