يضع الكيان الصهيوني القارة الأفريقية كهدف إستراتيجي، وهذا لما تمثله هذه القارة من ثقل سياسي، ومورد اقتصادي، وسوق مفتوحة، ولهذا فهو يبحث عن أي فرصة للتغلل، والدخول في ظل سلسلة. التطبيعات الواسعة التي شملت مختلف الدول العربية.
وعلى الرغم من انتقال العلاقات المغربية مع الكيان إلى مستوى أعلى وأعمق إلى أن البحث عن شريك آخر، والتوسع في القارة ما زال خيارًا متاحًا. وفي مثل هذه الحالات تعتبر الدول الضعيفة التي تعاني من هشاشة سياسية ونزاعات هي الوجهة الأولى ومن بينها ليبيا.
إن الأزمة الليبية التي تمتد لسنوات سابقة مع بداية الثورة أدت إلى خسائر مادية وبشرية كثيرة، وأصبحت تعتبر من أكثر المناطق العربية المتضررة من التدخلات الأجنبية، والحروب الأهلية، والخلافات على الحكم. ولكن تشهد الساحة الليبية في الفترة الأخيرة محاولات للتسوية والانتقال نحول الحل السلمي الليبي – الليبي بدعم عربي وأفريقي ودولي.
وتجري الان التجهيزات للقيام بالانتخابات الرئاسية الليبية المزمع عقدها في 24 من ديسمبر (كانون الأول) وقد تم إغلاق باب الترشح للانتخابات الرئاسية، وأعلنت مفوضية الانتخابات أنها تلقت أوراقًا أكثر من 90 مرشحًا من بينهم اللواء خليفة حفتر الذي أودع رسميًا ترشيحه للانتخابات الرئاسية الليبية.
ولكن هل سيستغل الكيان الصهيوني هذه الأوضاع الليبية المضطربة للتاُثير على مسار الانتخابات؟
إذا ما اراد الكيان أن يتغلغل بشكل واسع وعميق في أفريقيا فانه سيعمل على التطبيع مع مزيد من الدول، وأيضًا فتح المجال أمام تحسين علاقات مع صناع القرار في هذه الدول أو حتى الضغط واستعمال كل الأساليب اللامشروعة لخلق طبقة من صناع القرار الداعمين لتواجد الكيان في أفريقيا وليبيا من الدول المهمة في القارة الأفريقية فهي بوابة واسعة تفتح المجال للكيان للتغلغل في كل الاتجاهات، بالإضافة إلى أنها دولة غنية بالموارد الطاقوية والموارد الطبيعية.
تداولت وسائل الاعلام اخبار عن وجود لقاءات سرية بين الكيان ومحور اللواء حفتر حيث ذكرت صحيفة «هآرتس» أن «النقيب صدام حفتر نجل اللواء خليفة قد زار الكيان سرًا، وناقش مع مسؤولين هناك مسألة الانتخابات المرتقبة»، مؤكدة أن نجل حفتر وصل مطار بن غوريون قادمًا من دبي، حيث مكث حوالي 90 دقيقة، قبل أن تقلع طائرته باتجاه ليبيا.
وزعمت الصحيفة بأن «حفتر ونجله يسعيان إلى الحصول على مساعدة عسكرية ودبلوماسية من إسرائيل في الانتخابات القادمة نظير التطبيع مع إسرائيل فور وصول حفتر لرئاسة ليبيا»، مشيرة إلى أن حفتر أجرى اتصالات سرية مع إسرائيل، كما نشرت.
في ظل كل هذه الأحداث والتصريحات الصحافية لم يعبر أي طرف بشكل صريح عن صحة الأخبار المتداولة وبقي الكيان في حالة من الصمت تخوفًا من الصدام مع القوى الموجودة مسبقًا في لبيبا، وبالإضافة إلى أن اللواء حفتر لم يتطرق للتطبيع في حملته الانتخابية، كون الشعب الليبي ينظر إلى إسرائيل على أنها دولة عدو، وأي حديث عن التطبيع سيقوّض فرصه في الفوز بالانتخابات الرئاسية.
ولكن هل يقتصر الأمر على حفتر؟ أم أن هناك جهات ليبية أخرى ترغب في التطبيع؟
تصف الكثير من وسائل الإعلام العلاقات بين القذافي والكيان بالتاريخية، حيث كشفت صحيفة «هآرتس» عن وجود علاقات سرية بين تل أبيب ونظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي أدارها نجله سيف الإسلام بوساطة من رجال أعمال يهود من أصول ليبية، وذلك قبل اندلاع الثورة التي أطاحت بوالده عام 2011. ولكن من وجهة نظر أخرى كان الزعيم الراحل القذافي من أشد الداعمين العلنيين للقضية الفلسطينية، وعمل دائمًا على تمويل وتدريب الفصائل الفلسطينية ومدها بالأسلحة. لهذا ارتبطت تهمة عقد العلاقات السرية مع الكيان بنجله سيف الإسلام حيث كانت له علاقات مع شخصيات يهودية من أصول ليبية بحسب محلل الشؤون الاستخباراتية يوسي ميلمان. ويرجح الكثير من المحللين أن يأتي التطبيع متدرجًا ومن وراء الكواليس، سواء بفوز حفتر أو سيف الإسلام.
هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست