في بداية أي شيء نحن لسنا بصَدَد جدال عن وجود الله من عدمه والعياذ بالله، فالله أرقى وأرفع من ذلك بكثير، ولكن دعنا نُحرك الكُتلة المُتحجرة في رؤوس بعض مُنعدمي التفكير «المُلحدين» وأن ندخل في لبّ الموضوع بإيجاز وتوضيح بسيط.

فماذا لو قُلت لك إنني أغدق على العالم من خيراتي وأنني أمتلك الهبات والمُعجزات وأني اُحيي واُميت وأعتلي السُحب وادعيتُ الألوهية بمعناها ومفهومها العام وألا وهُو الإيمان بأن هناك رب واحد على الأقل؟

بالطبع ستتهمني بالجنون والهرطقة وقد تُهشم رأسي إربًا!

فما معنى أن تصدُق بوجود «الله» رغم أنك لم تره ولم تصدُقني فيما أقول وأدعي؟

ربما نصيغ الإجابة من ذات السؤال نفسه، حيثُ أن ادعائي الأول «بالألوهية» قد سقط من فوهة عقلك ولم تقدر على التماس مصداقيته واستيعابه لذا فهذا هو الدليل القاطع على مكنونية وجود الله، حيث أن عقلك لم يُتح لك التفكير بوجود إله غير المُبرمَج في عقلك وليست برمجة بمعناها الحرفي ألا وأنه شيء أشبه بالترسيخ داخل ذهنك بأن الله موجود بخلاف إيضاح «القرآن والأحاديث والسنة النبوية وخلاف ذلك»، المغزى هنا ليس بتأكيد أن الله موجود والدليل وجود «القرآن والأحاديث والأنبياء… إلخ»، بل أنني أتحدث معك بالفطرة، الفطرة التي تولد بداخلك، بداخل عقلك فما من مولود إلا يولد على الفطرة، حيث إن الإنسان يولد مع معرفة فطرية عن التوحيد بداخل عقله الذي أنكر ألوهيتي وصدق بألوهية الله سبحانه وتعالى دون النظر إلى بوادره وهباته ومعجزاته ولكن ذهنك تلقائيًا آمن بوجود شيء خارق للطبيعة ولا ينتمى لقوانين الفيزياء، شيء قد سطح الأرض ورفع السماء وأجرى الأنهار والبحار وأشرق شمسًا وبزغ قمرًا، لذا فكما قُلنا إن عقلك مُبرمج تلقائيًا باستشعار «الله» وهذا دليل على مكنونية وجود الله سبحانه وتعالى.

فحلق بخيالك معي إن كُنت أنت تجلس وحيدًا في جزيرة نائية لا يقطنيها بشر إلا أنت البشري الوحيد. تجلس وحيدًا تنمو ثمار نبتت عن طريق الأمطار المُستنزفة من السُحب عليها فتلتقط منها ما يسُد ويشبع جُوعك وتزدرد من المياه ما يروي ظمأك وتنعم بدفء الشمس وتعد النعم التي اُغدقت عليك من حاسة الشم والبصر والتذوق واللمس والاحساس والإدراك وما إلى ذلك!

بالتأكيد سيجوب عقلك مساحات شاسعة من التفكير بكيفية خلقك ووجودك ووجود تلك النعم التي جعلتك تُكمل مسيرتك المنقوصة من شيء واحد وهو من وهب تلك النعم؟ وعندئذ فتلقائيًا ستجد البُرهان الذي يثبت لك أن عقلك يعرف الصراط المُستقيم إلى الله تلقائيًا.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

علامات

الإله, الله
عرض التعليقات
تحميل المزيد