«إن الحب في العالم العربي سجين، وأنا أريد تحرير الحس والجسد العربي بشعري، إن العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمعنا غير سليمة».
نزار قباني
مع اقتراب عيد الحب، تولي الشركات اهتمامًا كبيرًا لهذه التيمة، وتغير إستراتيجيتها التسويقية والإعلانية لتواكب الموجة، ولا عيب في نشر الحب وعبارات الإطراء، مع كل المآسي التي نعيشها اليوم؛ لكن ما لم يتم حسبانه أن تخلق عبارات من قبيل أحبك، واشتقت إليك، نقاشًا مجتمعيًّا واسعًا، حول ما إن كانت هذه العبارات صالحة لتُكتب على منتج مغربي موجه للسوق المغربية، حيث عجت مجموعات «فيسبوكية» بالمغرب في الساعات الماضية، بحملة مقاطعة لبيسكويت «مريندينا»، بسبب «إيحاءات خادشة للحياء لا تناسب الجيل الناشئ» ،علمًا أن المنتج لا يتوجه بالأساس للأطفال وحدهم.
السؤال الذي ما ننفك نثيره، هل الحب يخدش حياء الأطفال؟ هل تعبيرنا عن مشاعرنا قد ينتج عنه انحلال أخلاقي داخل صفوف المراهقين؟ أم الكبت العاطفي هو سبب كل المشاكل؟ لقد تطور الأمر سريعًا ليصبح بين تجار المواد الغذائية والشركة المنتجة، الذين قاطع بعضهم المنتج تحت ذريعة الترويج للفسق والفجور، ودعوا في بلاغاتهم باقي التجار لعدم المساهمة في انتشار المنتج، الذي تكتب عليه عباره «أحبك»، فأي منطق سوي يخشى الحب، وكلنا نتاج علاقات حب، ونعيش مع من نحب وله، أناس يقفون بأسلحة ضد الحب، ويرتمون في أحضانه ليلًا، ويتلون ترانيمه ويخشون غضبه، ويقدمون قرابينه لأفروديت عساه يستمر، لا نتحدث اليوم عن العيب في الحب، بل كله عيب عندما يتعلق الأمر بالتعبير عنه، نتلعثم وتتعرق راحتنا ونحس بدوار خفيف، دائمًا ما نهول أمر المشاعر عندما تكون جميلة، أما إن كتب على غلاف البسكويت «بعد مني»،«أتحداك»،» كن رجلا» وغيرها من العبارات المسمومة، لن تقام الأرض كما تم عندما تعلق الأمر بالاشتياق والهيام.
في تصريح سابق لعالم الاجتماع النفسي محسن بنزاكور، لموقع «يا بلادي»، فإن المغاربة لا يقولون «كنحبك (أحبك) بل كنبغيك (أريدك)»، واستشهادا بمجموع الدراسات التي قام بها، فإنه يعترف بأن المغاربة «لا يتعلمون داخل المنزل التعبير عن المشاعر التي يعيشونها»، مما يعني في نظره أن «هناك نقصًا ثقافيًّا في العواطف والذكاء العاطفي، هذا النقص، أو اقتران التعبير عن الأحاسيس بالضعف»، هو ما يجعل البعض ينتفض ضد منتج قرر أن يكتب بالخط العريض، كلمات تعبر عن الحب أو الاشتياق، والحنين الى غيرها من المشاعر الجميلة، في السياق نفسه، سبق وأن أكد الدكتور شكيب كسوس المختص في الأنثروبولوجيا، أن المغاربة يجدون صعوبةً كبيرةً في التعبير عن مشاعرهم، هذا راجع الى عدم القدرة، وليس نقص المشاعر، «هذا لا يعني أنهم لا يحبون بعضهم بعضًا، فهناك أزواج يعشقون بعضهم بعضًا» لكن «مظهر التعبير عن الحب في المجتمع المغربي، ليس مرئيًّا كما هو الحال في المجتمعات الأخرى».

مصدر الصورة: سوشيال ميديا
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست